- بدأت المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان بالدوحة في 6 يناير/ كانون الثاني الماضي- على الرغم من عقد 4 اجتماعات بين وفدي التفاوض لم يتم الحصول على نتائج ملموسة- أوقف وفد طالبان مشاركته بالمفاوضات أواخر يناير، وبدأ بإجراء جولة بالمنطقة- شملت الجولة طهران وموسكو في مسعى للبحث عن أطراف داعمة لموقف طالبان- تزامنت الجولة مع توجه أمريكي بمراجعة اتفاق السلام مع طالبان ومطالب للحركة تلقى رفضا من كابول لا يزال الغموض يكتنف مصير المرحلة الثانية من محادثات السلام الأفغانية، التي بدأت في العاصمة القطرية الدوحة في 6 يناير/ كانون الثاني الماضي، بمشاركة وفدين عن الحكومة وحركة طالبان. وتهدف المحادثات إلى إنهاء الخلافات المستمرة منذ ما يقرب من عقدين، مستثمرة اتفاق السلام التاريخي بالدوحة بين الولايات المتحدة وطالبان، الذي عقد في فبراير/ شباط الماضي. وعلى الرغم من عقد 4 اجتماعات بين وفدي التفاوض اللذان يمثلان حركة طالبان والحكومة الأفغانية، إلا أنه لم يتم الحصول على نتائج ملموسة، وسط استمرار الهجمات الدموية وسقوط ضحايا في البلاد. وبينما توقع فريق الحكومة الأفغانية المفاوض استمرار المحادثات بين الجانبين حتى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، أوقف وفد طالبان مشاركته بالمفاوضات أواخر يناير الماضي، وبدأ بإجراء جولة بالمنطقة تتزامن مع توجه أمريكي بمراجعة اتفاق السلام ومطالب للحركة تلقى رفضا من الحكومة في كابول. وفي الوقت الذي كان فيه وفد طالبان برئاسة ملا عبد الغني برادر، رئيس المكتب السياسي للحركة في قطر، يجري زيارة إلى العاصمة الإيرانية طهران، توجه وفد آخر من الحركة برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي عباس ستانيكزاي إلى العاصمة الروسية موسكو. ** المراجعة الأمريكية وتهديد طالبان وبحسب مراقبين، فإن طالبان تريد الحصول على دعم دول المنطقة، في إطار البحث عن بدائل تشد من أزر موقف الحركة في حال لم تتمكن من الحصول على الدعم الذي تتوقعه من الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن. وفي 23 يناير/ كانون ثان الماضي، قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة ستراجع اتفاق السلام التي أبرمته للوقوف على موضوعات قطع طالبان علاقاتها مع الجماعات الإرهابية، والحد من العنف في أفغانستان، وما إذا كانت هناك حاجة لإجراء مفاوضات ذات مغزى مع الحكومة الأفغانية وأصحاب المصلحة الآخرين وفي 20 فبراير/شباط 2020، وقعت الولايات المتحدة اتفاقا مع طالبان، مما قد يمهد الطريق نحو انسحاب كامل للقوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهرا، ويمثل خطوة نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ 18 عاما. وبعد نحو أسبوع وبختام جولة طهران، قال سهيل شاهين، المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "طالبان" في الدوحة: "نحن لم نبرم اتفاقا مع أمريكا لأربع سنوات، بل أبرمنا اتفاقا مع الولايات المتحدة ونظامها الحاكم.. نحن ملتزمون بالاتفاق، وفي حال انتهاكه من قبل إدارة بايدن، سنعيد تقييم موقفنا". وأشار إلى أنه "وفقا لاتفاق الدوحة، ستعتبر طالبان بقاء القوات العسكرية الأمريكية بعد أربعة عشر شهرا، بمثابة احتلال لأفغانستان وسنواصل القتال في حال بقائها". ** إيران و"شراكة" اضطرارية مع طالبان؟ وفي الوقت الذي كان فيه الشعب الأفغاني يترقب قرارًا بشأن وقف إطلاق النار ينتج عن محادثات الدوحة، تخلى أعضاء فريق طالبان المفاوض فجأة عن مواصلة المشاركة في المحادثات وتوجهوا إلى طهران في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي. قوبلت زيارة وفد طالبان المفاجئة لإيران بردود فعل مستنكرة من قبل شريحة واسعة من الشعب الأفغاني، فيما أعلنت الحكومة الأفغانية أنها تلقت معلومات حول "طبيعة الزيارة"، دون تفاصيل. وبعد أيام من الاستنكار والغموض، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، في 2 فبراير/ شباط الجاري إن وفد طالبان، زارنا بعِلم الحكومة الأفغانية، مؤكدا أنه من غير الممكن تجاهل طهران أجواء الفوضى مع جارتها أفغانستان، ولا يعني ذلك أن لنا علاقة خاصة مع الحركة. هذه التصريحات تأتي لتهدئة أجواء ما رآه مراقبون، من سعى طهران لامتلاك ناصية طالبان وجذبها إلى الفلك الإيراني، بعد توقعات بإمكانية تخلي واشنطن عن الحركة وتركها في مهب الريح. وفي الأفق أيضا، تحاول طهران الجارة الحدودية لأفغانستان والتي ما زالت تصنّف طالبان كمنظمة إرهابية، زيادة نفوذها في أي حكومة جديدة مرتقبة في أفغانستان قد يجري تشكيلها بمشاركة طالبان بعد التوصل لاتفاق سلام. وهذا ما وضح في تصريحات لوزير خارجية طهران، جواد ظريف، في 31 يناير/ كانون ثان الماضي، عقب الاجتماع مع وفد الحركة. وقال ظريف آنذاك: "نولي أهمية لفكرة تشكيل حكومة شاملة تشاركية تضم كافة المجموعات العرقية والسياسية في البلاد مع مراعاة الدستور والمؤسسات والقوانين الأساسية". ولا يمكن غض الطرف عن تصريحات طالبان بعد زيارة طهران، إذ تطرح تساؤلات حول ثمة شراكة اضطرارية قد تحدث في الأفق. ووصف المتحدث باسم وفد حركة طالبان، محمد نعيم وردك الاجتماع مع ظريف، الذي تم خلاله بحث القضايا الثنائية للبلدين بـ"الإيجابي". ومتماشيا مع الخطاب الإيراني، قال سهيل شاهين، المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان، إن "الحركة تسعى إلى إقامة نظام شامل يضم كافة أطياف الشعب الأفغاني (..) نحن نريد نظاما شاملا، ونتحاور مع الجميع، ولا نسعى لاحتكار السلطة". ** الوسيط الروسي وقت الأزمات وتوجه طالبان إلى روسيا مؤخرا، بمثابة عودة لوسيط وقت الأزمات، وهو ليس بعيد عن مجريات المشهد الأفغاني، حيث سبق في يونيو/ حزيران الماضي، أن عقد اجتماع أفغاني- روسي – أمريكي لتقييم مفاوضات السلام مع الحركة. وفي 5 فبراير/ شباط الجاري، تحدث المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى أفغانستان ضمير كابولوف لتلفزيون روسيا اليوم (حكومي)، عن دور وساطة لبلاده بين الحكومة والحركة للتنسيق وإحلال السلام. وأشار إلى أن الحركة خلال زيارتها طلبت دعما من موسكو بشأن مطالبها بشأن سجناء الحركة وحلحلة القضايا العالقة. وفي 2019، تحدث الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب عن انهيار المحادثات، فما كان من وفد الحركة إلا أن اتجه إلى روسيا وبحث الأزمة، والذي تبدلت بعد أشهر إلى اتفاق تاريخي. ** الحكومة وطالبان.. عودة للاتهامات وبينما تسعى طالبان لدعم مواقفها دوليا، اتهم نادر نادري، المتحدث باسم لجنة المفاوضات الأفغانية (حكومي)، الحركة بعدم امتلاكها الرغبة في مواصلة محادثات السلام مع الوفد الحكومي الأفغاني. بينما أحجمت طالبان عن الإدلاء بأي تعقيب يصب في خانة عرقلة المفاوضات الأفغانية. ويرى متابعون للشأن الأفغاني، أن تعليق طالبان مشاركتها في محادثات السلام الأفغانية يظهر وجود رغبة عند الحركة لتقديم شروط جديدة من أجل مواصلتها في مسيرة المفاوضات، وهو ما بدا بجولتها الأخيرة سعيا لكسب تأييد أو استكشاف المواقف. وتطالب طالبان الحكومة الأفغانية بالإفراج عن 7 آلاف و500 سجين من الحركة معتقلين في سجون الحكومة الأفغانية ورفع أسماء قادة طالبان من القائمة السوداء الدولية، من أجل مواصلة المفاوضات وضمان وقف إطلاق النار. من ناحية أخرى، أعلنت الحكومة الأفغانية رسميًا رفضها لشرط طالبان الأول، إلا أنها لم تعلن موقفها الرسمي بعد تجاه الشرط الثاني. وبينما يستمر الجمود حتى إشعار آخر، تستمر وتيرة هجمات طالبان ضد المقار الأمنية الحكومية، ولا يعرف هل ستكون المراجعة الأمريكية المرتقبة لاتفاق السلام وقودا لاشتعال تلك الهجمات أم جولة الحركة بالمنطقة ستخفف خلافات وتعيد استئناف المحادثات، إذ أن الغموض لا يزال سيد الموقف. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :