تزايدت حالات الإصابة بكوفيد -19 في العالم إلى 100 مليون، يوم الثلاثاء، محطمة رقما قياسيا كئيبا آخر، وفقا لمركز علوم وهندسة النظم بجامعة جونز هوبكنز. وطوال عام ساده الوباء، وفي وقت تجتاح فيه موجات الفيروس ومتغيراته سريعة الانتشار العالم، ورغم كل ذلك، فإن جهود البشرية للقضاء على المرض، تكون في بعض الأحيان وفي بعض الأماكن متأخرة أو تمضي بطريق الخطأ، مثل نتائج الاختبارات المتأخرة، وتحدي الناس للقيود الاحترازية الضرورية، وآخرها التوزيع غير المتوازن للقاحات. وفي سباق الحياة أو الموت هذا، بين الجنس البشري والفيروس، كان كوفيد-19 قد أخذ الجميع على حين غرّة، في البداية. ولكن تدابير مكافحة الفيروس مثل عمليات الإغلاق والدعوات لارتداء الكمامات، أخذت تكتسب شعبية متزايدة، مع العمل الأسرع من أي وقت مضى، على اللقاحات التي من المتوقع أن تؤدي إلى إنهاء الوباء. الآن، وبعد أن أصيب أكثر من شخص من بين كل 80 شخصا في جميع أنحاء العالم بفيروس كورونا الجديد، يظهر المجتمع العالمي تماسكا بشكل لم يحدث من قبل، مع نفس ذاكرة الألم والأمل في الحياة الطبيعية. لقد بذل البشر جهودا كبيرة للقضاء على الفيروس، ورغم كل الصعاب في المستقبل، هناك قوة هائلة لتماسك المجتمع العالمي يدا بيد. -- ضرورة تعزيز الاستجابة لمكافحة الفيروس بعد تفشيه، كان وباء كوفيد-19 في تصاعد قوي. واستغرق الأمر عدة أشهر حتى تجاوزت الإصابات به في العالم، علامة الـ10 ملايين منذ أول حالة تم الإبلاغ عنها، ولكنه لم يستغرق سوى نحو أسبوعين ليضيف 10 ملايين أخرى، من 90 مليونا. حتى الآن، لا تزال الآفاق غير مطمئنة. لقد أعلنت منظمة الصحة العالمية، في 20 يناير، أن نوعا متغيرا من فيروس كورونا سريع الانتشار، تم الإبلاغ عنه لأول مرة في بريطانيا، قد تم رصده في 60 دولة على الأقل. وهناك بعض الدول قد شهدت تسجيل الرقم القياسي بعد الآخر في الزيادات اليومية. ومع وجود أكثر من 100 ألف حالة جديدة كل يوم، ولعدة أسابيع، سجلت الولايات المتحدة رقما قياسيًا عالميا قاسيا لم يُكسّر حتى الآن. والمستشفيات التي تعاني من نقص الطواقم ظلت تعاني أيضا من عدم كفاية أسِرَّة المرضى. وارتفعت الوفيات أيضا بسرعة كبيرة لدرجة أن مقاطعة في تكساس، على سبيل المثال، استخدمت ثلاجات مؤقتة لخزن الجثث. والأداء في أجزاء أخرى من العالم لم يكن أفضل بكثير. لنأخذ اليابان كمثال: فنظامها الطبي مرهق لدرجة أن بعض المستشفيات اضطرت إلى رفض استقبال المرضى. وفي خارج المستشفيات، تسبب الوباء بأضرار واسعة النطاق، حيث أنه دفع الاقتصاد إلى هاوية. فوسط عمليات الإغلاق، تقدم عدد لا يحصى من الشركات في جميع أنحاء العالم بطلب إشهار الإفلاس، تاركة العمال المسرحين في وضع حرج. في تقرير للبنك الدولي، صدر في يناير، من المتوقع أن ينمو الناتج الاقتصادي العالمي بـ4 في المائة في عام 2021، لكنه لا يزال أقل بأكثر من 5 في المائة المتوقعة قبل الوباء. كانت هناك الكثير من الاستجابات الفاشلة لمواجهة الفيروس، وهو فيروس مجهول أصله وعلاجه. على سبيل المثال، كانت هناك الفكرة الخاطئة الداعية لحقن الناس بالمطهر كعلاج محتمل، والجدل الدائر حول مفهوم مناعة القطيع، واختطاف المواد الطبية من دول أخرى. حاليا، أصبحت البشرية مجهزة بشكل أفضل عبر المزيد من المعرفة والإجماع. في أوروبا، التي تعرضت لموجة ثانية بكوفيد-19 أكثر فتكا من الأولى، بدأت العديد من الدول العام الجديد، بإغلاق أو حظر تجول مبكر. قامت السويد بتشديد قواعد التباعد الاجتماعي، وفرضت بريطانيا عدة جولات من الإغلاق الوطني. وفي استجابة سريعة لمواجهة النوع المتغير الأكثر عدوى، أعلنت عشرات الدول حظرا أو قيودا على السفر من بريطانيا. عندما بدأ كوفيد-19 التفشي في الصين، خلال فترة الاحتفال بالسنة الجديدة التقليدية المتميزة بتنقلات سكانية هائلة، تم التفعيل السريع لنظام محكم للسيطرة على الفيروس، يشمل جميع قطاعات المجتمع، وتميز بالتدخل المبكر لكسر سلاسل انتقال العدوى، وتحقيق خط دفاعي في مجتمع يخضع لرقابة جيدة، وغيرها من الإجراءات. حاليا، تمكنت الصين من السيطرة على الفيروس منذ فترة طويلة، وأصبحت أول اقتصاد رئيسي يعود إلى النمو، وهو دليل على فعالية تدابير مكافحة الوباء، مثل سياسة ارتداء الكمامات بشكل إلزامي، واستخدام رموز الاستجابة السريعة ثنائية الأبعاد (QR) الصحية، بموافقة من الجماهير، وقواعد الحجر الصحي الصارمة. قال إعجاز أحمد خان، المتخصص في الأمراض المعدية في مستشفى الشفاء الدولي في إسلام أباد "لقد أظهر هذا الوباء أن الصين قامت بعمل رائع ليحذو العالم حذوه"، و"حتى بعد عام واحد، لا تزال الصين في حالة تأهب. ولهذا السبب، نرى حالات قليلة جدا، بينما العالم يكافح حاليا من أجل كبح الوباء". -- تعزيز توزيع اللقاحات قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في 21 يناير، إن التلقيح ضد كوفيد-19 جار حاليا في أكثر من 50 دولة، واصفا ذلك بـ"إنجاز علمي مذهل ومصدر أمل نحتاجه بشدة" لتطوير لقاحات آمنة وفعالة تتم الموافقة عليها في أقل من عام. وفي حشدها للمواهب والأموال، تحقق البشرية النصر في السباق ضد فيروس كورونا الجديد. ومن أجل إزالة الشكوك، وطمأنة الناس بشأن سلامة اللقاحات، تلقى قادة ومسؤولون رفيعو المستوى في دول مثل إندونيسيا وتركيا، جرعة من اللقاح مباشرة على شاشة التلفزيون، قبل توزيعه بشكل جماعي. ورغم هذه الأخبار السارة، كان توزيع اللقاحات أمرا مقلقا. ففي الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن البلاد كانت من بين أول من طور واعتمد لقاحات كوفيد-19، لكن الأمريكيين الذي أعدوا سواعدهم لتلقي جرعة اللقاح، لم يجدوا سوى سوء التنظيم، مثل القفز في طابور الانتظار، والإتلاف المتعمد للجرعات في بعض الولايات. جاء في افتتاحية لصحيفة ((نيويورك تايمز))، أنه "لقد فشلت عملية "راب سبيد" في الاقتراب من هدفها الأصلي المتمثل في تطعيم 20 مليون شخص ضد فيروس كورونا بحلول نهاية عام 2020"، و"هذا فشل صادم". أما خارج هذا الجزء المتقدم من العالم، فقد كان الاختلال في التوزيع يلوح في الأفق بشكل كبير. فقد تم حتى الآن إعطاء أكثر من 39 مليون جرعة من اللقاح في 49 دولة على الأقل من الدول ذات الدخل المرتفع، ولكن لم يتم تقديم سوى 25 جرعة فقط في أحد البلدان ذات الدخل المنخفض، وفقا لما قاله المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الذي حذر من "فشل أخلاقي كارثي". وبعد أسبوع، أضاف تيدروس، مُستشهدا بدراستين جديدتين، أنه سيكون أيضا فشلا اقتصاديا إذا لم يوفر العالم وصولا عادلا للقاحات. وقال في إيجاز إعلامي إن "قومية اللقاح قد تخدم أهدافا سياسية قصيرة المدى"، و"لكن من المصلحة الاقتصادية لكل دولة على المدى المتوسط والطويل، دعم المساواة في اللقاحات". الأمل يلوح في الأفق. لقد تم إطلاق خطة عالمية تسمى "كوفاكس" لتوفير وصول مبتكر ومنصف إلى تشخيصات وعلاجات ولقاحات كوفيد-19. وبعد الأخطاء التي ارتكبت خلال أوبئة مثل نقص المناعة البشرية، وأنفلزنزا H1N1، قال تيدروس "أمامنا فرصة للتغلب على التاريخ". وفي تحصين خط دفاعي يشمل كل البشر، الأغنياء والفقراء، هناك دور للصين. وهناك لقاحات تعتبر آمنة وفعالة وسهلة التخزين، من منتجين صينيين، تمت المصادقة عليها في دول مثل البرازيل وتشيلي وتركيا ومصر والعراق وإندونيسيا وباكستان وصربيا. التوقعات عالية فعلا. فعندما وصلت مليون جرعة من لقاح سينوفارم الصيني المضاد لفيروس كورونا الجديد، إلى مطار بلغراد في منتصف يناير، كان الرئيس الصربي الكسندر فوتشيتش على رأس من استقبلوا الشحنة. وقال "كشخص عادي وكرئيس لصربيا، أنا مقتنع بجودة اللقاح الصيني". وقال رافائيل فيلاسانجوان، مدير قسم في معهد برشلونة للصحة العالمية، في حديث مع ((شينخوا)) مؤخرا "إن تلقيح قسم فقط من سكان العالم لن يكون الحل، لأن العالم في حركة مستمرة"، و"لذلك من الضروري فهم أنه إذا كانت المشكلة عالمية، فالحل عالمي أيضا". - الوباء يمثل نداء استيقاظ الآن، وبعد أن وصل كوفيد-19 إلى علامة كئيبة تلو الأخرى، أصبحت التساؤلات حول نهايته أكثر إلحاحا. لا توجد إجابة سهلة، لكن التاريخ يمكن أن يكون بمثابة تذكير. ففي سباق تتابع استمر لعقود من الزمن، للعلماء والأطباء والحكومات، على سبيل المثال، أصبح عدد متزايد من الأمراض التي كانت تعتبر غير قابلة للشفاء، مثل السكري والسرطان والإيدز، تحت السيطرة إلى حد ما من خلال أدوية جديدة. ومرة بعد أخرى، اتحد البشر كشخص واحد، واكتسبوا ميزة على الأعداء المشتركين، وأنقذوا المجتمع بأسره. ومن رماد الحرب العالمية الثانية، برزت الأمم المتحدة بتوافق الآراء حول السلام والتعددية. ومنذ كارثة تسونامي عام 2004 عبر المحيط الهندي، إلى زلزال هايتي عام 2010، هبّت مجموعات من الفرق الدولية دوما للانقاذ. إضافة لذلك، تم وضع الإرهاب تحت خناق شديد، بفضل تحالف عسكري عالمي. هذا الوباء ليس استثناءً. قال مايكل رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، في ديسمبر، "إنه نداء للاستيقاظ"، و"إذا كان هناك شيء واحد علينا أخذه من هذا الوباء، رغم كل المآسي والخسائر، (هو) أننا بحاجة إلى العمل معا". وخلال الوقت الصعب، كانت المساعدة المتبادلة تتدفق. ففي وقت مبكر من يناير 2020، قدمت الصين إلى منظمة الصحة العالمية تسلسل جينوم الفيروس، وتشاطرته عالميا، وكان ذلك دعما هائلا للبحوث في المرض ولقاحاته. ومع بداية شهر يوليو، قالت كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية، ساوميا سواميناثان، إن هناك بالفعل أكثر من 60 ألف تسلسل، تم تشاطرها. وقالت أيضا "أعتقد أن هذه ربما هي المرة الأولى التي نرى فيها جميع الدول تقريبا مستعدة لمشاركة بيانات التسلسل الجيني لهذا الفيروس في قاعدة بيانات عامة من خلال المبادرة العلمية العالمية (GISAID)، ومن خلال منصة المعلومات العالمية ( GENBANK)". عند ظهر يوم الـ5 من فبراير 2020، تلقت الصين، التي كانت حينئذ بؤرة انتشار كوفيد-19، إمدادات للوقاية والسيطرة من 21 دولة. بعد ذلك ضرب الفيروس العالم كله، وردّت الصين الجميل. لقد أرسلت إيطاليا 40 ألف كمامة إلى الصين بمجرد اندلاع الأزمة الصحية في ووهان. في وقت لاحق، ردت الصين الجميل وتبرعت بملايين الكمامات عندما استشرى كوفيد-19 في إيطاليا. وحتى يناير الجاري، قدمت الصين المساعدة لأكثر من 150 دولة، وأرسلت الفرق الطبية إلى من يحتاجها، وقدمت التمويل لوكالات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومنها منظمة الصحة العالمية، وزودت الدول في جميع أنحاء العالم بأكثر من 220 مليار قناع وجه، و2.25 مليار بدلة واقية، وأكثر من مليار مجموعة اختبار. قال تيدروس في الـ8 من يناير، خلال مؤتمر صحفي افتراضي حول كوفيد-19: "تذكروا، إن إنهاء هذا الوباء هو أحد أعظم سباقات البشرية، وسواء أحببنا ذلك أم لا، فسوف نفوز أو نخسر هذا السباق معا".
مشاركة :