الخارجية الأميركية: مواجهة أنشطة إيران على رأس أجندة المباحثات بين الرياض وواشنطن

  • 9/4/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تترقب الدوائر السياسية الأميركية والعربية الزيارة الرسمية الأولى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي وصل إلى العاصمة الأميركية مساء أمس ويلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما، اليوم الجمعة، إذ يشهد البيت الأبيض قمة أميركية سعودية هامة بعدها يقيم الرئيس أوباما مأدبة غداء على شرف الملك سلمان والوفد المرافق. وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست إلى أهمية زيارة الملك سلمان لواشنطن باعتبارها أول زيارة بعد توليه العرش، مؤكدا عمق الشراكة الاستراتيجية التي تربط بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. وتفرض عدة قضايا نفسها على أجندة مباحثات الزعيمين تتعلق بالأوضاع في منطقة الشرق الأوسط ومدى تقارب الرؤيتين السعودية والأميركية في كيفية التعامل مع تلك القضايا. ومن المتوقع أن تحتل الأزمة السورية جانبا من المناقشات بين الزعيمين وكيفية وضع حل سياسي لها يتضمن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم وفقا للرؤية السعودية، وهي الرؤية التي تتشابه وتتطابق مع الرؤية الأميركية في اعتبار الأسد جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل. ومن المرجح أن تتطرق المحادثات إلى الأوضاع في اليمن وفي البحرين والعراق ولبنان ومصر، إضافة إلى جهود مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة مثل تنظيم داعش في سوريا والعراق وتنظيم القاعدة في اليمن. وستكون إيران في صميم المحادثات السعودية الأميركية مع حرص إدارة الرئيس أوباما على حصد التأييد داخل الكونغرس لصالح الاتفاق النووي الذي تم توقيعه بين القوى الدولية وإيران الشهر الماضي. وتشترك المملكة العربية السعودية مع دول الخليج في بواعث قلق حقيقية بشأن رفع العقوبات عن إيران، وترى أن الأمر لا يتعلق فقط بطموحات إيران النووية، وإنما يتعلق بشكل أكبر بالسياسات الإيرانية في المنطقة وتدخلها لزعزعة الاستقرار في كثير من دول المنطقة والتحريض الطائفي الذي تقوم به في كل من العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن. وهنا يأتي دور إدارة أوباما في تأكيد تصريحاتها بحماية حلفاء واشنطن والوقوف في وجه التدخل الإيراني في المنطقة ودعم طهران للإرهاب، وما يمكن أن توفره واشنطن للرياض من أسلحة متطورة وتدريب ومعلومات استخباراتية لمواجهة إيران ومحاولاتها فرض النفوذ والهيمنة على المنطقة العربية. وتترقب الأوساط الأميركية تفاصيل المحادثات بين الملك سلمان والرئيس أوباما حول الملف النووي الإيراني، خصوصا أن تلك المحادثات تأتي قبل أقل من أسبوعين من تصويت الكونغرس على الاتفاق (سيقوم الكونغرس بالتصويت في السابع عشر من سبتمبر «أيلول» الحالي)، وسيكون على إدارة أوباما أن تقدم التفسيرات الكافية لوقوفها بجانب الصفقة ووصفها بالصفقة الجيدة. وتدرك كل من واشنطن والرياض أهمية العلاقات الاستراتيجية الثنائية بين البلدين، التي امتدت على مدى عقود طويلة. وتثمن واشنطن دور المملكة العربية السعودية في المنطقة باعتبارها دولة ذات فكر سياسي يحقق التوازن ويتسم بالمصداقية ومواجهة التحديات. وقد أثبتت المملكة السعودية دورها الفعال في مكافحة الإرهاب وأعلنت الأسبوع الماضي اعتقال أحمد المغسل العقل المدبر وراء هجمات الخبر التي راح ضحيتها 19 من القوات الأميركية عام 1996. وتاريخ التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين مثمر ومتين، وأشاد به كثير من المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم وزير الخارجية جون كيري في إحدى جلسات الاستماع بالكونغرس، مشيرا إلى دور المملكة في تقديم معلومات هامة أدت إلى إحباط كثير من المخططات الإرهابية. ويلعب الاقتصاد دورا محوريا أيضًا في العلاقة بين البلدين، فالمملكة العربية السعودية قوة اقتصادية ذات تأثير قوي في أسواق النفط العالمية وعضو فاعل في منظمة الأوبك، كما تعد المملكة العربية السعودية عضوا في مجموعة العشرين التي تضم أقوى الاقتصادات في العالم. وتجاريا واستثماريا تملك الشركات الأميركية استثمارات ضخمة في المملكة، كما تملك الرياض استثمارات وودائع مالية كبيرة في الولايات المتحدة. وفي ما يتعلق بالمجال التعليمي فقد بلغ عدد الطلبة السعوديين المبتعثين للدراسة في الولايات المتحدة أكثر من 120 ألف طالب. ويشير مسؤول كبير بالبيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الولايات المتحدة تقدر أهمية دور المملكة العربية السعودية في مواجهة التحديات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتسعى إدارة أوباما إلى درجة من التوافق الاستراتيجي بشأن القضايا الرئيسية مع الرياض. وتقول دينا بدوي المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إن محادثات الملك سلمان والرئيس أوباما ستركز على مجموعة من القضايا وعلى كيفية تعزيز الشراكة الثنائية، بما في ذلك الجهود الأمنية المشتركة ومكافحة الإرهاب. وأضافت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن التركيز سيكون على الموضوعات الإقليمية، بما في ذلك الصراع في اليمن وسوريا، والخطوات التي يمكن اتخاذها لمواجهة نشاطات إيران لزعزعة الاستقرار. ويقول مسؤول كبير بالخارجية الأميركية (رفض نشر اسمه) إن الأزمة السورية ستكون على جدول محادثات الملك سلمان والرئيس أوباما، مؤكدا أن الموقف الأميركي من نظام بشار الأسد لم يتغير، وقال: «موقفنا لم يتغير، وقلنا إن الأسد ونظامه لا يمكن أن يكون جزءا من مستقبل سوريا، فقد قام الأسد لأكثر من أربع سنوات بمواجهة الدعوات - التي بدأت سلمية – من أجل الحرية والكرامة بكل وحشية، وقام بتدمير البلد، وقلنا من فترة طويلة إن الأسد فقدَ كل شرعية ولا يزال موقفنا أنه يجب أن يتنحى». وحول الجهود التي تقوم بها واشنطن لتحقيق رحيل الأسد، قال المسؤول الأميركي: «نحن نواصل العمل مع شركائنا لتحقيق انتقال سياسي حقيقي عبر التفاوض بعيدا عن الأسد بشكل يؤدي إلى تشكيل حكومة شاملة يمكنها تحقيق تطلعات السوريين من أجل الحرية والكرامة وأيضًا تحقيق هزيمة فعالة للمتطرفين». أما عن كيفية تحقيق هذه الغاية قال المسؤول الأميركي إن اجتماعات وزبر الخارجية جون كيري مع نظيره الروسي ونظيره السعودي في الدوحة وكوالالمبور، وكذلك لقاءات المبعوث الأميركي لسوريا مايكل رانتي مع كبار المسؤولين الروس والسعوديين تهدف إلى مواصلة النقاشات حول العمل نحو انتقال سياسي حقيقي ووضع حد للأزمة في سوريا واستمرار المشاورات مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا لمناقشة كيفية تهيئة الظروف لمفاوضات مثمرة. وفي ما يتعلق بدور إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة قال المسؤول بالخارجية الأميركية: «الولايات المتحدة ودول الخليج تعارض نشاطات إيران لزعزعة الاستقرار، وسوف تتعاون واشنطن مع دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة تلك النشاطات، والمشاورات مستمرة حول كيفية تعزيز الهيكل الأمني في المنطقة، وكجزء من هذا الجهد فإن الولايات المتحدة تعمل في شراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي لبناء قدرتها على الدفاع عن نفسها ضد العدوان الخارجي، بما في ذلك الدفاع الجوي والصاروخي والنقل البحري والأمن الإلكتروني (السيبراني)، وتقوم دول مجلس التعاون الخليجي بخطوات لزيادة وتحسين دمج القدرات المشتركة العسكرية في ما بينها». وأكد المسؤول بالخارجية الأميركية مواصلة واشنطن تقديم الدعم اللوجيستي والاستخباراتي للعملية العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن، وقال: «كما قلنا من فترة طويلة إن أي حل في اليمن يجب أن يكون حلا سياسيا، وسوف نستمر في دعم عملية الانتقال السياسي التي تقودها الأمم المتحدة والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، ونحث جميع الأطراف على وقف تصعيد الأعمال العدائية والعودة إلى عملية الانتقال السياسي التي قررها مجلس التعاون الخليجي ونتائج الحوار الوطني».

مشاركة :