من الرسائل التي وصلتني عبر بريدي الإلكتروني بعد كتابة مقالي فرصة ثانية، هذه الرسالة التي استوقفتني كلمات صاحبها لأنها تحمل فكرا وحقيقة نغفل عنها كثيرا، وهي ضرورة دعم شبابنا في بداياتهم مهما كانت هذه البدايات. الأغلبية منا حين تسمع عن نجاح شاب سعودي سواء على المستوى المحلي أو العالمي وحصوله على جائزة أو تكريم، فإنها تتسابق للحديث عنه بفخر واعتزاز من صحف وأعلام وقنوات فضائية، لكننا لم نتوقف يوما لنتساءل: لماذا لم نكن معه في بداياته فنسهم بدعمه حتى نختصر عليه الكثير من الطريق. كثير من شبابنا، وخاصة من لا يجد الدعم النفسي والأسري والمجتمعي، يتوقف في منتصف الطريق معلنا فشله واستسلامه؛ لأن التيار أقوى بكثير من مقاومته، وبذلك نفقد إمكانات وقدرات شاب طموح ربما لو سنحت له الفرصة لكان له أثر لا يمحى في مسيرة وطنه. يقول صاحب الرسالة “أستاذة سلوى، تحدثت في مقالك عن الفرص التي تأتي عقب اتخاذنا لقرار نحقق من خلاله الرضا عن حياتنا ولا نخضع فيه لتقييم الآخرين. أنا شاب نشأت في بيئة محبطة روتينية لا تهتم إلا بالدرجات التي أقوم بتحصيلها في الدراسة، ولذلك أصبحت وإخوتي مبرمجين على التفوق لا لأننا نؤمن به؛ بل لأنه مفروض علينا. افتقدت الحنان من أمي سيدة الأعمال، ومن والدي الذي يقضي جل وقته في مستشفاه الخاص. الخدم يعرفون عن خصوصياتي أكثر مما يعرف أبي وأمي. حين تخرجت بامتياز، وأنا بالمناسبة أصغرهم، قررت أن أدرس “حاسب آلي” لعشقي لهذا المجال، ولكن أمي وأبي وإخواني وقفوا لي بالمرصاد وأجبروني على دخول كلية الطب لأحمل حرف الدال مثلهم جميعا، رغم أن كل واحد فيهم لا يشعر بالآخر والعلاقات جامدة بينهم. قاومت فقاطعوني وحرموني المصروف وأصبحت منبوذا، إلى أن اضطررت للخضوع لهم فدخلت الطب ورسبت فيه سنوات عدة وطردت منه، فأذعنوا لرغبتي فدخلت كلية الحاسب وتخرجت فيها ولكن بلا روح ولا رغبة ولا أي هدف!لقد كنت بارعا في تصميم البرامج وكنت قاب قوسين أو أدنى من اختراع برنامج سيكتسح “الواتس آب” ويتفوق عليه، ولكني في لحظة انفعال حطمت جهازي فتحطمت معه كل أحلامي أمام تحكم أهلي في رغبتي وميولي! فأين الفرص التي تحدثت عنها؟! الشباب لا يريدون منكم أن تصفقوا لهم حين ينجحون؛ بل أن تأخذوا بأيديهم لتساعدوهم على تجاوز الفشل وتعنت الأهل! وخزة لن أعلق على رسالة هذا الشاب فكلماتها وما بين سطورها أكبر من كل تعليق، ولكني أبعثها لكل أب وأم يقتلون أبناءهم من حيث لا يشعرون!
مشاركة :