هل ندرك ماذا تريد واشنطن هذه المرة؟ د. فاتح عبدالسلام جاء ترامب الى الرئاسة الامريكية ورحل، من دون أن تتبلور استراتيجية امريكية في السياسات الكبيرة ازاء قضايا المنطقة العربية والخليج خاصة، بالرغم من طفرات في المواقف كالانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات على ايران ونقل السفارة الامريكية الى القدس . في التسعينات من القرن الماضي كان هناك عنوان أوضح للامريكان، اشتغلوا عليه سنوات عدة، ذلك هو الاحتواء المزدوج في أعقاب غزو العراق للكويت، وصاحب ذلك اعلان محور الشر الذي يضم ايران والعراق وكوريا الشمالية، وهو المحور الذي تخلى الامريكان عن وسمه بصفة الشر بعد التفاوض مع ايران في سياق الملف النووي، وبعد المفاوضات والمصافحات واللقاءات الحارة بين زعيم كوريا الشمالية وترامب، وكذلك بعد أن جرى احتلال العراق وتغيير هويته السياسية، ودعم حكوماته المتعاقبة، فلم يعد ينطبق عليه مصطلح محور الشر.لا نزال في بداية الطريق، ولم تتضح صورة السياسة الامريكية ازاء الملفات الكبرى في المنطقة، بالرغم من الاشارات والتصريحات، لكن الفعل على الواقع هو أمر آخر . مفتاح استطلاع السياسة الامريكية في المنطقة سيكون من السعودية هذه المرة، فهذا البلد استراتيجي لعقدين في الاقل بالنسبة لواشنطن ، وهي تريد التأسيس على المنطلقات التي رسمت العلاقات الثنائية في عهد ترامب، ولا يمكن تجاهل بناء عمره الحديث أربع سنوات وعمره الاساس أكثر من سبعين سنة. في صحيفة هاآرتس الاسرائيلية في الرابع والعشرين من الشهر الماضي كان هناك حديث عن موافقة من دون تحفظ أعطتها تل ابيب لواشنطن من اجل توسيع مدى القبة الحديدية لتشمل منطقة الخليج مع تلميح اساس الى السعودية الدولة المركزية في الخليج . هذا التحوّل فيما لو تمّ انجازه ، سترتقي العلاقات العسكرية والسياسية بين الرياض وواشنطن الى مرتبة اعلى، وستكون هناك ثمة استحقاقات اقليمية. وهنا ثمة ورقة مهمة بيد السعودية لتأخذ من حصص الامن والتنمية والاستراتيجية العامة بقدر ما يمكن ان تعطيه لبرامج امريكية قد ترسم شكلا جديداً للاوضاع في الشرق الاوسط، ليس بالضرورة في عهد بادين، وانما في غضون أفق المرحلة الجديدة من استراتيجية قد تبلغ خمسين سنة، وكانت قد افتتحتها واشنطن في مطلع القرن بحربي افغانستان ٢٠٠١ والعراق ٢٠٠٣ .رئيس التحرير-الطبعة الدولية
مشاركة :