ألمانيا تنتظر المهاجرين لتعويض نقص الأيدي العاملة

  • 9/7/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تبذل الأوساط الاقتصادية في ألمانيا كل ما في وسعها لتسريع دخولهم إلى سوق العمل التي تعاني نقص اليد العاملة، حيث يصل آلاف المهاجرين يوميا إلى البلاد فيما لا تواكب الأوساط السياسية هذا الأمر إلا بخطوات صغيرة فقط. وبحسب "الفرنسية"، فقد أكد أولريش جريللو رئيس اتحاد الصناعات الألمانية الواسع النفوذ قبل أيام أنه "إذا ما تمكنا من إدخالهم سريعا في سوق العمل، فسنساعد اللاجئين ونساعد أنفسنا". وتعد ألمانيا الوجهة الأولى لآلاف السوريين والأفغان والإريتريين الذين يصلون إلى أوروبا، والهدف الأول للكوسوفيين والألبان الذين يغادرون بلدانهم، وينتظر الاقتصاد الأوروبي الأول وصول 800 ألف لاجئ جديد هذه السنة. ولن يتمكنوا جميعا من البقاء في ألمانيا، لأن رعايا دول البلقان متأكدون إلى حد كبير أنهم سيضطرون إلى سلوك طريق العودة. لكن المؤسسات التي تعاني نقصا في اليد العاملة، بدأت تنظر بمزيد من الاهتمام إلى المرشحين للحصول على اللجوء، وتعتبرهم هبة ثمينة في بلد يميل إلى الشيخوخة. ويقول اتحاد أرباب العمل "إن ألمانيا التي تراجعت فيها البطالة لأدنى مستوياتها (6.4 في المائة) منذ التوحيد، تحتاج إلى 140 ألف مهندس ومبرمج وتقني"، مشيرا إلى أن قطاعات الحرف والصحة والفنادق تبحث أيضا عن يد عاملة. ويمكن أن تبقى نحو 40 ألف فرصة تدريب شاغرة هذه السنة، فيما تتوقع مؤسسة بروجنوس نقصا يقدر بـ 1.8 مليون شخص في 2020 في جميع القطاعات، و3.9 مليون على مشارف 2040 إذا لم تحصل تبدلات. وأوضح أولريش جريللو أن تدفق القوى العاملة الجديدة يمكن أن يغير المعطيات، لأن عددا كبيرا من المهاجرين ما زالوا شبانا وتتوافر لديهم مؤهلات جيدة فعلاً. ويتزايد على الصعيد المحلي عدد المؤسسات التي تفتح أبوابها للأجانب الذين تشجعهم مبادرات هادفة، وهذا ما ينسحب على منطقة أوجسبورج في بافاريا (جنوب) حيث لا يهتم "مستشار ثقافي توجيهي" من الغرفة المهنية إلا بهذه المسألة، وقد أرسل منذ بداية العام 63 شابا لاجئا إلى التدريب المهني. ولتوسيع إطار هذه الظاهرة، طالب رئيس اتحاد أرباب العمل إينجو كرامر هذا الأسبوع ببذل جهود على كل المستويات. وأشار ألكسندر فيلهلم المسؤول عن سوق العمل في الاتحاد، إلى أن هذا النداء موجه إلى جهات كثيرة، لكن على الحكومة القيام أولا بخطوات من خلال تخفيف قواعد الوصول إلى فرص العمل للأشخاص المعنيين. وتريد المؤسسات الحصول على "ضمانة" بأن الأجير الذي تختاره للعمل لديها، لن يغادر البلاد بين ليلة وضحاها. ولا يمكن بالتالي تشغيل لاجئ أو طالب لجوء إلا بعد تقديم الدليل على أن المرشح الألماني لهذا المنصب غير مناسب، لكن وكالة التوظيف تريد إلغاء "امتحان الأسبقية" في أقرب وقت ممكن. وتطالب الأوساط الاقتصادية المشرع القانوني بالانكباب على وضع إجراءات سريعة للاعتراف بشهادات وكفاءات الواصلين الجدد فور تسجيلهم، ورصد مزيد من الأموال لتعليمهم اللغة الألمانية. وذكر هولجر شفانيكي الأمين العام لاتحاد أرباب المهن أنه لا تتوافر عموما للمرشحين المعرفة الضرورية باللغة الألمانية من أجل دخول سوق العمل أو التدريب. ويتوالى من جهة الحكومة التعبير عن النوايا الحسنة، وقالت آندريا ناهلس وزيرة الوظيفة والشؤون الاجتماعية هذا الأسبوع "إنه يتعين على الناس الذين يأتون إلى بلادنا بصفة لاجئين، أن يصبحوا بسرعة جيرانا وزملاء". وخففت وزارتها في نهاية تموز (يوليو) الشروط الموضوعة حتى يستطيع المهاجرون التدرب في المؤسسات. وأشار سايت ديمير المستشار الثقافي لدى الغرفة الحرفية في أوجسبورج إلى أنه حصلت حتى الآن أمور كثيرة. لكن الموافقة على هذه الأمور في معسكر أنجيلا ميركل تواجه مقاومة شديدة، ويرفض حزبها المحافظ قانون الهجرة الذي يطالب به الشريك في الائتلاف الاجتماعي الديموقراطي الذي سيؤدي من بين أمور أخرى إلى زيادة إمكانية الوصول إلى سوق العمل. ويتخوف اليمين من أن تصبح فرصة العمل مدخلا موازيا ووسيلة للالتفاف على إجراءات اللجوء الذي يخضع لقوانين صارمة. إلى ذلك، ذكرت صحيفة ألمانية أن تكلفة استقبال ألمانيا عددا قياسيا من اللاجئين ستزيد على عشرة مليارات يورو (11 مليار دولار)، أي أربعة أضعاف ما أنفقته على اللاجئين العام الماضي. ورغم أن ألمانيا تتوقع استقبال 800 ألف لاجئ هذا العام، إلا أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكدت أن ارتفاع التكاليف لن يؤثر في ضبط ميزانية البلاد. وذكرت المستشارة الألمانية أن بإمكان بلادها مواجهة تدفق قياسي للاجئين والمهاجرين هذا العام دون زيادة الضرائب ودون تعريض هدفها بتحقيق ميزانية متوازنة للخطر. وأضافت ميركل أن "حكومتها ستواصل العمل على توازن الميزانية وذلك على الرغم من التكاليف الزائدة بسبب تنامي أعداد اللاجئين". وقدرت صحيفة فرانكفورتر تسايتونج التكلفة الجديدة بناء على ما تم إنفاقه على 203 آلاف طالب لجوء في 2014. وقبل أن ترفع برلين تقديراتها لعدد الذين يتوقع أن يتقدموا بطلبات لجوء، خصصت ميزانية 5.6 مليار يورو لإيواء 450 ألف شخص. ومع زيادة أعداد الواصلين للأراضي الألمانية فإن مبلغ عشرة مليارات يورو ينسجم مع تقديرات التكلفة. وقدرت برلين أن السلطات المحلية ستتكلف ما بين 12 و13 ألف يورو لرعاية كل لاجئ بما يشمل المأوى أثناء النظر في طلب اللجوء، والوجبات والرعاية الطبية ومبلغ الـ 143 يورو الشهري الذي يمنح للاجئ للإنفاق الشخصي. وتحتاج سلطات الولايات إلى نحو نصف مليار يورو لتغطية تكاليف تعيين مدرسين إضافيين، ومبلغ غير محدد لتوظيف ألفي شخص في المكتب الفيدرالي للهجرة واللجوء وقوات الشرطة. ويعقد الائتلاف الحكومي لمناقشة تقاسم التكاليف بين سلطات الولايات والسلطات المحلية التي يجب الاتفاق عليها بحلول 24 أيلول (سبتمبر). وفي ضوء هذا التدفق تعتزم الحكومة الألمانية تطبيق ميزانية تكميلية لتخصيص أموال للاجئين ولمساعدة البلدات التي تقع في خط المواجهة التي تواجه صعوبة بالفعل لتمويل إقامة الوافدين الجدد وتوفير الرعاية الطبية لهم.

مشاركة :