القاهرة – يقول لاجئون فروا من ويلات الحرب الأهلية في السودان إلى إثيوبيا المجاورة إنهم اضطروا إلى الفرار مرة أخرى والاحتماء بغابة والإقامة على جوانب الطرق بعد هجمات متكررة خلفت آثار ثقوب الرصاص على خيامهم. وفر نحو ثمانية آلاف من مخيمي كومر وأولالا للاجئين، بحسب ممثلي المخيمين اللذين أنشأتهما الأمم المتحدة في منطقة أمهرة بشمال أثيوبيا، وذلك بعد اعتداءات متكررة الشهر الماضي معظمها على يد قطاع طرق. وكانوا قد فروا في الأصل من القتال الذي اندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في أبريل/ نيسان 2023 والذي أدى إلى تفشي الجوع الشديد في أجزاء من البلاد وفجر اتهامات بالتطهير العرقي في دارفور. وقال شاب “غادرنا بلادنا لأننا كنا خائفين من الرصاص الطائش من الجيش وقوات الدعم السريع”. وأضاف “لجأنا إلى إثيوبيا لننجو بحياتنا، والآن نواجه نفس الخطر”. وأوضح أنه غادر في البداية العاصمة السودانية الخرطوم، ثم فر من المخيمين ولجأ مع آخرين إلى غابة في منطقة أمهرة حيث تخوض جماعات مسلحة قتالا مع قوات الحكومة الاتحادية الإثيوبية في صراع منفصل. وأظهرت صور مرسلة عبر واتساب وتيليجرام خياما مؤقتة من فروع الشجر والقماش، وعشرات الأشخاص بينهم الكثير من الأطفال يجلسون في العراء على جانب أحد الطرق. وتمكنت رويترز من التأكد من تاريخ ومكان الصور. ومثل آخرين هناك تحدث الشاب شريطة عدم الكشف عن هويته خشية تعرضه للانتقام. وتبرز تلك التقارير الخيارات المحدودة المتاحة أمام الفارين من السودان وسط سعيهم للعثور على ملجأ في بلدان تعاني من صراعاتها وأزماتها الخاصة. ولم ترد خدمة اللاجئين والعائدين التابعة للحكومة الإثيوبية على طلبات للتعقيب. وفي أوائل مايو/ أيار، قالت إنها تتواصل مع اللاجئين لمعالجة المخاوف المتعلقة بالسلامة والخدمات على الرغم من الموارد المحدودة. وأصدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بيانا الأسبوع الماضي أقر بوقوع حوادث أمنية وبوجود ظروف أمنية “صعبة للغاية” دون الخوض في تفاصيل. وقالت في البيان إن الشرطة الإثيوبية كثفت دورياتها، وإنها تواصل تقديم الخدمات في المخيمين وتشجع ما قالت إنهم حوالي 1000 شخص خارج مخيم أولالا على العودة إليه. وأفادت منظمة الفرق الطبية الدولية، التي تدير عيادة بالقرب من المخيمين، الأسبوع الماضي إن أحد موظفيها قُتل بعد أن أطلق مسلحون النار على قافلة. وقال لاجئون يعيشون الآن خارج المخيمين إنهم يواجهون أعمال عنف بشكل منتظم. وتحدثت عضو في تنسيقية النازحين في أمهرة عن الوضع قائلة “يضطر الناس للذهاب إلى الوادي للاستحمام وغسل الملابس. لكنهم إما يتعرضون للسرقة أو الضرب أو الاختطاف يوميا”. وأضافت “تنزل علينا مصيبة ورا مصيبة”. وتنتشر الكوليرا في كومر حيث يوجد طبيب واحد على الأكثر للكشف على المرضى، حسبما قال عدة لاجئين وعامل في مجال الإغاثة طلبوا جميعا عدم الكشف عن هوياتهم. وشكا لاجئان من أن شحنات الغذاء الشهرية التي يرسلها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تكفي لأقل من أسبوعين. وقال ثلاثة لاجئين إن نحو ستة آلاف من النازحين في كومر وأولالا غادروا المخيمين في مطلع مايو/ أيار وساروا معا لمسافة 170 كيلومترا حتى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جوندار، المدينة الرئيسية بأمهرة، احتجاجا على أوضاعهم. وأضافوا أن الشرطة اعترضتهم ففروا إلى غابة قريبة من مخيم أولالا. وأوضح الثلاثة أن الكثير منهم بدأوا إضرابا عن الطعام لمدة 10 أيام بسبب نقص الإمدادات، لكنهم علقوا الإضراب بعد وصول تبرعات من سودانيين في الخارج، وهي المساعدة الوحيدة التي تلقوها حتى الآن. وقالت عضو تنسيقية النازحين إن نحو 2000 شخص ممن بقوا في كومر فروا إلى طريق رئيسي بعد أن بدأ مسلحون إطلاق النار على المخيم في الأول من مايو/ أيار. وأضافت أن عددا قليلا عادوا فيما بعد ووجدوا طلقات نارية اخترقت الخيام وهو ما أقنعهم بأن الرجال كانوا يستهدفون طردهم. ويقول عمال إغاثة، إن انعدام الأمن ونقص الأموال يعرقلان جهود الإغاثة بشدة. وداخليا قالت المنظمة الدولية للهجرة الجمعة إن عدد النازحين في السودان بسبب الصراع قد يتجاوز قريبا عشرة ملايين شخص، في أكبر أزمة نزوح في العالم. وقال محمد رفعت رئيس بعثة المنظمة للسودان “ما حجم المعاناة والخسائر البشرية التي يجب أن يتكبدها شعب السودان قبل أن ينتبه العالم؟ أليس عشرة ملايين نازح داخليا كافيا لدفع العالم إلى التحرك العاجل؟”. وأضاف “حياة كل واحد من العشرة ملايين نازح تمثل مأساة إنسانية شديدة تتطلب اهتماما عاجلا”. ورصدت المنظمة التابعة للأمم المتحدة هذا الأسبوع وجود 9.9 مليون نازح داخليا في أنحاء السودان. وتقول إنه كان هناك بالفعل 2.8 مليون نازح داخليا قبل الحرب. واضطر نحو 12 مليون شخص في المجمل إلى الفرار من منازلهم مع عبور أكثر من مليوني شخص إلى دول مجاورة من بينها مصر وتشاد. وذكر رفعت أن أكثر من نصف النازحين داخليا في السودان من النساء، وربعهم من الأطفال دون سن الخامسة. وأضاف أن وكالات الإغاثة تجد صعوبات في تلبية الاحتياجات المتزايدة. وتابع أن “نقص التمويل يعيق جهود توفير المأوى والغذاء والمساعدات الطبية بشكل كاف”. وأردف “تتزايد المخاوف بشأن تأثير النزوح على المدى الطويل على النسيج الاجتماعي والاقتصادي في السودان”. فيما تحذر وكالات الأمم المتحدة من أن السودان معرض “لخطر مجاعة وشيك” في ظل معاناة حوالي 18 مليون شخص من الجوع الشديد، من بينهم 3.6 مليون طفل يعانون من سوء تغذية حاد.
مشاركة :