مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بـ2.3 بالمائة، وبتجاوز الرقم القياسي البالغ 100 تريليون يوان (15.42 تريليون دولار أمريكي)، تأتي البيانات الاقتصادية الصينية لعام 2020، الصادرة يوم الاثنين، لتؤكد على مرونة وحيوية ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وباعتباره الاقتصاد الرئيسي الوحيد في العالم الذي يسجل نموا إيجابيا في عام 2020 المتأثر بالوباء، يمثل الأداء الاقتصادي للصين وهو الأفضل من المتوقع، انتصارا كبيرا في المعركة العالمية ضد الفيروس، حيث يضخ الاقتصاد الصيني جرعة من المنشطات في الاقتصاد العالمي الذي يكافح من أجل التعافي من كوفيد-19. خطوة هائلة أخرى مع نمو مذهل بـ6.5 بالمائة في الربع الرابع من العام، نما الاقتصاد الصيني بـ2.3 بالمائة في عام 2020، ليصل إلى 101.6 تريليون يوان (15.66 تريليون دولار)، وفقا لبيانات من المكتب الوطني للإحصاء في الصين. قال نينغ جي تسه، رئيس المكتب الوطني للإحصاء، في مؤتمر صحفي، إنه على مدار 20 عاما، بدءا من عام 2000، عندما بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 10 تريليونات يوان (1.54 تريليون دولار)، نما الاقتصاد الصيني 10 مرات. وساهمت عوامل مؤاتية، منها مثلا النظام الصناعي المرن في الصين، وإمكانيات السوق الهائلة والبراعة التكنولوجية، ساهمت كلها في دفع النمو الذي فاق التوقعات. وكما ظهر من معطيات في المؤتمر الصحفي، فإن سوق العمل في الصين ظلت مستقرة في عام 2020، وبلغ معدل البطالة الذي شمله الاستطلاع في المناطق الحضرية، 5.6 بالمائة، وهو أقل من الهدف السنوي للحكومة، والبالغ حوالي 6 بالمائة. وارتفع الناتج الصناعي ذو القيمة المضافة بـ7.1 بالمائة على أساس سنوي في الربع الرابع من العام، متسارعا بـ1.3 نقطة مئوية عن الربع الثالث من العام الماضي. ولكل العام، ارتفع المؤشر بـ2.8 بالمائة على أساس سنوي. وشهد الاستثمار في الأصول الثابتة انتعاشا مطردا، وقفز بـ2.9 بالمائة على أساس سنوي في عام 2020، وكانت زيادة الاستثمارات في صناعات التكنولوجيا الفائقة والرعاية الصحية والتعليم، بمعدل أسرع من المتوسط. أما مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية، المتأثرة بالوباء، فقد هبطت بـ3.9 بالمائة على أساس سنوي في عام 2020. وانتعش المؤشر بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، حيث ارتفع 4.6 بالمائة على أساس سنوي في الربع الرابع، بزيادة 3.7 نقطة مئوية عنه في الربع الثالث. هذا النمو الذي تم تحقيقه بشق الأنفس، يرمز لمعلم آخر حققته الصين في تنميتها، ما يعني أن القوة الاقتصادية للصين، وقوتها العلمية والتكنولوجية، وقوتها الوطنية الشاملة، قد ارتقت جميعها خطوة هائلة أخرى، وفقا لنينغ. عودة للتعافي من الركود وباعتبارها أول دولة كبيرة تخرج من الوباء، تعرضت الصين أيضا لضربة قوية لاقتصادها. خلال المرحلة المبكرة من تفشي المرض، توقف الاقتصاد الصيني بشكل كبير، بعد أن ركزت البلاد كل جهودها لكبح الإصابات بالفيروس وإنقاذ الأرواح، وضغطت زر الإيقاف المؤقت في جميع أنشطتها الاقتصادية تقريبا. في الربع الأول من عام 2020، سجل الاقتصاد الصيني انكماشا نادرا بـ6.8 بالمائة. ومن خلال إجراءات حازمة وسريعة، تمكنت الصين بسرعة من وضع الوباء تحت السيطرة إلى حد كبير داخل حدودها، الأمر الذي مهد الطريق لثلاثة أرباع متتالية من الانتعاش، والتي اكتسبت المزيد من الحيوية بعد مجموعة من الإجراءات الحكومية مثل المزيد من الإنفاق المالي، والتخفيف الضريبي، وخفض معدلات الإقراض ومتطلبات احتياطي البنوك. قال يوشين غوللر، رئيس مجموعة ((بي أم دبليو)) (BMW) بمنطقة الصين "إن الجهود المنسقة التي بذلتها الصين على الصعيد الوطني، وصمودها القوي في كل من الكفاح الناجح ضد كوفيد-19 وفي تعزيز الانتعاش الاقتصادي في عام 2020، قد حققت نتائج هائلة". وقال كيويوكي سيغوتشي، مدير الأبحاث في معهد كانون الياباني للدراسات العالمية "إن نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2020، أعلى مما كنت أتوقع. وفي الربع الرابع، خاصة، تعافى الاستهلاك بسلاسة، وزخم النمو الاقتصادي كان قويا فعلا". وبالتطلع للمستقبل، تعهد صانعو السياسة في الصين بالحفاظ على سياساتها الكلية متسقة ومستقرة ومستدامة، والتي، كما قال العديد من المحللين، ستضمن الانتعاش الاقتصادي المستدام للبلاد في المستقبل. قاطرة مرنة للاقتصاد العالمي باعتبارها الاقتصاد الرئيسي الوحيد في العالم، والذي خرج منتصرا في معركته من أجل الانتعاش الاقتصادي، قدمت الصين للعالم المتأثر بالوباء، بصيصا ثمينا من الأمل للتعافي قريبا، ما يثبت أنها لا تزال قاطرة مرنة للاقتصاد العالمي. وكما أشار ماكس زنجلين، كبير الاقتصاديين في معهد ميركاتور للدراسات الصينية في برلين، فقد "قدمت التنمية الاقتصادية الصينية في عام 2020، بالتأكيد، واحدة من النقاط المضيئة القليلة في العالم". أما سيغوتشي، فأضاف أن "نمو الاقتصاد الصيني يلعب دورا أكبر وأقوى في دفع الاقتصاد العالمي"، متوقعا بأن الصين ستظل بمثابة دفعة قوية للاقتصاد العالمي في المستقبل، الأمر الذي يفيد أيضا إنتاج وصادرات الشركات اليابانية. يتوقع تقرير أحدث تقرير عن آفاق الاقتصاد العالمي، صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن الصين ستساهم بأكثر من ثلث النمو الاقتصادي العالمي في عام 2021. وفي وقت سابق من هذا الشهر، توقع صندوق النقد الدولي، أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 7.9 بالمائة في عام 2021، حيث تستمر الأنشطة الاقتصادية في التطبّع، ولا يزال تفشي كوفيد-19 محليا، تحت السيطرة. قال غوستافو جيرادو، مدير الدراسات العليا حول الصين المعاصرة في جامعة لانوس الوطنية الأرجنتينية، إن النمو الاقتصادي للصين ملحوظ فعلا. وبينما تميل بعض الاقتصادات إلى الانغلاق على نفسها خلال الأزمة، تختار الصين الانفتاح والتعاون على الصعيد العالمي، ما يدل مرة أخرى على استعدادها لمساعدة الاقتصاد العالمي على التعافي من الوباء، وفقا لقوله. قال جيون بيونغ-سيو، مدير معهد كوريا الجنوبية للأبحاث الاقتصادية والمالية المتعلقة بالصين "حاليا، ليس العالم هو الذي يعزز النمو الاقتصادي للصين، بل الصين هي التي تقود النمو العالمي".
مشاركة :