ميشيل فوكو هل كان رجعياً/ سلفياً حين لعن: الحداثة؟!

  • 9/2/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

ما من لفظة شتيمةٍ يُمكن أن تُنتجها قواميس السِّباب إلا وقد توسّلها فوكو في الحطِّ من: الحداثة والنيل من كثيرٍ من رموزها! نعم.. إنّه فوكو ذلك المعلّم الذي لقّنَ كثيرين الكيفيّة التي بها يُعملون إزميل أدواتهم القرائية في الحفر إذ يتوسّلون المنهج الأركيولوجي تنقيباً عمّا في: الكلمة من معانٍ طُمرت أو تآكلت بفعل السنين الطّوال التي أتت عليها ابتغاء الوصول بأقل الانحرافات المنهجية إلى حقيقة البنية المتضمّنة فيها. هو فوكو إذن وليس غيره ذلك الذي اشتغل على مناكفة الفلاسفة وأصر على أنّ الحقيقة ليست وهماً باطلاً أو أنها هدف لا يُمكن يُدرك كما أنها أي الحقيقة ما هي بالرهان الأنطولوجي المغلق أو أنّها حزمة من إشكالات أبستمولجية شائكة بل هي لديه- أي الحقيقة- رهان تأريخي يمكن تحديدها في مستوى الحركية الجنيالوجية المتأصلة في فلسفة: نيتشة والتي ما فتئت تنفتح بالاتجاه تصاعداً نحو حقول الممارسات اللفظية والمشغولات الاجتماعية.. (مالكم بالطويلة أيها القراء وهي ليست من اختصاصكم ولا شكّ بعسر عظمها). دعونا إذن نصحب: ميشيل فوكو هذه القامة الفكرية، الفلسفية فارعة الطول لنرى كيف كانت هي قراءته للحداثة على نحوٍ صادم ولنجملها بالآتي: * ما من شكّ لدى فوكو أنّ الحداثة هي من تُسأل دون غيرها عن: نظم الاستبداد ذلك أنّها هي مَن قد أفرزتها بل سوّغتها ما جعل القمع مشرعناً بأداء يُلبّس فيه الحقّ بالباطل وفق تمظهر حضاريٍّ زائف.! * ويرتب على ما سبق تأكيده كرّةً أخرى على أنّ: الحداثة يوم أن أفرزت نظم الاستبداد لم تكتفِ بذلك وحسب، وإنما سعت بكل السبل إلى أن تُهيأ الشعوب لقابلية الاستعباد على نحوٍ من سلطةٍ باتت وكأنها شر مطلق.. ومات: فوكو وهو يُصرّ على وصف السلطة بالاستبداد ويراها وجهاً آخر للاستعباد! * الازدواجيّة في المعايير حسب فوكو منتجٌ حداثيٌّ وبامتياز وهو الذي بسببه نال العالم الثالث الأذى الذي لم تبرحه ويلاته وهو ماضٍ بهذا الاتجاه الذي لن يزيده إلا هوناً وذلاً وامتصاصاً لخيراته لصالح القوى الغاشمة.! * ويمضي إلى ما هو أبعد من ذلك إذ يُقرّر بأدلة ليس هذا موطن بسطها على أن الحداثة هي من أفرزت الأصولية النازيّة تلك التي دمّرت الشعوب وانشغلت بالعالم الخارجي عوضاً عن الاشتغال بعالمها الداخلي.! ثم يُضيف: وكل التطورات التي تجري حديثاً بهذا الاتجاه في هذا العالم هي الوجه السلبي للحداثة.! * السلطة القائمة على الهيمنة المطلقة التي في جوهرها لا تعدو أن تكون تهميشاً للآخر واقصاءً له إذ أتاحت لها: الحداثة أن تحقق تلك السلطة المطلقة لنفسها بعداً أسطورياً يتمثل في العنف والسحل والسيطرة ولعلّ ما يجري اليوم مصدقاً للرأي الحصيف الذي أطلقه فوكو ذات يوم.! * ساهمت الحداثة في تذليل السبل من خلال التحديث الاقتصادي المتسارع لتحويل مبادئ الفكر العقلاني إلى أهداف سياسية ذات أغراضٍ انتهازيّة لا تزيد الأغنياء إلا غنىً بينما تُكرّس الفقر وتزيد في أعداده عالمياً وتعِدّ المجتمعات لأن تكون مجتمعات استهلاكية لصالح دول الإنتاج والسيطرة. * انحازت الحداثة وما بعدها إلى أضواء التكنولوجيا على حساب ما كانت تُبشر به الحداثة من أنوار العقل فالغلبة كانت للأول بينما الثاني تم إخضاعه للتوظيف بحسب مقتضى الحاجة التي يُحدد مسارها السياسي والاقتصادي.! هل أصاب: فوكو أم نحشره في زمرة المتزمّتين ونصب عليه اللعنات بحجة أنّه مهوس بالمخالفة رغبة في الاشتهار؟! نقلا عن الشرق

مشاركة :