لا يمكن أن تجد رجلاً أو امرأة ممن عاشوا طفولتهم فترة الثمانينيّات من القرن الماضي، في الوطن العربي بأكمله، لا يعرف شخصيات البرنامج التربوي المتميز «افتح يا سمسم»، ولم تؤثر هذه الشخصيات في تربيته بشكل ربما يفوق التربية التي يتلقاها في بيت طفولته أو حتى مدرسته، فقد جاء هذا البرنامج في جزئه الأول عام 1979، ثم انطلق بث الجزء الثاني في العام 1982، والثالث عام 1989م، أي أنه ظل يبث أفكاره ورسالته التربوية المهمة للأطفال العرب على مدى ربع قرن، قبل أن يتوقف لأسباب ربما يعود معظمها إلى توقف الدعم الذي يلقاه من القنوات الخليجية الحكومية! بالأمس فقط، عاد هذا البرنامج الجميل على عدد من القنوات الحكومية والخاصة، لا أعرف حتى لحظة كتابة هذا المقال ما إذا كان التلفزيون السعودي من بينها، حيث لم يعلن عن ذلك، رغم أنه كان من أبرز الداعمين لهذا البرنامج قبل ثلاثين عاماً، خاصة أن هذا البرنامج يعد - في نظري - من أهم مخرجات العمل الإعلامي المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي، في فترة مبكرة ومهمة للغاية سبقت ظهور القنوات الفضائية، وظهور شبكة الإنترنت، مما كان يعني أن هذه الشاشة الفضية الصغيرة هي الصندوق السحري الذي يبث تعاليمه وأفكاره للناس، وللأطفال خاصة، فقد كان المعلم الأول والأبرز في كل منزل، وما يبث فيها لابد أن يؤثر بشكل أو بآخر على ذلك الجيل، حيث كان صوتاً عربياً تربوياً خالصاً، مقابل أفلام الكارتون الأجنبية التي تبثها القنوات الحكومية العربية. لا أعرف كيف ستكون عودة هذا البرنامج، ولا أعرف هل أخذ القائمون عليه الفارق الزمني الشاسع بين أواخر القرن الماضي وهذا العصر الرقمي؟ هل راعوا اختلاف المفاهيم والأفكار، وتعدد مصادر المعرفة والتربية، وانغماس جيل الأجهزة الذكية في عالم آخر بعيد كل البعد عن نمط «افتح يا سمسم»؟ وهل عودة هذا البرنامج ستكون بثوب جديد ومتطور وذكي يوازي ذكاء هذا العصر، ووعي أطفال هذا العصر؟ وهل يراهنون فعلاً على جذب أطفال هذا الجيل، ويتمكنون من إيصال رسالتهم التربوية المهمة بوسائل وطرق أكثر حداثة؟ لم نشاهد بعد الشكل الجديد من هذا البرنامج الرائع في مرحلته المبكرة، لكنني على ثقة من أن القائمين عليه يمتلكون الرؤية العميقة التي تجعلهم يبدأون من حيث انتهى الآخرون، لا من حيث انتهت حلقات البرنامج في الثمانينيّات، سواء من حيث الشخصيات والسيناريو والحوار، أو من حيث التسويق للبرنامج، ليس عبر القنوات الفضائية فحسب، وإنما أيضاً عبر الأجهزة الذكية التي باتت لا تبرح أيدي الجيل الجديد من الأطفال العرب، وهو ما قاموا به فعلاً من إيجاد قناة خاصة للبرنامج في موقع اليوتيوب، وربما لاحقاً في تطبيقات على أجهزة الاتصال الذكية! مقالات أخرى للكاتب من سرق الفنون من مدارسنا؟ تعدّدت الأسباب.. والموت «شاحنة»! واتس آب بقناعين! استثمروا في الكتب لا في الرصاص ! الاستحمام في الرياض أو كاليفورنيا !
مشاركة :