يعتبر الانقلاب العسكري، الذي وقع في ميانمار، كارثة حقيقية على شعب تمتع بحرية هشة بعد عقود من الظلام تحت حكم الدكتاتورية. وهو بمثابة فشل لجهود الولايات المتحدة وحلفائها في غرس وتثبيت القيم الديمقراطية في هذا البلد. ديمقراطية هشة وكانت الهيكليات الديمقراطية الراسخة منذ زمن بعيد في الولايات المتحدة، قد وقفت بحزم في وجه شخص استبدادي حاول سرقة الانتخابات، لكن ديمقراطية ميانمار الهشة تقوضت صباح الإثنين الماضي، وأصبحت تحت رحمة أحذية الجيش. وتم اعتقال أونغ سان سو تشي، الزعيمة المنتخبة في ميانمار، وعادت إلى الإقامة الجبرية في منزلها، حيث أمضت نحو 30 عاماً. وتم اعتقال أنصار الديمقراطية الآخرين. ويبدو المستقبل كئيباً مرة أخرى. وبالطبع استفاد الجنرالات من تشويه سمعة سو تشي العالمية. وكان إنكارها الشديد حقيقة أن الجيش كان مذنباً بأعمال الإبادة الجماعية ضد عرقية الروهينغا المسلمين، قد كشف عن تعصب قومي لدى سو تشي، كان الغرب قد تجاهله خلال انشغاله بتصوير حكاية البطلة عن قصة ميانمار السياسية المعقدة. محبوبة في الداخل لكن «السيدة» ظلت محبوبة داخل ميانمار. وتذكر محنتها الحالية بأن الديمقراطيات الوليدة بحاجة إلى الدعم. وفقدت واشنطن التركيز على ميانمار منذ زيارة الرئيس السابق باراك أوباما إلى يانغون عام 2012، والتي شهدت خروج مئات الآلاف من المواطنين المبتهجين إلى الشوارع. وتفتقر إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى التماسك في سياستها المتعلقة بمنطقة جنوب شرق آسيا، ولم تهتم كثيراً بشأن الديمقراطية هناك. وكان من النادر مشاهدة مسؤولين أميركيين كبار في المنطقة التي تعتبر المظاهر أهم شيء في حياتها. ووقفت الولايات المتحدة كالمتفرج عندما كان الجيش في تايلاند الجارة لميانمار يقوم بإخماد الحكم الديمقراطي. ويواجه الرئيس جو بايدن اختباراً قوياً لنفوذه في آسيا. وهو يهدد الآن بفرض عقوبات على ميانمار، ولكن خنق الاقتصاد حالياً في هذه الدولة وسط جائحة كورونا من شأنه أن يسبب مزيداً من الآلام للشعب. وفي الوقت الذي قطع فيه جيش ميانمار الإنترنت وشبكات الاتصال الأخرى، وأغلق البنوك، وأرسل الدوريات العسكرية في شوارع المدن، هل يستطيع بايدن أن يحشد الهند واليابان وأستراليا والدول التسع الأخرى في اتحاد دول جنوب شرق آسيا لتخفيف حدة الحملة القمعية التي يقوم بها جيش ميانمار؟ وفي نهاية المطاف، فإن رد الولايات المتحدة على انقلاب ميانمار سيظهر المدى الذي يمكن أن يذهب إليه بايدن في تعهده باسترجاع الديمقراطية العالمية، أو أنه يمكن أن يترك الخطوط مفتوحة للجنرالات في العاصمة نايبيداو، كجزء من لعبة جيوسياسية كبيرة لمواجهة النفوذ الصيني. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :