كان ذلك في ربيع 2016 حين أُقيم حفل افتتاحي بمناسبة تدشين مُلتقى تطّلع الإعلامي النسائي، الضيوف من سيدات المجتمع والإعلاميات ما هم إلا انعكاس على ثقافة رئيسة الملتقى، يبدو أنها تريثت لوقت طويل حتى تستقر على نُخبة مميزة لهم باع طويل في مجالهم؛ الإعلام أو الصحافة وحتى الشعر والنثر، انتقاء جيد يليق بأهداف الملتقى فمنهم الكاتبة ومنهم الشاعرة ومنهم المذيعة والصحفية والمتحدثة والملهمة والقائدة ليس من تبوك فحسب بل من مدن مختلفة لكن يجمعهم الفن والأدب والذوق الرفيع، وحين تأتيك مثل تلك الدعوات يُخيل إليك أن الداعي شخص في أكثر من منتصف العمر ذو جوالات وصولات في الحياة، لكن حين التقيت بها كانت فتاة في العشرين من العمر تحمل رؤية كبيرة وطموحًا عظيمًا؛ لها تطلعات تفوق السماء وجغرافية المكان. لا تعرف "نورة العنزي" أنني سأكتب هذه المقدمة، لكنني أعرف أنها تخلت بمحض إرادتها عن وظيفتها لتكرس وقتها وجهدها مُحَاوِلةً أن تجعل لإعلام تبوك النسائي مكانة تليق في عالم الإعلام السعودي، بالطبع محاولة مميزة تُجبرك على الالتفات لها. ولمن لا يعرف ما هو ملتقى تطّلع الإعلامي فهو "واجهة إعلامية أسُست لخدمة المرأة والأخذ بيد كل مبدعة؛ ليس في تبوك فقط بل في جميع أنحاء المملكة فهو يقدم أنشطة إعلامية وثقافية بشراكات مع مختلف الجهات الثقافية والأدبية والإعلامية في تبوك والرياض وحائل والجنوب، ولازال يقدم ويبحث عن التميز في تقديم ما يرضي الجميع ويليق بطموحاته العالية التي لم ولن تتوقف أبدًا -بإذن الله-. قائمة الألوان حواري مع نورة احتضن البساطة والطموح معًا؛ فكان لي معها هذا الحوار اللطيف: * نورة طالب العنزي؛ الطُرق التي سُلكت في البدايات لا تُنسى.. حدثينا عن البدايات المُدهشة! عن أول الخطوات في أول الطرق؟ - في مراهقتي كُنت شغوفة جدًا بالإعلام خصوصًا في مرحلة الثانوية لدرجة أني في آخر العام الدراسي أسست مجلة سميتها مجلة "الرابعة" تيمنًا باسم الثانوية الرابعة التي كنت أدرس بها، بعدها انتقلت إلى عالم الصحافة سعيت نحو أحلامي واتبعت شغفي فأصبحت محررة بصحيفتي عكاظ والرياض، لكن ظرف ابتعادي عن تبوك جعلني لا أكمل في هذه المهنة الجميلة، ثُم بعدها توالت جولاتي في عالم الصحافة فمررت بمحطات عدة؛ مجلات وصحف إلكترونية كان آخرها صحيفة أضواء الوطن الإلكترونية. * هل تُذكرين المحاولة الأولى؟ - نعم، لا زلت أتذكر "طالبات التسعين يسقطن بالضربة القاضية بتبوك" مانشيت أربك التعليم حين ذاك ونشر في الصفحة الأخيرة في صحيفة عكاظ. * يُقال "لكل صحفي عرّاب في الصحافة"..من عرابكِ؟ - نحن امتداد لكل من سبقونا في الإعلام، ونستفيد من تجاربهم. * وفي الحياة؟ - لكن في الحياة والدي (رحمه الله وغفر له). * على ذكر والدك (رحمه الله).. هل له دور في صقل شخصيتكِ وسيركِ في طريق الإعلام؟ - والدي (رحمه الله) يحب المرأة الواثقة القوية، لطالما شجعنا في المضي قدمًا، كان دائمًا يضع الثقة بنا في كل شيء، ويفتخر ببناته. * هل من نصيحة قالها ولا زالت عالقة في ذهنكِ؟ - نعم. كان يقول لي: "الاحترام هيبة.. اكسبي الجميع دون مجاملة، ولا تخسري من حولك، واحرصي أن تكوني صوت حق لمن يستند عليك" لم تكن نصيحة فحسب بل جعلتها أسلوب حياة. * أعلم أن المرأة في عهد الأمير محمد بن سلمان بخير وأفضل بكثير مما كانت عليه، لكن تبقى هناك تحديات تواجهها الإعلامية.. حديثنا عن أصعب تحدٍ تغلبتِ عليه؟ - مسألة "تقبّل المرأة في المجال الإعلامي"، وخاصة في مجتمع تبوك، الآن انتهى هذا الأمر -ولله الحمد-، بفضل التغيرات الإيجابية التي أحدثها سمو ولي العهد صرنا شريكات الرجال في كل شيء. * "همة السعوديين مثل جبل طويق، ولن تنكسر إلا إذا انهد هذا الجبل وتساوى بالأرض". هكذا وصف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان همة السعوديين خلال جلسة مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار.. مع نيوم ومشروع ذا لاين ودعم الأمير للتطور العظيم هل باعتقادك أنه بالفعل سنجعل من تبوك مدينة عالمية؟ - أميرنا الملهم صانع نهضتنا خص تبوك بنيوم لتكون وجهة عالمية، نعم تبوك المدينة الحالمة التي كان ولازال للورد فيها حكاية؛ الآن أصبحت ذات مكانة مهمة جدًا اقتصاديًا وثقافيًا وسياحيًا. إن هذه التحولات الإيجابية الكبيرة جعلت كل مواطن يريد أن يكون جزءًا مهمًا ومؤثرًا لمواكبة التغيرات، نحن على طريق مُجمل بالرؤية محفوفًا بأحلام تعانق السماء. * ما أجمل شيء تستطيعين بِه وصف سيدات تبوك؟ - طموحات؛ لهن ثقلهن الأدبي والثقافي والإبداعي، للبعض وهج مميز، وأفعال مميزة، وخطوات مُختلفة. * برأيك من هن أبرز الشخصيات النسائية الأكثر تميزًا في تبوك؟ - تبوك بصفة عامة حاضنة للشخصيات الناجحة والمبدعة، وأعتقد أن هناك كثير أسماء ناجحة وملهمة بنفس الوقت، لكن من أهم الشخصيات التي أعتز بهن وأفتخر: ( د.نورة المري عضو مجلس الشورى سابقًا، أ. هيفاء الصقر عميدة الكلية التقنية في تبوك، أ.فضة العنزي إحدى منسوبات السفارة السعودية في أستراليا)، حقيقة لهن بصمة ملهمة ودور فعال في تمثيل المرأة كما يجب أن تكون، وهناك أسماء يستحق أن يسلط الضوء عليهن. * أكثر ظاهرة مزعجة في المجتمع؟ - الإشاعات وتصديقها دون التأكد من المصادر. * اعتبر البعض أن عام ألفين وعشرين "عام مليء بنعم الله وفضله وستره"، وآخرون قالوا "فليشهد الله أنه كان عامًا مليئًا بليالٍ ثقال". بماذا تختصر نورة عام 2020؟ - قدر الله وما شاء فعل. * أجمل كتاب قرأته في العام المنصرم؟ - ديوان "وللأسف ما كان قيسي" للشاعرة رواية. * قال ريتشارد فلاناغان "إن كان هدفك إحصاء أخطائي فستجد الكثير منها، وإن أردتّ الجانب الجيد مني ستجده أيضًا. اختر ما يناسب مقاس نيتك، فرأيك لن يزيد أو ينقص مني شيئا". *بماذا ترد نورة على النقد الذي يطالها؟ - يهمني النقد أكثر من المديح، وكل عثرة تواجهني اتخذها سلُمًا لأصعد عليها، لا أتأثر بكلام الأعداء؛ فهم أعداء فلا يضيف تعاملهم العدائي لي شيئًا، فالسلام الروحي الذي يسكنني يجعلني أرى الأشياء بعين الرضا، فالعدو لا محل له من الإعراب في حياتي. * هل تصنف نورة نفسها كشاعرة؟ - الشعر بالنسبة لي متنفس؛ أكتب لأتنفس جيدًا؛ لذلك أنا مزاجية بالشعر ولست شاعرة استنفز شعري، وأكتب كل شيء بلا سبب.. إنما موقف أو شعور وينتهي في حينه. * بيت شعر يمثلكِ؟ - أنا كبرت وصار عندي اهتمامات أهمّ من حاجة وجودك بـ واااجد للشاعر سند الهليل * وبيت شعر لكِ؟ - أكبر خطاي إني رسمت المسرات ورفعت سقف الحب لين المجرة * يقول درويش عن القهوة "خُذْ القهوة إلى الممرّ الضيق. صبّها بحنان وافتنان في فنجان أبيض، فالفناجين داكنة اللون تفسدُ حرية القهوة". حدثيني عن قهوتك المفضلة! - عاشقة لكل أنواع القهوة فهي مصدر سعادة لي. * هل سنرى لكِ مؤلفًا قريبًا سواء ديوان أو كتاب؟ - لازالت الفكرة تراودني، وربما سيكون اسمه "حكاية مدينة"، وهذا اسمي المستعار الذي أحبه. * ما الرسالة التي ترغب نورة في أن تصل لجميع إعلاميات تبوك ومحافظاتها؟ - هذا زمن تمكين المرأة؛ تبوك تستحق أن نظهر الجانب المشرق فيها؛ فلنتكاتف جميعًا لنبني جسورًا من التواصل ونحقق رسالتنا الإعلامية الهادفة. * أسعدني الحوار معكِ وأتمنى لكِ مزيدًا من التألق والتوهج، وأرغب أن تكون الكلمة الأخيرة موجهةً لقراء صحيفة تبوك.. - صحيفة تبوك الإلكترونية رائدة في مجال الإعلام على مستوى تبوك، وخرّجت لنا نماذج مشرفة ممن كانوا ولازالوا من منسوبيها، ولكل القراء أتمنى أني أضفت شيئًا يستحق القراءة والمتابعة. شكرًا لكم.
مشاركة :