أطلقت الكاتبة الدكتورة هيفاء بهاء عزي باكورة إنتاجها الفكري الذي حمل عنوان «زاد». ويتكون الكتاب الذي يقع في 218 صفحة وتزين غلافه لوحة للتشكيلية رضية برقاوي، من خمسة فصول كل فصل منها اختصت موضوعاته المتنوعة بمجال معرفي محدد. فالفصل الأول «أبعاد فلسفية» تنوعت ما بين استخدام المنهج الفلسفي وتشابكات الحداثة والتراث في العقل العربي، في حين تمحورت قضايا الفصل الثاني والذي جاء تحت عنوان «اجتهادات فكرية» حول قضايا الاجتهاد في الفكر الإسلامي والمعاصرة، أما الفصل الثالث «قضايا اجتماعية وتربوية» فتناول قضايا المرأة والطفولة المتنوعة في سياق مايطرحه واقعهما من اشكالات اجتماعية من منطلق تنويري، فيما تناول الفصل الرابع «علاقات زوجية» قضايا العلاقات الزوجية والزواج والطلاق والخلع والعنوسة في ثقافة وممارسات مجتمعنا السعودي بشفافية وبروح علمية، واختتم الكتاب فصوله بمجال تخصص الدكتورة هيفاء عن «البعد النفسي». ويلقي كتاب «زاد» حجرا في بركة الحراك الثقافي بعد أن خفتت ضجة التجاذبات في الساحة الفكرية وانصراف الكتاب والمفكرين إلى الجدل حول الشأن العام. في الكتاب الذي تجاوزت صفحاته الـ 300 صفحة من القطع المتوسط وفصوله الخمسة انتخبت الكاتبة المنهج التحليلي في ملامستها لقضايا تشكل مجتمعة خارطة لأهم ما تواجهه مجتمعاتنا من إشكالات، بعضها مما يمكن تسميته بالمزمنة مثل مكانة المرأة وموقعها في خارطة الفعل المجتمعي ودورها وحقوقها وبعضها مشاكل طارئة وآنية وإن كانت لها جذورها التاريخية كالإرهاب والتجديد في الخطاب الإسلامي، وضرورة مقاربة المنهج الفلسفي، وبين ما هو طارئ وما هو متوارث وقديم من القضايا والإشكالات، تمر الكاتبة بحذق بقضايا ظلت وستظل محل حوار لا ينتهي، كقضية إشكالية الوعي ومعادلة الأصالة والمعاصرة الفكرية الفلسفية، وقضايا اجتماعية وتربوية مثل الحجاب والعنوسة والمساواة بين الجنسين والعلاقات الزوجية وما ينبغي أن تكون عليه، والهوية اللغوية لأطفالنا في ظل الطوفان اللغوي الذي يتعرضون له من مختلف الاتجاهات الداخلية منها والخارجية. ويلاحظ قارئ الكتاب أن الدكتورة هيفاء تعتمد على رؤية فكرية معيارية تتسم بالوسطية، فهي لا تتخذ موقفا تغريبيا رافضة لإرثها الديني والثقافي والفكري كما أنها لا تقف موقفا اتباعيا للفكر الديني المتطرف الرافض للتجديد. وموقفها واضح من قضية أو معادلة التقليد والتجديد أو الأصالة والمعاصرة يلخصه قولها «إذن فالتغيير من خلال تطوير الموروث هو سنة طبيعية تمارسها جميع المجتمعات المعاصرة». لأن «اتباع الموروث الثقافي دون تطويره ما هو إلا نوع من أنواع الجمود الفكري أو العودة إلى البداية، فكيف نكون مجتمعا حضاريا إذا لم نتخط القديم وبنظرة مستقبلية؟». ورغم هذا فإن الحداثة عندها «لا تعني بالضرورة اتباع الأسلوب الغربي في الحياة. ولكن المشكلة تكمن في العقلية العربية التي تربط بين التحديث وبين الغرب».
مشاركة :