برحيل عبد الرحمن بن أحمد خليفة الغتم فقدت البحرين أحد المساهمين في تأسيس أرشيف صحافتنا الوطنية. فقد عمل مديرًا لإدارة العلاقات العامة والإعلام الأمني بوزارة الداخلية. وكنت على اتصال دائم به أثناء وجودي مسؤولاً عن المكتبات العامة بوزارة التربية والتعليم، حيث كان يزور مكتبة المنامة العامة بشكل مستمر للاطلاع واستعارة بعض الكتب. وفي عام 2000م تبنت إدارة المكتبات العامة مشروع جمع الصحف البحرينية التي صدرت في الثلاثينيات وحتى الخمسينيات من القرن العشرين كمرحلة أولى تتبعها مرحلة ثانية لتأسيس أرشيف الصحافة الوطنية. وقد تم إنجاز المرحلة الأولى من خلال تصوير الصحف التي صدرت في الثلاثينيات وحتى الخمسينيات من القرن المنصرم في عام 2000م عندما وافق الأستاذ علي سيار الذي كان يملك تلك الصحافة على تصويرها. كانت المرحلة الثانية شاقة جدًا حيث تطلبت جمع الصحف التي صدرت في البلاد اعتبارًا من عقد ستينيات القرن العشرين وحتى بداية الألفية الثالثة، نظرًا لكثرتها. وقد بذلت جهود كبيرة إلا أننا لم نوفق في ذلك، وإن عقد الصحافة لن يكتمل إلا بتوفيرها، الأمر الذي جعلني أعتقد أننا بحاجة إلى معجزة. لقد حدث ما كنا نسعى إليه وذلك في يوم الإثنين السابع من يوليو 2003م، حيث زار المكتبة العامة بالمنامة عبدالرحمن بن أحمد خليفة الغتم، مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام الأمني بوزارة الداخلية. وأثناء الحديث عن دور المكتبة العامة في نشر الوعي الثقافي بين المواطنين، أبلغته بالجهود التي بذلتها عبر الاتصالات والصحافة والإذاعة من أجل جمع مختلف الجرائد والمجلات التي صدرت في النصف الثاني من القرن العشرين. عندما شكوت له ضياع جهودي لم أكن أعلم أنه جاء لزيارتي من أجل تحقيق هدفي المنشود.. وحدثت المفاجأة السارة حين أبلغني أن وزارة الداخلية قررت إهداء المكتبة العامة مجموعات متكاملة من الصحف المحلية الصادرة في ستينيات القرن العشرين وحتى عام 2002م، مساهمة من وزارة الداخلية لدعم الثقافة ومساعدتي في إنجاز مشروع أرشيف الصحافة المحلية باعتبار ذلك مشروعًا وطنيًا. شعرت بسعادة غامرة بتحقيق ما كنا نصبو إليه منذ مدة، وزدت سعادة في يوم 13 يوليو 2003م، عندما وصلت في صباح ذلك اليوم ثلاث شاحنات إلى مبنى مكتبة المنامة العامة محملة بعشرات الآلاف من أعداد الجرائد والمجلات البحرينية التي تم الاحتفاظ بها وتجليدها تجليدًا فاخرًا بإدارة العلاقات العامة والإعلام الأمني بوزارة الداخلية. لقد فقدنا رجلاً عمل طوال حياته العملية بصدق وإخلاص في سبيل خدمة وطنه.. وعند الله نحتسبه.
مشاركة :