كان الانقلاب مرتقبا منذ أيام. ومع ذلك، أثار حدوثه صدمة في ميانمار إذ أُغلقت الطرقات المؤدية إلى مطارها الدولي الرئيسي وقطعت الاتصالات ليعود البلد إلى عزلته بعد عقد فقط من خروجه منها. واعتقل الجيش أونغ سان سو تشي التي تُعتبر بحكم الأمر الواقع رئيسةً للحكومة في وقت مبكر الاثنين، قبل ساعات من الموعد المقرر لتولي أعضاء البرلمان الذين انتخبوا مؤخرا مقاعدهم لأول مرة منذ اقتراع تشرين الثاني/نوفمبر الذي حقق حزبها "الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية" فوزا ساحقا فيه. وبحلول الساعة 08,30 صباحا (02,00 ت غ)، أُعلنت حال الطوارئ وتم تعيين الجنرال السابق ميينت سوي رئيسا بالوكالة، لتعود البلاد مجددا إلى الحكم العسكري المباشر بعدما اختبرت الديموقراطية لنحو عقد. وساد القلق مع قطع السلطات خدمات الإنترنت والهواتف المحمولة في أنحاء البلاد. وفي رانغون، عاصمة ميانمار التجارية، سارع السكان إلى محلات البقالة في أحيائهم لتخزين الأرز والزيت والنودلز الفورية بينما أغلقت المصارف مؤقتا جرّاء انقطاع الاتصالات. لكن باستثناء الشرطة، لم يكن لعناصر الأمن تواجد كبير في المدن ولم ترق أي دماء. وكانت المظاهر المسلّحة والدبابات والمروحيات أكثر تجليا شمالا في محيط نايبيداو، حيث أغلقت مدرّعات الطرق الرئيسية المؤدية إلى البرلمان."أعتقد أن علينا الاستعداد للأسوأ" فاز حزب سو تشي بأكثر من 80 في المئة من مقاعد البرلمان الشاغرة، وهي نسبة بدت غير مقبولة بالنسبة للجيش الذي حافظ على المناصب الأهم في الحكومة وعلى سلطة اتّخاذ جميع القرارات الأمنية والدفاعية وبـ25 في المئة من مقاعد البرلمان المخصصة له حصرا. وأعرب مخرج الأفلام في رانغون لامين أوو (35 عاما) عن "صدمته" رغم أنه كان يتوقع الانقلاب بعدما تم تناقل الأنباء عنه على مدى أسبوع. وقال "أتعامل مع أي فرصة للتصويت بجدية بالغة لأن أمرا كهذا قد يحصل في هذا البلد"، مضيفا أن حيّه في بلدة يانكين يحاول المحافظة على هدوئه. وتابع "أعتقد أن علينا الاستعداد للأسوأ". وشوهدت شاحنات تقل أنصار الجيش لدى مرورها في شوارع رانغون الرئيسية، بينما لوّح الركّاب بعلم البلاد فيما صدح صوت النشيد الوطني تعبيرا عن الدعم للانقلاب. وتجمّعت مجموعة صغيرة من الأشخاص قرب ضريح الشهداء في وسط رانغون حيث رقصوا على أنغام أغنية تقول "أظهرنا بشجاعة الدم البورمي". في الأثناء، أظهرت تسجيلات مصوّرة انتشرت على فيسبوك تعرّض صحافيين محليين وأجانب للضرب خلال تظاهرة أخرى مؤيدة للجيش قرب معبد "سول".بورما: حزب سو تشي يختار يو هتين تشياو لخوض غمار الانتخابات الرئاسيةأونغ سان سوتشي تدعو الرئيس والسلطات العسكرية في بورما للحواربورما: هتين كياو أول رئيس مدني ينتخب ديموقراطيا منذ عقودميانمار باتت على "حد السكين" وقالت نائبة عن حزب سو تشي تحدّثت لفرانس برس وطلبت عدم الكشف عن هويتها "هذا أمر يتجاوز الحدود... وعمل مجحف"، مشيرة إلى أنها محتجزة في مجمّع رسمي في نايبيداو مع عشرات النواب الآخرين. وعلى مدى أسابيع، تحدّث الجيش عن وجود مخالفات في عملية التصويت وطالب لجنة الانتخابات بنشر قوائم الناخبين بينما هدد قائد الجيش مين أونغ هلينغ بإلغاء دستور البلاد. وبحلول الإثنين، أعلن الجيش حال الطوارئ لمدة عام، متعهدا بإجراء "انتخابات عامة متعددة الأحزاب حرة ومنصفة" جديدة وتسليم السلطة في نهاية المطاف. لكن البلد حيث سحق الجيش بعنف في الماضي الحراك المطالب بالديمقراطية بات على "حد السكين"، بحسب المحلل المستقل ديفيد ماثيسون. وأضاف أن الملايين ممن صوّتوا لصالح حزب سو تشي سيشعرون "بالغضب والخوف من عملية انتزاع للسلطة تهدد بهدر مكتسبات السنوات العشر الماضية".
مشاركة :