عرسال (لبنان) – يحبّ الكثير من الناس فصل الشتاء وتفاصيله، إلا أنّ هذا الفصل الممطر والبارد تحوّل إلى شبح مرعب يخافه أكثر من مليون لاجئ سوري يعيشون في مخيمات لبنان. وفي كل عام مع دخول الشتاء واشتداده خاصة في يناير، يواجه اللاجئون السوريون في بلدة عرسال اللبنانية مأساة البرد ونقص مصادر التدفئة، وتتراكم الثلوج على أسطح الخيام شبه البلاستيكية، التي لا تتحمل ثقلها فتتسرب المياه إلى داخلها لتصبح موحلة. وتقدر الحكومة اللبنانية عدد اللاجئين بـ1.5 مليون، يعيشون في لبنان الذي يشكو من تداعيات اقتصادية واجتماعية، خاصة في ظل معاناته حاليا أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975 - 1990)، بجانب تداعيات جائحة كورونا، وانفجار كارثي هزّ مرفأ العاصمة بيروت يوم 4 أغسطس الماضي. ويعيش أكثر من 1500 لاجئ في مخيمي “الطفيل” و”الأرزة الخضراء” في عرسال شرق لبنان، أوضاعا صعبة جراء النقص في المساعدات وخاصة مصادر التدفئة. وتفتقر معظم الخيم، البالغ عددها نحو 300، إلى الحد الأدنى من الاحتياجات الشتوية، من قبيل شوادر متينة تمنع تجمع الثلوج عليها، وحواجز تمنع تسرب المياه إلى داخلها. ويشتكي معظم اللاجئين بتلك الخيم من تراجع المساعدات الغذائية والملابس الشتوية للأطفال، التي كانت تقدمها الجمعيات الخيرية في ظل تفشي فايروس كورونا والأزمة الاقتصادية في لبنان. وتتعرض مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال لعواصف ثلجية، ما يزيد من معاناتهم، حيث تنخفض درجات الحرارة في الخيام ومنازل الصفيح والبلاستيك، إلى مستويات تحت الصفر. ويقول اللاجئ أدهم السوري (50 عاما) إن “الثلوج تتجمع على أسطح الخيم وبعدها تذوب وتتسرب المياه إلى الداخل، حيث تتبلل الفرشات التي ننام عليها”. وأشار إلى قلة الدعم من مادة المازوت (المستخدم في التدفئة) المقدمة للاجئين بشكل عام، حيث تصل كميات قليلة جدا منه، “ولا نعرف الأسباب، ربما الأزمة الاقتصادية في لبنان”. وأضاف أن اللاجئين لا يملكون "غير هذه الخيم لتقينا من المطر والثلج وهي دون عوازل". أما اللاجئ أبوطارق سلوم (60 عاما) فناشد الجمعيات الخيرية النظر إلى أحوالهم لعدم تلقيهم “أي مساعدات خلال العام الحالي”، متسائلا في حسرة “كيف نعيش؟ من أين نأتي بالطعام؟”. ويقول اللاجئ سالم التمري (55 عاما) “نحن نعيش هنا حياة صعبة، المياه تتدفق من تحت الخيام، حيث تبللت معظم ملابسنا وأغطيتنا”. ويوضّح التمري أن “الخيام مشققة وعندما يتجمع عليها الثلج ينكسر الخشب الذي تستند عليه وتنهدم على رؤوسنا”، لافتا إلى أنهم بحاجة إلى مدافئ ومواد غذائية ومادة المازوت وفروش وبطانيات. ويشير اللاجئ إلى أن كل عائلة لديها 5 أطفال تقريبا، ويعيشون في خيمة واحدة، وعندما تتضرر خيمتهم ينزحون إلى خيمة أخرى، وهو ما يشكل ضغطا. وينتشر في عرسال أكثر من 120 مخيما تؤوي ما يقارب 60 ألف لاجئ سوري، يعانون من ظروف إنسانية ومعيشية صعبة، ويعيشون في خيام لا تقاوم الحر أو البرد، وسط غياب الحلول لمأساتهم. وسكان هذه المخيمات هم لاجئون من مناطق مختلفة في سوريا، لكن أغلبيتهم من مدينة القصير في ريف حمص الغربي، ومحافظة دير الزور (شرق).
مشاركة :