دمشق - يعكس قرار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان فتح كلية طب ومعهد عال للعلوم الصحية في مدينة الراعي بريف حلب الشمالي، مدى تخطيطه لتحويل توغله العسكري في مناطق شاسعة من شمال سوريا إلى احتلال ناعم عبر إنشاء مؤسسات تعليمية وهيئات إدارية الغاية منها تثبيت الوجود التركي بشكل دائم في تلك المناطق.ورفضت الحكومة السورية الأحد القرار الذي يقضي بافتتاح كلية للعلوم الطبية ومعهد تابعين لجامعة اسطنبول، منددة بهذه الممارسات التركية، معتبرة أن القرار انتهاك صارخ للقوانين الدولية.ويسعى اردوغان عبر هذا القرار إلى الإيهام بأنه خطوة لدعم الجهود الإنسانية والتعليمية لمساعدة سكان تلك المناطق الخاضعة لسيطرة قواته، رغم أن التدخل العسكري التركي يتعارض تماما مع المواثيق الدولية والذي أجج الحرب الدامية في سوريا.وقال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السورية "ترفض سوريا جملة وتفصيلا قرار النظام التركي بافتتاح كلية ومعهد يتبعان لجامعة اسطنبول في بلدة الراعي شمال حلب باعتبار ذلك يشكل عملاً خطيراً وخرقاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ".وأعتبر المصدر في بيان أن "هذا القرار الباطل يشكل استمراراً لممارسات النظام التركي في تأجيج وإطالة أمد الأزمة في سوريا ودعم أطراف وتنظيمات إرهابية مثل الإخوان المسلمين وداعش وجبهة النصرة لخدمة أجنداته وتحقيق أطماعه وأوهامه العثمانية ".وكان الرئيس التركي قد وقع السبت قراراً يقضي بافتتاح كلية طب ومعهد عال للعلوم الصحية، في بلدة الراعي بريف محافظة حلب الشمالي وأنهما سيتبعان لجامعة العلوم الصحية التركية بإسطنبول.وشهدت مناطق سيطرة الجيش التركي في شمال وغرب سوريا افتتاح عددً من المعاهد والأقسام الدراسية الجامعية تتبع لجامعتي غازي عنتاب وحرّان التركيتين في المناطق الخاضعة لسيطرة للقوات التركية وفصائل المعارضة في الشمال السوري. وأسست الحكومة السورية المؤقتة جامعة حلب الحرة في عام 2015 وتعترف الحكومة التركية بالشهادات الصادرة عنها وبلغ عدد طلابها نحو سبعة آلاف طالب وتتوزّع كلياتها على محافظتي إدلب وحلب.كما افتتحت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) جامعات في مدينتي عين العرب بريف حلب الشرقي وعاموده بريف الحسكة الشمالي .وكثيرا ما يوحي اردوغان أن تدخله العسكري في سوريا يهدف إلى دعم جهود السلام وتأمين المناطق في شمال سوريا من قصف قوات النظام وحلفائها روسيا وإيران، لكن المراد من ذلك هو تحقيق أطماع توسعية، علما وأن المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية تعاني باستمرار من تفجيرات دامية تسببت على الأقل خلال الأشهر الأخيرة في سقوط مئات القتلى والجرحى ، مفندة المزاعم التركية في تأمين تلك المناطق.وثمة مخاوف من تغلغل الثقافة التركية في شمال لسوريا وطمس الهوية التركية تحت غطاء مزاعم المساعدة، ولا يحق لتركيا وفق القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة باعتبارها "قوة احتلال" أن تتخذ قرارات من شأنها المساس بالوضع في مناطق شمال سوريا.
مشاركة :