بعد عام 2020، يتوقع استقرار النمو العالمي عند نحو 3.5 في المائة، بدعم أساسي من النمو في الصين والهند وتزايد وزنيهما في الدخل العالمي. وسيستقر النمو في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية عند مستوى 5 في المائة، وإن كان سيتسم بتباين ملحوظ، حيث تواصل آسيا الصاعدة نموها بمعدل أسرع من المناطق الأخرى. وهناك نمط مشابه في البلدان منخفضة الدخل، حيث ينمو بعضها بسرعة، وخاصة البلدان المستوردة للسلع الأولية، ويتأخر النمو في غيرها عن ركب العالم المتقدم على أساس نصيب الفرد. وبينما يواصل الاقتصاد العالمي نموه بمعدل معقول والركود العالمي غير وارد في توقعات السيناريو الأساسي، فإن مخاطر التطورات السلبية كثيرة. فالتوترات المتعلقة بالسياسة التجارية يمكن أن تشتعل مجددا وتمتد إلى مجالات أخرى مثل صناعة السيارات، مع إحداث اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد العالمية. وقد يتعرض النمو في الاقتصادات المؤثرة في النظام العالمي مثل منطقة اليورو والصين لتطورات سلبية مفاجئة، كما أن المخاطر المحيطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا تزال عالية. ومن الممكن أن يؤدي حدوث تدهور في مزاج الأسواق إلى تشديد الأوضاع المالية بسرعة في بيئة تتسم بارتفاع دين القطاعين الخاص والعام في كثير من البلدان، بما في ذلك مخاطر الدخول في حلقة من الدمار المتبادل بين الكيانات السيادية والمصارف. ونظرا لهذه المخاطر، يتعين اجتناب الأخطاء المكلفة على صعيد السياسات. وينبغي لصناع السياسات العمل بصورة تعاونية للمساعدة على ضمان ألا يؤدي عدم اليقين بشأن السياسات إلى إضعاف الاستثمار. وسيكون على السياسة المالية العامة أن تدير المفاضلات بين دعم الطلب وحماية الإنفاق الاجتماعي وضمان بقاء الدين العام على مسار يمكن الاستمرار في تحمله، مع تحديد المزيج الأمثل حسب الظروف الخاصة بكل بلد. ويجب أن تعالج سياسات القطاع المالي مواطن الضعف بصورة استباقية بتعميم استخدام الأدوات الاحترازية الكلية، مثل احتياطيات رأس المال المعاكسة للاتجاهات الدورية، وهي مهمة تزداد إلحاحا بسبب إمكانية استمرار أسعار الفائدة المنخفضة لفترة أطول. وينبغي أن تظل السياسة النقدية معتمدة على البيانات، وقائمة على الإفصاح الجيد، وأن تضمن الحفاظ على ثبات التوقعات التضخمية. وفي جميع الاقتصادات، لا بد من اتخاذ إجراءات تدفع نمو الناتج الممكن، وتعزز طابعه الاحتوائي، وتدعم الصلابة في مواجهة الصدمات. وثمة حاجة إلى زيادة التعاون متعدد الأطراف لتسوية النزاعات التجارية، والتعامل مع تغير المناخ والمخاطر التي تهدد الأمن الإلكتروني، وتحسين فعالية النظام الضريبي الدولي. إننا نمر بلحظة فارقة بالنسبة للاقتصاد العالمي. فإذا لم تتحقق مخاطر التطورات السلبية وثبتت فعالية الدعم المقدم من السياسات، يتوقع أن يتعافى النمو العالمي. أما إذا تحقق أي من المخاطر الرئيسة، فقد ينحرف التعافي المتوقع عن مساره الصحيح في الاقتصادات الواقعة تحت وطأة الضغوط والاقتصادات المعتمدة على الصادرات والاقتصادات المثقلة بالديون. وفي تلك الحالة، سيحتاج صناع السياسات إلى التكيف مع الوضع القائم. وطبقا للظروف، قد يقتضي الأمر أن تقدم السياسة لكل الاقتصادات دفعة تنشيطية متزامنة تتوافق مع ظروف كل بلد، وتكون السياسة النقدية التيسيرية عنصرا مكملا لها. وأخيرا، فلا يزال من الضروري توفير الموارد الكافية للمؤسسات متعددة الأطراف للحفاظ على شبكة أمان عالمية فعالة، وهو ما يمكن أن يساعد على استقرار الاقتصاد العالمي.
مشاركة :