مخاوف جزائرية من ارتفاع البطالة وتراجع القدرة الشرائية | صابر بليدي

  • 1/25/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تكشف تصريحات المسؤولين الجزائريين عن عمق مخاوف الحكومة من الارتفاع القياسي في نسبة البطالة وتدهور القدرة الشرائية، في ظل ضغوط كورونا على مختلف مفاصل الاقتصاد، وإشكاليات أخرى تتعلق بالاحتكار، ما تسبب في اختلال السوق. الجزائر - جهرت الحكومة الجزائرية بتوجسها من تداعيات مؤشري البطالة وتراجع القدرة الشرائية في البلاد، بسبب التراجع المطرد لقدراتها المالية في ظل الأزمة الاقتصادية وإفرازات جائحة كورونا. واعترف وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الهاشمي جعبوب، ووزير التجارة كمال رزيق، بتقلص فرص التشغيل، وارتفاع سعر العديد من المواد الاستهلاكية. وأكد وزير التجارة، في ندوة صحافية عقدها على هامش جلسة مساءلة النواب لبعض الوزراء، في الغرفة الثانية من البرلمان (مجلس الأمة)، أن “ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية راجع أساسا إلى ارتفاع الأسعار العالمية والتكاليف اللوجستية”. وأضاف رزيق “جائحة كورونا تسببت في ارتفاع أسعار تكاليف المواد الأولية على المستوى العالمي والتكاليف اللوجستية وانخفاض قيمة الدينار”، مشددا على أن “أسعار المواد الأساسية لم ترتفع خاصة، بفضل المراقبة اليومية لمصالح الوزارة”. وتابع “لم تطرأ أي زيادة في أسعار المواد الأساسية، لكن الزيادة في أسعار بعض المواد الأخرى تعود أساسا إلى ارتفاع الأسعار العالمية، وارتفاع التكاليف اللوجستية، وانخفاض الدينار، وأن وزارة التجارة تراقب يوميا تطورات الأسعار وتتخذ الإجراءات اللازمة ضد المضاربين”. كمال رزيق: جائحة كورونا تسببت في ارتفاع أسعار تكاليف المواد الأولية كمال رزيق: جائحة كورونا تسببت في ارتفاع أسعار تكاليف المواد الأولية غير أن فاعلين آخرين في المجال التجاري، على غرار جمعية التجار والحرفيين وجمعية حماية المستهلك، ذهبوا إلى سرد عوامل أخرى، كالاحتكار والتلاعب وتراجع قيمة العملة المحلية مقابل سلة العملات الصعبة خلال الأسابيع الأخيرة. وصرح رئيس جمعية التجار والحرفيين طاهر بولنوار في اتصال لـ”العرب”، بأن “السوق الاستهلاكية تشهد ارتفاعا ملحوظا في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية، نتيجة تضرر الاقتصاد الوطني بجملة من العوامل، على غرار الوضعية التي أفرزتها حملة الحرب على الفساد المفتوحة في البلاد، وهو الأمر الذي أدى إلى شلل العديد من المصانع وخلق نوع من الندرة في الوفرة، فضلا عن تعطل الحركة التجارية بسبب وباء كورونا، وتراجع قيمة العملة المحلية”. ورمى رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي، الكرة في مرمى وزارة التجارة، واتهمها بـ”الفشل في احتواء أزمات موروثة عن المنظومة السابقة، كما هو الشأن بالنسبة لتوزيع حليب الأكياس، وعدم القدرة على التحكم في الأسعار، وأن حجة تراجع قيمة العملة غير كافية لتبرير ارتفاع أسعار الماء المعبأ في القوارير، لأن المنتوج محلي ولم يطرأ أي تغيير في سعر مواده الأولية”. وذهب رئيس فيدرالية الصناعات الغذائية خالد بلبل، إلى أن “ارتفاع أسعار العجائن الغذائية المسجل في الآونة الأخيرة يعود إلى الاحتكار، الذي يمارسه بعض المتعاملين بغرض مضاعفة أرباحهم”. وأكد أن “بعض المتعاملين، وأمام غلق بعض المصانع بسبب تورط أصحابها في قضايا مع العدالة، وجدوا أنفسهم وحدهم في السوق وهو ما خلق نوعا من الاحتكار، استغلوه لمضاعفة أرباحهم في هذه الفترة من خلال قانون العرض والطلب”. ودعا وزير التجارة، إلى ضرورة تكثيف المراقبة والمعاقبة من أجل حماية المستهلك الذي يعد الضحية الأولى لهذه التصرفات، وأن الفيدرالية تدافع فعلا عن المستثمرين، لكن ليس على حساب المواطن. ولفت إلى ارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية، وارتفاع الرسوم الجمركية، مشيرا إلى شكوى منتجي العجائن الغذائية من غياب الدعم من طرف السلطات العمومية. ومن جهته كشف وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الهاشمي جعبوب، خلال نفس الجلسة، أن “عدد تنصيبات طالبي العمل تراجع بنسبة 31 في المئة سنة 2020 مقارنة بالسنة 2019، وأن السنة المذكورة كانت سنة استثنائية بسبب انتشار وباء كورونا وما سببه من آثار سلبية على عالم الشغل”. وأضاف أن “نشاط الوساطة (الوكالة الوطنية للتشغيل) شهد انخفاضا في عدد عروض العمل بنسبة 30 في المئة سنة 2020، وبالمقابل انخفض عدد تنصيبات طالبي العمل بنسبة 31 في المئة، وأن عدد عروض العمل انخفض من 437 ألف عرض سنة 2019 إلى 306 آلاف عرض سنة 2020”. وتابع جعبوب “العروض المتوفرة تركزت أساسا على قطاعات البناء والأشغال العمومية والري والصناعة والخدمات، وأن 80 في المئة من هذه العروض مصدرها القطاع الخاص”. وهو ما يعكس حجم المخاوف الحقيقية التي تؤرق الحكومة من وصول حالة الاحتقان إلى انفجار اجتماعي، غير مستبعد أن يتحول إلى ثورة جياع، أمام التراجع المسجل في القدرة الشرائية وفرص التشغيل، خاصة مع توجهها إلى التقليص التدريجي من المساهمات الاجتماعية الموجهة للكثير من المواد الاستهلاكية والخدمات. وزادت الوضعية الاستثنائية التي تعيشها البلاد منذ شهر مارس 2019، ودخول العديد من الإجراءات الاحترازية قيد التنفيذ، من انكماش نشاط الشركاء الاجتماعيين، ومن حركة النقابات المدافعة عن حقوق الطبقة العاملة، مما سمح للحكومة بتنفيذ تدابيرها المؤلمة، خاصة في ما يتصل بالخفض التدريجي للعملة المحلية، التي فقدت أكثر من 20 في المئة من قيمتها خلال السنتين الأخيرتين، ولا يزال مؤشرها سائرا في انحدار، بحسب برنامج الحكومة للعامين الجاري والقادم. واعترف وزير التشغيل، بثقل حركة التشغيل في القطاع الحكومي، خاصة في ما عرف بـ”إدماج العمال المؤقتين”، وبرر ذلك بـ”عدم تحرير المناصب المجمدة وعدم تحديد المناصب المالية الواجب إنشاؤها، وعدم ملاءمة مؤهلات بعض المعنيين مع المناصب المتوفرة، فضلا عن تشبع بعض الهيئات والإدارات بالعنصر البشري”. وكان رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد قد اعترف في أغسطس 2020 بأن البلاد تعيش وضعا اقتصاديا صعبا غير مسبوق، ناتجا عن أزمة هيكلية للحكومات السابقة، إضافة إلى انهيار أسعار البترول وأزمة كورونا. ويعتمد أكبر اقتصاد في منطقة المغرب العربي على عائدات النفط، ما يعرضه لتقلبات الأسعار، بسبب عدم تنويع الموارد، فضلا عن كون الخطط الحكومية لا تتناسب مع الظروف الراهنة، رغم حالة التفاؤل التي يبثها المسؤولون بين الفينة والأخرى. وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي، سوف يشهد الاقتصاد الجزائري انكماشا نسبته 5.2 في المئة هذا العام مع عجز في الميزانية هو الأعلى في المنطقة. وتواجه الجزائر أزمة سيولة غير مسبوقة كشفها بوضوح اضطرار مكاتب بريد في العديد من المناطق، إلى دفع مستحقات زبائنها بواسطة النقود من فئة 50 و100 و200 دينار نتيجة افتقادها للسيولة المالية والنقص الحاد للأوراق المالية. وقد أثارت الندرة اللافتة للسيولة المالية في مراكز البريد وعدد من البنوك التجارية، جدلا محتدما حول الأسباب والخلفيات الحقيقية للظاهرة، التي حملت نذر انفجار اجتماعي.

مشاركة :