يحاول جيل جديد من السياسيين الأحد في كوسوفو كسر هيمنة الحرس القديم في انتخابات تشريعية محورها مكافحة الفساد وقد تبشر بفصل جديد في حياة هذه الدولة الفتية. منذ إعلان استقلاله عام 2008، لا يزال هذا البلد الذي كان إقليماً في جمهورية صربيا، يسعى الى الاعتراف به بشكل كامل على الساحة الدولية. وكذلك لا يزال يقوّضه الفقر. وتعاني كوسوفو التي تشهد الأحد خامس انتخابات تشريعية مبكرة خلال 12 عاماً، انعدام استقرار سياسي. وستكون الحكومة التي تنبثق من انتخابات الأحد، الثالثة منذ بدء تفشي فيروس كورونا الذي أودى بأكثر من1500 شخص في كوسوفو. ولطالما نجح أبطال المعركة الانفصالية ضد صربيا في الحفاظ على هيمنتهم على رأس السلطة. إلا أن قبضتهم ضعفت، وخصوصا في انتخابات 2019 عندما دان القضاء الدولي شخصيات رئيسية من المتمردين السابقين بجرائم حرب ارتُكبت خلال نزاع 1998-1999 ضد القوات الصربية وبعده، من بينهم الرئيس السابق هاشم تاجي الذي يقبع منذ تشرين الثاني/نوفمبر في سجن في هولندا. وقال إينفر أحمدي وهو طالب حقوق يبلغ 24 عاماً، لوكالة فرانس برس إن هذه "الانتخابات يجب أن تعطي فرصة لأشخاص جدد ولأفكار جديدة". وأكد فالون أليو وهو خبير اقتصادي يبلغ 45 عاماً "نحن في حالة ركود" مضيفاً "نحتاج إلى ناس غير فاسدين".صورة ملطخة كذلك، تلطّخت صورة المتمردين السابقين باتهامات بالاستيلاء على موارد الدولة والمحسوبية في البلد الذي يعدّ 1,8 مليون نسمة وحيث يبلغ متوسط الراتب الشهري 500 يورو تقريباً. ويبحث الشباب في كوسوفو الذين يواجهون معدّل بطالة يبلغ 50%، عن خلاصهم عبر الهجرة الجماعية إلى سويسرا وألمانيا. وتُظهر استطلاعات الرأي تقدماً واضحاً لحزب "فيتيفيندوسيي" القومي اليساري الذي يتزعمه البين كورتي وقد حصل على أكثر من 50% من نوايا التصويت وشعاره "لا دولة مع لصوص". وحلّ هذا الحزب في المرتبة الأولى بفارق ضئيل جداً في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وأُطيح بحكومة الائتلاف الهشة برئاسة ألبين كورتي في أقلّ من شهرين. هذه المرة، يأمل أنصار كورتي الذي قبع في سجون الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش، بفوز حزب "فيتيفيندوسيي" بالأغلبية في البرلمان المؤلف من 120 مقعدًا. وألبين كورتي البالغ 45 عاماً متّهم من جانب خصومه بأن لديه أهدافا سلطوية ويمثل تهديداً للعلاقة المميزة التي تجمع كوسوفو والولايات المتحدة. ويوجّه أيضاً خبراء في الأمراض المعدية انتقادات لحزبه بسبب الالتفاف على حظر التجمّعات من خلال تنظيم مسيرات في وقت كان عدد الإصابات بفيروس كورونا يرتفع. ومنعت السلطات الانتخابية ألبين كورتي من الترشح شخصياً للانتخابات بسبب إدانته بتهمة إلقاء غاز مسيل للدموع في البرلمان. لكن ذلك لن يمنعه من تشكيل حكومة في حال فاز حزبه في الانتخابات.شاهد: شوارع بريشتينا عاصمة كوسوفو ترتدي زي الميلاد رغم كوروناشاهد: ماراثون "سانتا" في كوسوفو لمساعدة المتضررين من وباء كوفيد-19شاهد: فنان من كوسوفو يرسم صورة لبايدن باستخدام الحبوب والبذورحوار مع صربيا وازدادت فرصه بعد أن انضمّت إليه الرئيسة بالإنابة فيوسا عثماني البالغة 38 عاماً، وهي رمز الجيل الجديد من الطبقة السياسية التي تركت حزب "ال دي كاي" (رابطة كوسوفو الديمقراطية) اليميني الوسطي، بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبدالله هوتي. وقالت لفرانس برس "خلال أكثر من عشر سنوات، ذهب جزء كبير من الموازنة للرواتب والطرق السريعة (...) التي تكلّف ثمناً أكبر بعشر مرات من ثمنها في الدول الأوروبية الأخرى". وأضاف "نريد استثمارات لخدمة شعبنا، ما يعني الاستثمار في توظيف الشباب والصحة والتعليم". ويشير محللون إلى أن الكوسوفيين وخصوصاً الشباب يريدون أكثر من تأييد كامل لبرنامج معيّن، ويسعون الى شخصيات جديدة. وتقول مديرة منصة "سيفيكوس" دونيكا إيميني لفرانس برس إن "الناخبين ليسوا بالضرورة موافقين مع حزب فيتيفيندوسيي إلا أنهم يريدون تغيير النخب السياسية". وتُظهر استطلاعات الرأي أن حزب الاتحاد الديموقراطي الكوسوفي بزعامة الرئيس السابق تاجي ومتمردين سابقين سيحلّ في المرتبة الثانية (بين 13 و23% من نوايا التصويت) مع برنامج مبني على مكافحة الفقر. ويُتوقع أن يحلّ حزب "ال دي كاي" ثالثاً واعداً بتقديم مساعدات للشركات والأشخاص المتضررين جراء الوباء. ويُخصص عشرون مقعداً للأقليات، نصفهم لنواب صرب قد يكونون مؤثرين في شكل كبير. ومهما حصل، ينبغي على الحكومة الجديدة مواصلة حوار صعب مع صربيا يُجرى برعاية الاتحاد الأوروبي ويهدف إلى تطبيع العلاقات مع بلغراد التي لا تزال ترفض الاعتراف باستقلال الإقليم الذي كان تابعاً لها.
مشاركة :