هل ابتعد شباب الشرق الأوسط وإيران عن الدين؟

  • 2/6/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

استطلاع حديث للرأي ذهبت نتائجه إلى أن نصف سكان الشرق الأوسط وإيران باتوا يبتعدون عن التدين ويعرّفون أنفسهم على أنهم غير متدينين. تزامناً مع عدم استجابة حكومات المنطقة لمطالب إصلاح المؤسسات الدينية. مسجد الشيخ زايد في الإمارات العربية الدين موضوع يتسم بحساسية شديدة في منطقة الشرق الأوسط وإيران حيث تعيش غالبية مسلمة تتراوح نسبتها ما بين 60 بالمئة من السكان، كالحال في لبنان، ومايقرب عن 100 بالمئة من السكان في الأردن والسعودية وإيران على سبيل المثال. ولأن المؤسسات الدينية كيانات رسمية تابعة للدولة هناك، تلعب الحكومات دوراً رئيسياً في الحياة الدينية من خلال التحكم غالبا في عادات الصلاة ووسائل الإعلام والمناهج التعليمية. إلا أن العديد من استطلاعات الرأي الشاملة التي تمّ إجرائها حديثا بدول الشرق الأوسط وإيران وصلت تقريبا لنتيجة حول انتشار  للأفكار العلمانية وارتفاع دعوات لإصلاح المؤسسات الدينية ذات الطابع السياسي. لبنانتفقدتدينها؟ بتسجيل 25 ألف مقابلة في لبنان، تمّ إجراءها بواسطة ”الباروميتر العربي" وهي واحدة من أكبر شبكات إجراء الاستطلاعات بالمنطقة بالتعاون بين جامعتي برينستون وميتشغان، تمّ التوصل لنتيجة مفادها أن ”التدين الفردي انخفض بحوالي 43 بالمئة خلال العقد الماضي، بما يشير إلى أن أقل من ربع السكان يعرِّفون أنفسهم الآن بأنهم متدينون". وتحدثت شابة لبنانية لـ DW عن تراجع تدينها بالرغم من تربيتها في منزل محافظ وسط أسرة ”شديدة التدين" أجبرتها على ارتداء الحجاب في سن الثانية عشر، على حد وصفها. وتحكي الشابة، التي طلبت عدم ذكر اسمها خوفاً من التعرض لأي أذى، أن أسرتها هددتها باستمرار في حالة تخليها عن الحجاب ”بأنها ستحترق في الجحيم". وبعد سنوات، التحقت الشابة اللبنانية بالجامعة حيث قابلت مجموعة زملاء ملحدين. وتقول الشابة، التي تبلغ من العمر حاليا 27 عاما: ”تدريجيا أصبحت مقتنعة بمعتقداتهم وقررت يوما قبل الذهاب للجامعة خلع الحجاب وترك المنزل". وتضيف: ”أصعب جزء كان مواجهة عائلتي، ولكن بداخلي كنت أشعر بالخجل لتخيب ظن والدي". تجدر الإشارة إلى أنه في لبنان من شبه المستحيل ألا تكون مرتبطا رسميا بدين ما، إذ أن السجل المدني هناك يذكر طائفة كل مواطن لبناني في بطاقة الهوية. ولا يوجد ضمن الـ 18 من الاختيارات المتاحة فئة ”دون ديانة". طلبإيرانيبتغييراتدينية! من جهتها، أجرت مجموعة التحليل وقياس التوجهات في إيران GAMAAN استطلاعا لرأي 40 ألف شخص للتعرف على توجهات الإيرانيين الدينية. وفي حديثه مع DW، يوضح تميمي عرب، المساعد بجامعة أوتراخت الهولندية والمشارك في إجراء الاستطلاع: ”يمر المجتمع الإيراني بتحولات ضخمة، مثل زيادة التعلم بمعدل مذهل، وما تشهده الدولة من عملية تمدن هائلة، وتغييرات اقتصادية تؤثر على البناء التقليدي للأسرة، ونمو معدلات الدخول على الإنترنت بما يشبه دول الاتحاد الأوروبي، وانخفاض معدلات المواليد". وبالرغم من تصنيف 99.5 بالمئة من إجمالي السكان في إيران كأغلبية شيعية، وجدت GAMAAN في استطلاعها أن 78 بالمئة فقط من المشاركين يؤمنون بوجود الله وأن 32 بالمئة منهم فقط يعرّفون أنفسهم كمسلمين شيعة. كما عرّف 9 بالمئة من المستطلعة آرائهم بأنفسهم كملحدين، و8 بالمئة كمنتمين للديانة الزراديشتية، و7 بالمئة كروحانيين، و6 بالمئة كمحايدين دينيا، و 5 بالمئة كمسلمين سنة، وأخيرا 22 بالمئة عرّفوا أنفسهم ضمن مجموعات دينية أخرى، وفقا لنتائج الاستطلاع. ويصف تميمي عرب النتائج تشير إلى ”ارتفاع في العلمانية وتنوع في الأديان والمعتقدات"، ولكنه اعتبر أن المعيار الأكثر حسماً يكمن في ”تشابك الدولة والدين بما يتسبب في رفض السكان للمؤسسات الدينية رغما عن إيمان الأغلبية بوجود الله"، على حد قوله. وفي لقاء آخر أجرته DW، تحدثت سيدة كويتية، طلبت عدم نشر اسمها لدواعي أمنية، عن الفرق بين الإسلام كدين وكنظام حيث تقول: ”كمراهقة لم أجد أي دليل على القواعد الحكومية في القرآن". وتتذكر السيدة الكويتية كيف تمّ رفض أفكارها منذ ما يقرب عن عشرين عاما، بينما اليوم يمكنك الشعور بالاختلاف في توجهات الناس نحو الإسلام في كل مكان، على حد تعبيرها. وتقول: ”رفض الخضوع للإسلام كنظام لا يعني رفض الإسلام كدين". تراجع الدين؟  وقام عالم الاجتماع واستاذ العلوم السياسية الفخري بجامعة ميتشغان الأمريكية، ومؤلف كتاب ”تراجع الدين المفاجئ"، رونالد إنغليهارت بتحليل استطلاعات للرأي مشابهة في أكثر من مئة دولة حول العالم، أجريت ما بين عام 1981 و2020، فخلص إلى أن التحول السريع نحو العلمانية ليس حكراً على الشرق الأوسط. بينما يضيف تميمي عرب في هذا الشأن قائلا: ”الزيادة في من لا يعرّف نفسه ضمن دين معيّن لوحظ في الأغلبية المسلمة بدول مختلفة  كالعراق وتونس والمغرب". وكلما زاد تمييز الناس بين الدين كإيمان والدين كنظام، ارتفعت دعوات مطالبة بالإصلاح. ويرى الباحث بكلية الدراسات الدولية بجامعة  نانيانغ في سنغافورة جيمس دورسي إن هذا التوجه يتسبب في ”إحداث ضربة في مجهودات إيران ومنافسيها، السعودية والإمارات وتركيا، القوى المتصارعة على قيادة العالم الإسلامي باستخدام الدين كقوة ناعمة".    ويلقى دورسي، الخبير في منطقة الشرق الأوسط، الضوء هنا على مثالين متناقضين. فبينما رفعت الإمارات الحظر عن استهلاك الكحول والسماح لعلاقة في منزل واحد خارج إطار الزواج، اعتبرت السعودية الإيمان بأفكار ملحدة شكلا من أشكال ”الإرهاب".  كما تحدث دورسي أيضا عن اتهام السعودية للناشط رائف بدوي بالردة وإهانة الإسلام والحكم عليه بالسجن عشر سنوات وتلقى ألف جلدة، بعد طرحه تساؤلات بشأن إلزام السعودين بالتقيد بالإسلام وقوله إن الدين لا يقدم بالضرورة إجابات على كل أسئلة الحياة.     جينيفرهوليس/ رازان سلمان ترجمةديناالبسنلي

مشاركة :