مرت أمس الذكرى الثانية لاشتباكات وقعت في شارع محمد محمود في قلب العاصمة المصرية بين الشرطة ومحتجين بلا منغصات للحكم الموقت، لكنها أظهرت استمرار الفجوة بين الثوار المطالبين بالقصاص لعشرات من رفاقهم الذين قضوا في المواجهات والمؤسسة العسكرية التي كانت تحكم في تلك الفترة. إذ تحول إحياء الذكرى إلى اشتباكات في ميدان التحرير ومحيطه بين أعضاء قوى وتحالفات ثورية أعادت إحياء هتاف «يسقط يسقط حكم العسكر» للمرة الأولى منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وأنصار وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي. وكان مئات المتظاهرين توافدوا صباحا الى شارع محمد محمود المطل على ميدان التحرير والمؤدي إلى وزارة الداخلية لإحياء ذكرى مقتل رفاقهم في اشتباكات مع الشرطة في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، اندلعت بعد فض اعتصام في الميدان للمطالبة بتسليم المجلس العسكري السابق السلطة، وقُتل فيها عشرات المتظاهرين وأصيب نحو ألفي شخص. وفي الذكرى الأولى للأحداث التي مرت خلال فترة حكم مرسي، قُتل 3 أشخاص وجُرح العشرات في اشتباكات مع الشرطة. وفي حين كان مئات يهتفون في بداية شارع محمد محمود ضد الشرطة والجيش، كان عشرات من أنصار السيسي على مقربة منهم يحيطون بالحديقة الوسطى للميدان التي شهدت أول من أمس وضع حجر الأساس لنصب تذكاري أعلنت الحكومة بناءه قبل أن يدمره متظاهرون بعد ساعات من تدشينه ويكتبون عبارات مناهضة للجيش و «الإخوان» عليه. ورفض أنصار السيسي هتافات مناهضة للجيش رددها متظاهرو شارع محمد محمود، فيما سعى مارة إلى الفصل بين الطرفين أكثر من مرة. وأصر المتظاهرون على دخول الحديقة الوسطى للميدان، واندفعوا ناحيتها حاملين أعلاماً بيضاء لصور عدد من ضحايا الأحداث، ما سبب تراشقاً بالأيدي مع مؤيدي السيسي بعد تبادل الشتائم. وطرد المتظاهرون مؤيدي وزير الدفاع من الحديقة وحطموا أجزاء أخرى من النصب التذكاري ووضعوا عليه نعشاً رمزياً ملفوفاً بعلم مصر، في إشارة إلى الضحايا، ورددوا هتافات ضد الجيش والشرطة. وتبادل الحشدان التراشق بالحجارة والزجاجات الفارغة عند أطراف الميدان، حتى وصلا إلى ميدان عبد المنعم رياض القريب من المتحف المصري، فأطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الجانبين، قبل أن تتراجع إلى داخل المتحف. وبعد أن خرج مؤيدو السيسي من ميدان التحرير، عادوا مرة أخرى لتتجدد اشتباكات تكررت أكثر من مرة وكانت أشد حدة عند أطراف الميدان. وحلقت مروحيات تابعة للشرطة لرصد الاشتباكات التي امتدت إلى مسافة بعيدة نسبياً من الميدان. إلى ذلك، لاحظت الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون «فرصاً لتسوية سياسية» في مصر. وقالت في بيان أمس: «رأينا بعض التطورات المهمة في مصر، مثل تغير حال الطوارئ وبدء مسار المحاكمات، كما أننا رأينا احتمال التوصل إلى شكل من أشكال المصالحة». وتعتزم آشتون استقبال نائب رئيس الوزراء المصري زياد بهاء الدين قريباً للبحث في «دعم المصالحة». غير أن الأمين العام لحزب «العمل» الإسلامي المنخرط في «التحالف الوطني لدعم الشرعية» الذي تقوده جماعة «الإخوان» مجدي قرقر أكد لـ «الحياة» أن «ردود الأفعال (على دعوة التحالف إلى حوار) وكل التصريحات التي خرجت من المسؤولين المصريين تشترط الموافقة على خريطة الطريق، ما يعني القبول بالانقلاب، وهو ما نرفضه». وكانت وكالة الاناضول التركية نقلت عن قيادي في التحالف الداعم لمرسي إن التحالف بدأ في تشكيل لجنة «للتواصل السياسي» مع الأحزاب والقوى الثورية لتفعيل دعوة الحوار. غير أن قرقر نفى ذلك. وقال: «إذا كانت اتصالات جرت مع شخصيات حزبية فهي فردية، لكن لم نناقشها داخل التحالف ولم نقرر تشكيل لجان، وكل ما طُرح لا يلبي مطالبنا».
مشاركة :