ساسي جبيل (تونس) حذر البنك المركزي التونسي، في تقرير له، من خطر الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من أربع سنوات. وحذر من انزلاق تونس إلى مرحلة الإفلاس بعد أن تراجع الناتج المحلي إلى 0,7% سلبياً، نتيجة ضعف أداء عدد من القطاعات، في مقدمتها قطاع الصناعات، إضافة إلى تراجع أداء السياحة.وقال التقرير إن تونس تتجه نحو مرحلة «الانكماش التقني»، وهي مرحلة تسبق عادة مرحلة الإفلاس، مشدداً على أنه في حال تواصل تدهور الأوضاع الاقتصادية وتدني نسبة النمو نتيجة تراجع القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها قطاع الصناعات، فإن البلاد تتجه نحو مرحلة الإفلاس، خاصة وأن الناتج المحلي تراجع بشكل مفزع ليصل 0,7% سلبياً. وبلغت نسبة عجز الميزان التجاري 54%، وانخفضت نسبة النمو إلى 1,7% خلال الربع الأخير من عام 2014، فيما يقدر حجم المديونية بحوالي 10 مليارات دولار، وبلغ العجز في موازنة الدولة لعام 2015 نحو 6 مليارات دولار، بعد أن كان في حدود مليار عام 2010 قبل يناير 2011. وصرح خبراء اقتصاديون أن «مرحلة الانكماش التقني» هي مرحلة تسبق مرحلة الانكماش الاقتصادي تستغرق عادة عاماً واحداً، تليها مرحلة إفلاس البلاد، وهي مرحلة تقود إلى عجز الدولة عن دفع النفقات وأجور الموظفين والعمال، مما يقود بدوره إلى عجز الدولة عن تسديد القروض والديون الخارجية ودخولها في أخطر مرحلة، وهي مرحلة «انهيار الدولة». وقال عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي والمالي: إن التراجع الكبير للاقتصاد التونسي خلال السنوات الأخيرة سيكرس ارتفاع نسبة البطالة ولا يخلق وظائف جديدة، ولا بد من برنامج كبير لإخراج البلاد من عنق الزجاجة. وتساءل: هل أخفت الحكومة التونسية في ظل هذه الأرقام التي تشير إلى تراجع كبير في النمو لتصدر فقط نهاية شهر أغسطس؟، مشيراً إلى أن صندوق النقد الدولي قد يكون وراء ذلك. وأكد سعيدان أن تقرير البنك المركزي التونسي الأخير سيجعل الاقتصاد أكثر تدهورا ومستوى عيش المواطن كذلك، في ظل مستحقات دين أجنبي تقدر ب 54% من حجم الاقتصاد، ومن شأن هذا الوضع أن لا يمكن من تسديد الدين الخارجي، خصوصاً خلال عامي 2016 و2017، وهو أمر محرج أمام لامبالاة الحكومة وعدم إعلانها عن برنامج واضح في ظل صراعات وسجالات سياسية مشتعلة بين مختلف الأحزاب. وفي ظل تنمية متوقفة تماماً، كما تشير الأرقام، حقق مردود القطاع الفلاحي والصناعات الغذائية خلال الفترة الماضية من العام الحالي أرقاما غير مسبوقة من خلال مداخيل تصدير زيت الزيتون التي وصلت إلى 1400 مليون دينار تونسي (نحو 700مليون دولار) وما يقدر ب 400 مليون دينار (نحو 200 مليون دولار) من تصدير التمور، إلا أن الفوسفات لم يصدر منه سوى 1,5 مليون طن خلال الأشهر الثمانية الماضية، وهذا الرقم كان خلال الفترة نفسها من عام 2010 قد وصل إلى 7,8مليون طن، ورغم ذلك سجلت تونس نسبة نمو سلبية جداً، بسبب تراجع السياحة التي تعيش وضعا خطيرا للغاية. وأرجع الخبير عز الدين سعيدان الأمر إلى سوء التصرف في الشأن العام الذي شاب الحكومات المتعاقبة التي حكمت البلاد بعد يناير 2014، إضافة إلى الإضرابات والأوضاع الأمنية المتردية، وأكد أن الانهيار الاقتصادي سيكون وراءه انهيار تام للمنظومة السياسية برمتها، ولا حلول لذلك إلا بالعمل على مزيد الاستثمار الداخلي والخارجي.
مشاركة :