الفنانة التشكيلية التونسية فاطمة الزهراء الحاجي حالة متفردة، إذ تمارس طريقة جديدة وغريبة في رسم لوحاتها بحيث تكون هي ذاتها جزءاً منها، بدياتها في الرّسم كانت منذ مشاركاتها في الورشات المفتوحة الموجهة للطفل التي ينظمها المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس، والتي يشرف على تأطيرها فنانون في اختصاصات متعددة. تقول فاطمة الزهراء: بدأ شغفي بالألوان ومواكبة الأنشطة الفنية والمشاركة فيها يتطور عند دخولي إلى المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس، حيث صقلت الممارسة الفنية بالبحث الأكاديمي، وأخذت ممارساتي أبعاداً وتوجهات، وصارت تحمل رسائل ومضامين وتتأثر بتجارب فنية من مدارس مختلفة. ثم بدأت التجربة تنضج وتستقل بذاتها كلما تقدمت في مسار البحث، وصار انشغالي أكثر بالفن المعاصر، عندها قدمت ممارساتي الأولى التي ترتكز بالأساس على العروض القياسية، وتتمحور كلها حول صراع الجسد مع الزمن والفضاء. وتضيف الزهراء: انطلقت أولى تجاربي في إطار الإعداد لرسالة ماجستير في الفنون التشكيلية اختصاص رسم واخترت لها عنوان «الجسد: الحامل والفاعل»، جسدي هو اللوحة وهو الفرشاة في الآن ذاته، تأثرت بتجارب معاصرة لفنانين تناولوا مسألة الجسد، ولكن حاولت أن أتفرد في ممارستي بالجمع بين الأداء المباشر واستعمال الجسد دون أن أستعير محامل أو أجساد أخرى، لكن الطريف في هذه الممارسة هي تلك الهواجس والأفكار التي تتوالد من عرض لآخر. وتضيف فاطمة الزهراء: إثر كل ممارسة أرصد الملاحظات والتعليقات التي أتلقاها من الجمهور من جهة، ومن جهة أخرى أبحث أكثر في تلك التفاصيل التي أعتمد تغييرها من ممارسة لأخرى من حيث زمن العرض ومدته والفضاءات التي أقدمه فيها، فكلما غيرت مكون من هذه المكونات الأساسية للعرض (التوقيت، المكان، الزمن، والفضاء) تغيرت حتما النتيجة النهائية (اللوحة) التي أقدمها للمشاهد، واخترت عنواناً لتجاربي الجديدة «الجسد: الحامل/الفاعل من التجربة إلى الأثر»، واتخذ هذا الشكل من أشكال التعبير للخروج من مأزق الرسم المسندي والتخلي عن فكرة اللوحة الفنية الكلاسيكية، التي تستوعبها فقط قاعات العرض المغلقة وموجهة إلى فئة معينة من الجمهور. وتواصل الزهراء: كان لابد من ابتكار طريقة تعبير جديدة، معاصرة، تشرك المتلقي في ولادة اللوحة وتترك لي مساحة تعبير حرة أثناء العرض، فاستعمالي لجسدي الخاص كفرشاة أمررها على المحامل التي اعتمد لها مقاسات محددة، واختياري لقطعة موسيقية تقنن حركاتي التي تبني اللطخات اللونية المفعمة بالحركية، هي طريقة جديدة لولادة العمل الفني وممارسة بعيدة عن قواعد الرسم التقليدية، لكنها تبقى طريقة تعبير متجددة وتتأقلم وتتطور مع أزمنة ممارستها وأمكنتها.
مشاركة :