بعد أقل من تسعة أشهر على توقيع مذكرة التفاهم بين هيئة أسواق المال ووزارة التجارة، اقتنعت الجهتان بإعادة صياغتها مجدداً، في توجّه لتخفيف درجات الرقابة وطبقات البيروقراطية، وتسهيل الإجراءات وترشيقها. وكانت مذكرة التفاهم بين الوزارة والهيئة قد وُقعت في 14 ديسمبر الماضي بعد مخاض عسير استمر لثلاث سنوات. وكان مأمولاً ان تؤدي إلى فك التشابك وحل مشكلات تداخل الصلاحيات في الرقابة على الشركات. لكن التطبيق العملي أوجد لدى «التجارة» خصوصاً جملة من الملاحظات على حدود وماهية صلاحياتها، وهو ما التفتت إليه الإدارة القانونية في الوزارة برئاسة وكيل الوزارة خالد الشمالي قبل فترة، إذ إن الوزارة ترى أن توقيع المذكرة افقدها بعض الصلاحيات التي تراها مهمة، كما ان بعض الصلاحيات متداخلة بين الجهتين في بعض المطارح ومن غير الواضح من يتولاها، كما ان «التجارة» لحظت وجود أكثر من مستوى رقابي على الجهة نفسها، وان تقليصها لن يؤثر على الانضباط الرقابي. ومن جهتها، أبدت الهيئة تفهّماً لدعوة «التجارة»، خصوصاً وأن المذكرة فرضت على الهيئة مهام قد لا تكون ضرورية أو يمكن اختصارها. ولم يتطرق الطرفان حتى الآن إلى التفاصيل، الا ان الاتفاق المبدئي على ان تؤدي إعادة الصياغة إلى إعادة توزيع الصلاحيات والمهام وفقا لما اقره قانون الشركات وقانون الهيئة ولائحتهما التنفيذية، مع تخفيف طبقات الرقابة على الشركات وتفسير الكثير من الإجراءات غير الواضحة مع تحديد ماهية الملفات والمعاملات التي ستكون بحوزة وزارة التجارة والصناعة وما ستكون بحوزة هيئة أسواق المال بناء على القانون ولائحته التنفيذية، كما ان مذكرة التفاهم الحالية تحتاج إلى مراجعة لجهة الصياغة نفسها، بسبب ووجود بعض المفاهيم الواردة غير واضحة بشكل مفهوم. وأناط قانون هيئة أسواق المال الذي أقر في 2010 بالهيئة العديد من السلطات الإشرافية والرقابية على الشركات المدرجة بالبورصة في حين أناط قانون الشركات بوزارة التجارة والصناعة العديد من السلطات في مجال الرقابة على الشركات العاملة بوجه عام سواء من حيث التأسيس أو التسجيل أو التنظيم. ومن الملاحظ ان التفاهم بين «التجارة» و«الهيئة» في خصوص إعادة النظر في صياغة مذكرة التفاهم يسير بين الطرفين بانسيابية، وهذا يرجع إلى الخلفية الرقابية التي جاء بها وزير التجارة والصناعة الدكتور يوسف العلي، منذ ان كان مفوضا في مجلس المفوضين الاول للهيئة، ما اسهم في تسريع التفاهم على التفاهم مجددا بخصوص إعادة النظر في الصلاحيات التي تحتاجها الوزارة والتي تحتاجها «الهيئة»، والتزامات كل منهما. وأشارت مصادر مطلعة إلى ان المباحثات الجارية بين الطرفين خلصت إلى تكليف أحد المسؤولين في «التجارة» بالاجتماع مع مسؤول في «الهيئة» بغرض وضع الخطوط الرئيسية لإعادة صياغة المذكرة وبحث نقاط التشابك ومحاولة معالجتها، وتحديدا في ما يتعلق بمسألة الاختصاص التي كانت ولا تزال ضمن اهم نقاط الخلاف الذي يراه قانوني كل جهة. يشار إلى ان من ابرز نقاط التشابك بين «التجارة» و«الهيئة»، التي تطرقت إليها مذكرة التفاهم الحالية وعالجتها نسبيا، من يقوم بالحضور في جمعيات العمومية، والنشر في الجريدة الرسمية في كل الأمور الخاصة في الشركات وتضمينها وجمعيتها العمومية وشطبها او تجديدها، إضافة إلى منح الترخيص او تجديده لممارسة نشاط الاشخاص المرخص لهم واجراءاته، إلى جانب شراء أسهم الخزانة للشركات غير المدرجة، وتوحيد الانشطة او الاغراض عند تأسيس الشركة بين الهيئة والتجارة، وكذلك تنظيم عقد الجمعيات العمومية للشركات المدرجة والشركات المرخص لها غير المدرجة، إلى جانب طريقة زيادة وتخفيض رأس المال لإطفاء الخسائر، واجراءات تأسيس الشركات وتغيير النشاط، ومشاريع القوانين والقرارات المتعلقة بأنشطة الاوراق المالية.
مشاركة :