تمر الذكرى الثامنة على اغتيال المناضل التونسى شكرى بلعيد الأمين العام السابق لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد وأحد أبرز مؤسسي الجبهة الشعبية، والذى دفع حياته ثمنا لحريته في الرأي والتعبير وادانته المستمرة للتنظيمات السياسية الدينية وعلى رأسها حركة النهضة احد فروع جماعة الاخوان المسلمين الإرهابية حينما رآها تختطف بلاده تونس وتزرع فيها التعصب والتطرف. وكان المناضل شكري بلعيد تم اغتياله بالرصاص يوم 6 فبراير 2013 أمام منزله عن عمر 49 سنة، وقد شكلت جريمة اغتيال شكري بلعيد، وبعده النائب بالمجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي، التي وقعت في يوليو 2013 محطة فارقة في تاريخ تونس بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.ولا تزال هيئة الدفاع عن عائلة بلعيد تتهم حركة النهضة بالضلوع في الحادثة وهو ما ينفيه الحزب الإسلامي. وقالت هيئة المحامين التي تبحث عن قتله بلعيد في فبراير 2020 انها توصلت إلى نتائج إيجابية بعد تمكنها من إقناع النيابة العمومية بفتح ثلاثة تحقيقات في ملف القضية تتعلق بجرائم تمس أمن الدولة الداخلي والخارجي وتتصل باستخدام النفوذ والتجسس على معطيات شخصية، ويوضح الرداوي أن عقوبة هذه الجرائم تتراوح بين 5 سنوات إلى السجن المؤبد وفق المشرع التونسي. وأكدت هيئة الدفاع لوكالة سبوتنيك الروسية أن المتهمين في هذه القضية 16 طرفا بينهم أشخاص لهم علاقة مباشرة وغير مباشرة بحركة النهضة، على غرار "رضا الباروني" الذي شغل سابقا خطة مكلف بالشؤون الإدارية والمالية في المكتب التنفيذي للحركة خلال مؤتمرها التاسع سنة 2012، ثم عضوا للمكتب التنفيذي مكلفا بالتعبئة في مؤتمر 2016. وأكدت أن من بين المتهمين الآخرين "الطاهر بوبحري" الذي عينه وزير الداخلية السابق علي العريض مستشاره الخاص مكلفا بانتداب الأمنيين في عهد حكومة الترويكا، و"كمال العيفي" الذي ترأس سابقا المركز الإسلامي بباريس. وأشارت هيئة المحامين لوجود أمنيين من بين المتهمين في قضية اغتيال السياسي شكري بلعيد، ذكر منهم الضابط "قيس بكار" المتهم بمساعدة رجل الأعمال "فتحي دمق" في تكوين خلية مسلحة تخطط لخطف واغتيال شخصيات إعلامية وسياسية. كما شهدت أوراق القضية حوادث سرقة حيث تمت سرقة محاضر بحث ووثائق تتعلق بقضية اغتيال بلعيد، من بينها اختفاء حاسوب المتهم الرئيسي في القضية "أحمد الرويسي" من المحكمة والذي لا يزال مكانه مجهولا إلى اليوم وأيضا اختفاء محاضر بحث وصور فوتوغرافية وقرص ليزري تتعلق بعملية معاينة مكان وجود المسدسين المستخدمين في قتل شكري بلعيد ومحمد البراهمي بعد أن اعترف أحد المتهمين والمدعو بـ"عامر البلعزي" أنه تخلص منهما بإلقائهما في البحر.إلا أن أهم دلائل اتهام حركة النهضة هي حجز صور لأحد المتهمين وهو يرافق الإرهابي كمال القضقاضي وأخرى وهو يحمل أسلحة نارية ومعدات عالية مثل واقي الرصاص، وأن هذا المتهم كان يعمل في منزل رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان الحالي راشد الغنوشي بين سنتي 2012 و2013. يذكر أن رئيس مكتب راشد الغنوشي ذكر سابقا أن "رئيس الحركة تخلى عن خدمات المدعو عبد ذي الجلال والإكرام بعد شهر واحد من تعيينه حارسا لمنزله إثر اكتشاف ضعف مداركه العقلية". وفيما يتعلق بالأسلحة التي كان يحملها ذكر رئيس مكتب الغنوشي أن "المتهم قام باستعمال تلك المعدات التي كانت موجودة في منزل راشد الغنوشي دون استشارة وهي ملك الوحدات المكلفة بالحماية الشخصية لهذا الأخير". لكن بعيدا عن الإجراءات القضائية والتلاعب الذى شهدته، الحقيقة ان من قتل شكرى بلعيد هو من قتل قبل أيام المناضل الحقوقى اللبناني لقمان سليم وقبلهم المفكر الكبير الدكتور فرج فودة، فالاغتيال هو عقاب التنظيمات الدينية المتطرفة لاسكات الأصوات العربية الحرة الشجاعة التي قررت مواجهة التطرف الدينى بالمعلومة وبالفكر وبالحجة السياسية الى الابد، لقد تخلصت تلك التنظيمات من كل من واجهها بالحقيقة وهى ان استخدامها الدين في السياسة جريمة في حق السياسة والدين.أشارت أصابع الاتهام منذ اليوم الى حركة النهضة التى تسيطر الان على مقاعد البرلمان التونسى وتستعد للانقاض على الدستور وتعصف بقواعد الديمقراطية لتتخلص من ما تبقى للرئيس من صلاحيات في مشهد احتكارى متكرر تمارسه تلك التنظيمات منذ ظهورها السياسى عقب ثورات الربيع العربى في كل البلدان العربية، وهى نفسها التي تسيطر على الحكومة التي تقوم بقمع التظاهرات الرافضة لها والتى خرجت قبل أيام لتطالب بالكشف عن الحقيقة كاملة في جريمة قتل شكرى بلعيد ومحاسبة كل الأطراف المتورطة فيها، تنفيذا وتخطيطا وتؤكد ان جريمة اغتيال شكرى بلعيد لن تمر ولن تنتهى بمضى الوقت وان الشارع الحى في تونس لن يسمح لمن يريدون تغييب الحقيقة ان ينجحوا في مسعاهم. وأردفت أن ما تقوم به تلك الجماعات من عمليات اغتيال سياسى يعتبر انتهاكًا صارخًا لكافة معايير حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، وفق ما جاء في المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه ". كما نص البند الأول من المادة السادسة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن " الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفًا".كما تحظر مبادئ الأمم المتحدة الخاصة بالوقاية الفعالة من عمليات الإعدام خارج نطاق القانون تحت أي ذريعة وان يعاقب عليها بالعقوبات المناسبة التي تأخذ بعين الاعتبار مدى خطورة هذه الجرائم، ولا يجوز التذرع بالظروف السياسية الداخلية أو أي حالة طوارئ أخرى كمبرر لتنفيذ عمليات الإعدام هذه.ومن الجدير ذكره، أن للمحكمة الجنائية الدولية سلطة محاكمة الأشخاص المسؤولين عن جريمة القتل وفق ما جاء في المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998م.كما نصت المادة السادسة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998 على أن قتل أفراد جماعة يعتبر من ضمن الإبادة الجماعية ووفق المادة السابعة تعتبر عملية القتل العمد هي من ضمن الجرائم ضد الإنسانية.وطالبت الشبكة العربية للاعلام العربى وحقوق الانسان أجهزة الدولة التونسية المعنية والقضاء التونسى بتقديم الجناة الحقيقيين في جريمة اغتيال شكرى بلعيد الى المحاكمة العادلة، والتحقيق في كل الأدلة التي وضعتها هيئة محامى شكرى بلعيد امام النيابة العامة التونسية، ومواجهة وإدانه المحرضين على القتل وحماية السياسيين التونسيين الذين يتلقون تهديدات بالقتل من جانب تلك الجماعات، وتصدى مكونات المجتمع المدنى ومجتمع حقوق الانسان التونسى لمحاولات الاعتداء على الدستور التونسى وان تصون مواد حقوق الانسان وتدافع عن حرية المواطن التونسى في الرأي والتعبير.
مشاركة :