أكدت السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة، أن هناك ترحيباً عالمياً بإعلان اليوم الدولي للأخوة الإنسانية، وتأكيد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على حاجة المجتمع الدولي لاتخاذ مثل هذه المبادرات الرامية إلى تعزيز الوحدة والتضامن بين مختلف الشعوب والأديان. وقالت نسيبة في حوار خاص لـ«الاتحاد»، بمناسبة اليوم العالمي الأخوة الإنسانية: «لا شك أن الخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات لإرساء قيم التسامح والتعايش بين الشعوب قد أثرت بشكل كبير على الجهود الإقليمية والدولية في هذا المجال، لا سيما أن الإمارات قد أدركت منذ تأسيسها، وبفضل القيادة الرشيدة للدولة أهمية ترسيخ هذه القيم في المجتمعات وبين الشعوب لبناء مجتمعات مستقرة وآمنة». وأضافت: «أصبحنا من الدول السبّاقة في مجال إطلاق مبادرات رائدة ومبتكرة، وتأسيس مؤسسات معنية بالتسامح ساهمت جميعها في تعزيز ثقافة السلام داخل المنطقة وخارجها، وهذا ما جعل من دولتنا نموذجاً يُحتذى به من جانب الدول الأخرى. حقيقة كان لهذه الجهود أثرها البالغ في خلق بيئة آمنة في هذا البلد المتحضر، والذي يعيش فيه أكثر من 200 جنسية من مختلف الأديان والثقافات في سلام، ويمارسون شعائرهم الدينية بحرية وأمان تام، وهو ما أثبت للمجتمع الدولي أن دولة الإمارات عازمة على ترسيخ قيم التعايش بين مختلف الأديان والمجتمعات». ترحيب دبلوماسي وعن إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، قالت نسيبة: «شهدنا ترحيباً كبيراً من جانب دبلوماسيي الدول الأخرى بشأن هذا الإعلان، إذ يُعتبر اعتماد القرار التاريخي للجمعية العامة للأمم المتحدة (رقم A/75/200) المتعلق بإعلان اليوم الدولي للأخوة الإنسانية، بموافقة كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وبمشاركة أكثر من 34 دولة في رعاية مشروع القرار، دليلاً بالغاً على ترحيب كافة الدول بهذا القرار المهم، وإجماعهم على حاجة المجتمع الدولي لاتخاذ مثل هذه المبادرات الرامية إلى تعزيز الوحدة والتضامن بين مختلف الشعوب والأديان». وعن مستقبل التعايش عالمياً في ظل استمرار جهود دولة الإمارات لنشر السلام والتسامح، أوضحت نسيبة، قائلة: «نحن متفائلون جداً بشأن مستقبل التعايش عالمياً، وعازمون على أن يكون مستقبل الأجيال القادمة أكثر إشراقاً بحيث تعيش فيه كافة الشعوب بسلام وتفاهم واحترام متبادل بعيداً عن الخلافات والنزعات الطائفية التي تتناقض تماماً مع قيمنا الإنسانية». وأضافت: «لذلك سعينا لإطلاق مبادرات واسعة النطاق وبعيدة المدى، بحيث تهدف لخلق أجيال تحتضن التنوع الديني والثقافي وتحترمه، ومن أبرز هذه المبادرات اعتماد وثيقة «الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»، وإعلان اليوم الدولي للأخوة الإنسانية، وبناء بيت العائلة الإبراهيمية، فضلاً عن مواصلتنا نبذ ومكافحة خطاب التطرف والكراهية أينما وجد. ولهذا السبب، اختارت دولة الإمارات أن يكون تعزيز الإدماج ضمن أولوياتها، خلال ترشحها لعضوية مجلس الأمن في الأمم المتحدة للفترة 2022 - 2023. فنحن نرى أن الحفاظ على السلم والأمن الدوليين لا يمكن أن يتحقق دون نشر ثقافة التعايش السلمي بين الشعوب». مواجهة التحديات وأشارت لانا نسيبة إلى أن هناك العديد من التحديات التي تواجه قيم «الأخوة الإنسانية»، ومن أبرزها استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية لنشر خطاب الكراهية وارتفاع حدة الهجمات ضد أماكن العبادة والأقليات مع تحريف وتشويه الخطاب الديني للتحريض على العنف. ولفتت إلى أنه أما فيما يتعلق بكيفية مواجهة هذه التحديات، وانطلاقاً من تجربة دولة الإمارات، فتكون الخطوة الأولى بنشر الوعي بين المجتمعات والشباب حول مخاطر الخطاب المتطرف، وكيفية نبذه وأهمية التحلي بالقيم الإنسانية المشتركة. كما يجب تعزيز الشراكات مع كافة الأطراف المعنية خاصة القادة الدينيين الذين يمكنهم لعب دور مهم في تصحيح التفسيرات الخاطئة للدين، ونشر الوعي بين المجتمعات. وندعو أيضاً إلى العمل مع شركات التكنولوجيا لتحديد وإزالة الخطاب المتطرف، والسعي لسن تشريعات تجرم التمييز القائم على أساس الدين أو العرق، فضلاً عن توفير الحماية للأقليات ولأماكن العبادة وإتاحة بيئة مناسبة لممارسة الشعائر الدينية بحرية وإطلاق مبادرات لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات. وستواصل دولة الإمارات تنسيق الجهود على المستوى الإقليمي وتبادل أفضل الممارسات والمعلومات التي تتيح لنا إزالة كافة التحديات التي تواجه قيم الأخوة الإنسانية. أكدت لانا نسيبة أنه فضلاً عن إعلان اليوم الدولي للأخوة الإنسانية، هناك العديد من المبادرات التي تم إطلاقها عالمياً لدعم مبادئ وقيم هذه الأخوة الإنسانية، منها تنفيذ المبادئ التي أكدت عليها وثيقة الأخوة الإنسانية، وإطلاق اللجنة العليا للأخوة الإنسانية لـ «جائزة زايد للأخوة الإنسانية» تقديراً للأشخاص أو المؤسسات التي تعمل على صنع وترسيخ السلام، والاحتفاء بأسبوع الأخوة الإنسانية، خلال الفترة من 4 إلى 8 فبراير كل عام والذي يتزامن مع عقد مهرجان الأخوة الإنسانية بمشاركة قادة دينيين وحكومات ومنظمات دولية. كما تقود الأمم المتحدة العديد من الجهود في هذا المجال، وذلك من خلال اعتماد قرارات مهمة، وعقد المزيد من الحوارات البناءة وإطلاق خطط عمل لترسيخ ثقافة التعايش السلمي، ونبذ الكراهية وحماية أماكن العبادة. ونحن متأكدون بأنه سيتم بذل المزيد من هذه الجهود خلال السنوات القادمة. وقالت: «أود أن أوجه رسالة إلى كل فرد وعضو فاعل في مجتمعاتنا من شباب ونساء وقادة دينيين ومسؤولين وغيرهم بأننا نقف جميعاً أمام تحدٍ صعب للدفاع عن قيمنا الإنسانية المشتركة وأن كل فردٍ منا يتحمل مسؤولية المساهمة في تعزيز ثقافة السلام ورفض التطرف، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فلا يمكن بناء مجتمعات متعايشة دون جهد جماعي وتضامن من كافة أطياف المجتمع ومكوناته». واختتمت لانا نسيبة بتسليط الضوء على الإيجابيات التي تعود على الشعوب من نشر قيم التسامح والتعايش، قائلة: «لا يمكن حصر الإيجابيات الكثيرة التي تعود على الشعوب من نشر قيم التسامح والتعايش، ولكن يمكن إيجازها بأنها تساهم في خلق مجتمعات سلمية ومتماسكة، وبناء دول مستقرة وآمنة تنعم فيها الشعوب بالازدهار والتقدم الثقافي والتطور العلمي ما سيساهم في تطوير حضاراتنا الإنسانية العريقة».
مشاركة :