الجيل الخطأ: حركة احتجاجية تعيد ترتيب أولويات الشارع التونسي الغاضب

  • 2/11/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

"الجيل الخطأ": حركة احتجاجية تعيد ترتيب أولويات الشارع التونسي الغاضب تونس - منذ منتصف يناير تعيش تونس على وقع غضب شعبي، تتسع دائرته في ظل فشل أغلب الحكومات التي تعاقبت على الإمساك بزمام الأمور بعد ثورة 14 يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي، في تحقيق نجاحات اقتصادية. هذا الإخفاق في الدفع بعجلة التنمية وإيجاد حلول للشباب الذي أرغمه التهميش المتزايد على الانتفاض في 2011، أعاد التونسيين إلى الشوارع في الأيام الماضية وسط أزمة سياسية ودستورية عاصفة تشهدها البلاد. اللافت أن الشباب التونسي الذي يواجه انتقادات متصاعدة بشأن عزوفه عن المشاركة في الشأن العام، يحاول دحض هذه المزاعم من خلال التنظّم في حركات احتجاجية قادرة على تعبئة الشارع، لكن نتائج تلك التعبئة على أرض الواقع تبقى غير مضمونة. ومن بين هذه الحركات حركة “الجيل الخطأ”، التي تقول عبر سلسلة من البيانات عبر صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، إنها تستهدف استكمال مسار الثورة (ثورة 14 يناير) عبر تحقيق جملة من المطالب.ما يسترعي الانتباه بشأن هذه الحركة الجديدة، التي برزت خلال الاحتجاجات الأخيرة، أنها قطعت مع طرق الاحتجاج التقليدية حيث يتبنى المنضوون تحتها، وأغلبهم من الشباب، مواقف راديكالية تستهدف الصدام لا التفاوض مع سلطة يرون أنها أنتجت هذا “الجيل الخطأ”.ورغم أنها تقول عبر بياناتها إنها تقاطع الإعلام التونسي، غير أن ذلك لم يمنع أحد أعضائها من التحدث لـ”العرب”.ويقول عنتر الدريدي أحد أعضاء هذه الحركة “نحن نقاطع الإعلام التونسي لأنه إعلام سلطوي ولا يقدر إلا على تشويه التحركات الاحتجاجية، في حركتنا (الجيل الخطأ) لنا مطالب تهم الأوضاع العامة التي تسوء يوميا”. ويُضيف عنتر البالغ من العمر 35 عاما “مطالبنا يمكن تلخيصها في تحقيق مطالب الثورة (ثورة 14 يناير 2011)، الشغل والحرية والكرامة الوطنية، ونحن لا ننتمي لأي طرف سياسي”.برزت حركة “الجيل الخطأ” تحديدا في مسيرتين، الأولى في الـ19 من يناير الماضي والثانية في الـ23 من الشهر ذاته حيث رفع المحتجون، وكانت أعدادهم بالمئات جابوا العاصمة تونس بأنهجها وشوارعها، شعارات تنم عن طرق احتجاجية جديدة صدامية مع السلطات الذين يرفضون سياساتها سواء الاقتصادية أو الاجتماعية.ومن بين تلك الشعارات “الصمت وقود الاستبداد” و”فاسدة المنظومة من الحاكم للحكومة” و”العدالة للأحياء الشعبية” و”تسقط الطبقية ودولة البوليس” (في إشارة إلى أجهزة الأمن التي تُلاحق الشباب الغاضب)، وغيرها من الشعارات التي تستهدف إقامة “عدالة اجتماعية حقيقية” وفق هؤلاء.وبالرغم من أنه يُتهم بعدم الانخراط كما ينبغي في الشأن العام بعد الثورة، غير أن الشباب التونسي خاض العديد من المعارك منذ 2011، في إطار حركات احتجاجية على غرار “مانيش (لست) مسامح” المناهضة لقانون المصالحة الاقتصادية الذي طرحه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ومرره البرلمان.ويطرح رفض حركة “الجيل الخطأ” التحدث إلى وسائل الإعلام تساؤلات عن مصير هذه الحركة، خاصة في ظل فشل الحركات السابقة في تحقيق أهدافها، وأبرزها حملة “مانيش مسامح” التي فشلت في إجهاض مشروع المصالحة الاقتصادية مع المتورطين في قضايا فساد.ويقول الأستاذ بجامعة تونس والباحث في علم الاجتماع محمد الجويلي إن “هذه الحركات الجديدة وقتية حول موضوع وقتي، ثم نفس الأشخاص ينتقلون إلى مواضيع أخرى بتسمية أخرى ومضمون جديد وأشكال احتجاجية جديدة”.ويضيف الجويلي أن “هؤلاء هم دائما محتجون واحتجاجهم دائما ما يأخذ مضمونا جديدا وبنية جديدة، لكن الثابت أنها حركات مؤقتة في الزمان والمكان قد نراهم في المرة القادمة يطرحون مواضيع جديدة وأشكالا احتجاجية جديدة، مثل الحريات الفردية وغيرها” موضحا أنه “لا يمكن استغلال هؤلاء سياسيا لأنهم غير معروفين أصلا”.ومن جهته، يشدد عنتر الدريدي على أنه “كان من بين أعضاء حملة مانيش مسامح التي هي في النهاية تعبيرة غاضبة أيضا، لكن حول مطلب واحد وهو إسقاط قانون المصالحة انتهت بتحجيمه ولكنه مر للأسف، بالنسبة إلى حركة الجيل الخطأ تسعى لأن تكون تعبيرتها عامة، أي تعبّر عن مطالب عامة”.وتعيش تونس أوضاعا اقتصادية صعبة عمقتها جائحة كورونا التي أجبرت السلطات على اتخاذ إجراءات خنقت السياحة التي تمثل إحدى ركائز الاقتصاد، علاوة على المعارك السياسية التي باتت تعصف بتماسك المؤسسات الرسمية على ضوء الصراع الدائر بين الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي ومن ورائه رئيس البرلمان، الذي يرأس حركة النهضة الإسلامية أيضا راشد الغنوشي.ويقول الشباب المحتج إنه خرج للتنديد بهذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، التي ترزح تحت وطأتها البلاد.ويوضح الناشط غيلان الجلاصي (23 عاما) أن “الأوضاع التي آلت إليها البلاد بعد 10 سنوات من الثورة هي التي دفعتنا إلى الشارع، الفئات الهشة في مجتمعنا تعيش حالة من الفقر المطبق”.ويتابع الجلاصي، الذي كان من بين المحتجين الذين شاركوا في مسيرة السبت إحياء لذكرى اغتيال القيادي اليساري البارز شكري بلعيد، في تصريح أن “مظاهراتنا انطلقت من الأحياء الشعبية، لكن العنف الذي مارسته السلطات الأمنية علينا جعل مطالبنا تنفتح أكثر، لتشمل حل النقابات الأمنية التي تشهر بالمتظاهرين وغيرها من الممارسات، بالنسبة للجيل الخطأ: إنها تجمّع لشباب كبر خلال عشرية الثورة وله تعبيراته وطرق احتجاجه الخاصة به”.

مشاركة :