التوابل والبهارات والمطيبات شكلت قيمة تاريخية قامت عليها حضارات كثيرة، ونظراً لما تشكله من قيمة في المجتمع المحلي، يضع مهرجان الشيخ زايد هذه الخلطات في الواجهة لأهميتها في تشكيل مذاقات المطبخ الإماراتي، الذي وصلت أطباق كثيرة منه إلى العالمية. ويتميز المجتمع الإماراتي منذ القدم بأطباقه الشعبية متنوعة النكهات، ومع مرور الزمن فإن ثقافة استعمال البهارات لم تتغير، ولم يفقد المطبخ المحلي أياً من عناصره التي تعتبر رمزاً من الرموز التعريفية له، ليس لأهميتها الغذائية والثقافية وحسب، وإنما لأنها ترتبط بإبداع إعدادها وابتكار خلطات تناسب الجميع، وتعتبر سراً من أسرار تميز كل ربة بيت. سوق الوثبة ويشكل مهرجان الشيخ زايد نافذة على الموروث الاجتماعي للبلدان المشاركة، ومنصة لتبادل الخبرات وتمازج الثقافات ضمن أجواء تفاعلية، لا سيما أنه قرب بين مختلف العارضين والمشاركين، من خلال طريقة عيشهم وطعامهم وفنونهم وأزيائهم. ويعكس «سوق الوثبة» وما يضم من منتجات، بعضاً من مكونات الحياة الإماراتية القديمة، حيث تعرض دكاكين السوق الشعبي أنواع البهارات والخلطات العشبية وأدوات تقليدية تمت صناعتها يدوياً لتحاكي الماضي العريق. وقد روعي فيها التنوع لتعرّف الزوار إلى أبرز الحرف القديمة اللاتي أبدعت الجدات والأمهات في صناعتها بشكل متقن، وأورثنها للأجيال. 50 مطعماً وبالرغم مما يزخر به مهرجان الشيخ زايد من تنوع في المأكولات، حيث يوفر أكثر من 50 مطعماً محلياً وخليجياً وعربياً وآسيوياً وعالمياً، تم استقطابها بهدف إرضاء الزوار بكافة أذواقهم، ومنحهم الفرصة للتعرف إلى أكلات الشعوب. ويظهر الطعام الإماراتي في الواجهة، مما يدفع الكثير من زوار المهرجان إلى البحث عن نكهاته وأسرار الخلطات التي يعرضها سوق الوثبة بالمهرجان، حيث عشرات النساء اللواتي يعرضن أشكالاً وأنواعاً من البهارات والسمن البلدي الذي اعتدن على إعداده بأنفسهن بشكل طبيعي وبمكونات ذات جودة عالية. السمن العربي وذكرت خديجة الطنيجي التي تتقن مجموعة من الحرف التراثية، أن نكهة السمن العربي تختلف من بيت لآخر، مشيرةً إلى أن البيوت قديماً كانت تعتمد على الأبقار والأغنام. وكان من الشائع لدى العائلات جمع الحليب وترويبه وتحضير الزبدة والسمن الذي يضاف إليه بعض المواد مثل الكزبرة الناعمة والحلبة والكركم الطبيعي، وهي إضافات تعطي نكهة مميزة للأكل الشعبي. وأوضحت أن السمن العربي المصنوع يدوياً، يعتبر مكوناً أساسياً في بعض الأكلات الشعبية الإماراتية، بحيث لا يخلو أي منزل منه ولا سيما في شهر رمضان. ولا يطيب تناول الهريس وبعض الأكلات الشعبية من دون سكب السمن الأصفر بنكهته المميزة على سطح الطبق ليغمر وجهه ويمنحه نكهة شهية. وشرحت أن السر في اختلاف الرائحة وجودة المذاق بين سمن وآخر هو في خلطة البهارات ومعاييرها، بحيث يتفاوت لون السمن من الأصفر الفاتح ويزداد تركيزه تبعاً لمقدار الكركم المضاف. ويضاف القمح بهدف سحب الرطوبة من الزيت، أما البهار فيضفي النكهة واللون والرائحة المميزة للسمن. تحت أشعة الشمس وذكرت مريم سالمين أن صناعة»البزار«كانت تحظى باهتمام بالغ من ربات البيوت، وما زالت تجد الإقبال نفسه، موضحة أن إعداد “البزار” الجيد رهين بطريقة اختياره وخلطه. وأكدت أن شراء المواد الأساسية ومكوناته تبدأ من عملية الشراء، مثل الكمون وحبوب الكزبرة، والقرفة، والكمون والفلفل الأسود وسواها، مشيرةً إلى أن البهارات تختلف من موسم لآخر، فمثلاً يبدأ تجهيز هذه الكمية قبل حلول شهر رمضان بأسابيع، حيث يتم دقها بعد تنظيفها وغسلها وتجفيفها تحت أشعة الشمس في «المنحاز». «أجار» و«منحاز» أما زينة عبدالله الجابري، فهي تعشق صناعة أنواع مطيبات الطعام، من «أجار» وتوابل وبهارات، مما جعلها تمتلك خبرة كبيرة في تجهيزها، حيث تخلط الأنواع بكميات معينة، وتحتفظ بأسرار خلطاتها المميزة. وتؤكد على أهمية التوازن في خلط المكونات للحفاظ على مذاق جيد، حيث إن تغليب بعض أنواع البهارات على الأخرى، قد يفسد المذاق ويؤدي إلى تغيير المذاق. وذكرت أن «الأجار» هو من المخللات المصنوعة بطريقة يدوية وله نكهة خاصة، حيث تختلف مكوناته بحسب الموسم، وأشهره المصنوع من المانجا أو بالليمون اللومي. وقالت سلية العلوي التي تعرض مجموعة من البهارات وأنواعاً من السمن: إن «البزار» كان يعد بكميات قليلة نظراً لاستعمال «المنحاز» في دقه، وكان مذاقه ألذ لأنه كان يحمص على الحطب. وقد اختلف الأمر اليوم، حيث يتم تجهيز الحبوب وطحنها في البيت أو إرسالها إلى المطاحن التجارية، موضحة أن «البزار» المحضر منزلياً وبالطريقة التقليدية يتميز عن «البزار» العادي، مما يجعل الإقبال عليه كبير جداً في مختلف المناسبات. أحياء شعبية ويخصص مهرجان الشيخ زايد أجنحة ومعارض كبرى وأحياءً شعبية لإبراز حضارة الإمارات وجوانب عدة من ثقافتها، بينها الحي التراثي وأجواؤه التي تعكس الحياة قديماً، حيث يضم فعاليات وأهازيج تراثية وأسواقاً شعبية وعروضاً حية عن الحرف القديمة. كما يعمل المهرجان على تعزيز ثقافة صون التراث الإماراتي والاعتزاز به، عبر أنشطة وفعاليات تحث الجيل الجديد على التمسك بالتراث، وتفاصيل الحياة التي عاشها الأجداد، للتأكيد على أن الإمارات ملتقى الشعوب والحضارات، ورسالتها إلى العالم رسالة سلام ومحبة وتسامح. مراكب البحارة تسجل التوابل والبهارات حضوراً قوياً في المهرجان، وسط أجواء احتفالية من الثقافة المحلية، باعتبارها جسراً يصل المشرق بالمغرب من خلال العادات والتقاليد. والبهارات عبرت إلى ضفاف البلاد في مراكب البحارة والتجار، وتعتبر من أبرز مكتسبات الثقافة الإماراتية والخليجية الناتجة عن تواصلها مع مختلف الدول. 98 أسرة تدعم مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية 98 أسرة مواطنة للمشاركة الفاعلة في هذا المهرجان، حيث تم تخصيص محل لكل أسرة لتعرض أهم منتجاتها التي تجسد التراث الإماراتي.
مشاركة :