بقلم : فاطمة البشري رمضان.. يا لها من كلمة تحمل الكثير والكثير من المعاني والذكريات، رمضان شهر فضيل، شهر الخير والإحسان، شهر البر والغفران، شهر التراويح والقيام، تنار المساجد وتزدان، وترتفع أصوات الآذان وتلاوة القرآن. تبتهج القلوب به وتستبشر وتسأل الله العفو والغفران والعتق من النيران.. إنه حياة الروح وإن كانت البطون فارغة والشفاه يابسة، حياة الانتصار على هوى النفس ومن انتصر على نفسه وهواه يمكنه الانتصار على الأعداء.. إنه شهر التنافس تتنافس الأنفس في بذل المعروف والصدقة حيث تمتد السفر عند أبواب المساجد للفطور المجاني لكل عابر سبيل أو محتاج، تتقارب القلوب وتتواصل الأرحام في زيارات تبادلية للإفطار الجماعي في فرح يُسر به الوجدان وتسعد به الأركان، نعم وكأني أشعر بفرح الأماكن بشهر القرآن، تشعر بدفء يسري في الأوردة دون أن تدري، دفء القرآن حيث تكثر قراءة القرآن، ودفء محبة الأهل والتفافهم حول بعضهم التفاف الزهرة بأوراقها، تلك المشاعر الجميلة تبقى ذكريات حنين وشوق تتأجج في صدر كل مبتعث. فكيف يكون رمضان بعيدًا عن الوطن؟ لا شك أن هذا السؤال لا يجيد الإجابة عليه إلا من مر عليه رمضان وهو بعيد عن وطنه، من هنا من مدينة تورنتو بكندا أسطر الإجابة من تجربتي الشخصية، غربة كل الأشهر لا تعادل غربة شهر رمضان، هنا تفتقد الكثير من المعاني السابقة، ولكن تتجلى لك قوة الإيمان التي تبث لك الدفء.. ففي الوطن تشعر بدفء من حولك وفي الغربة تشعر بالدفء ينطلق من ذاتك، هنا تدرك نعمة الله عليك أن جعلك مسلمًا من أمة مسلمة ومن بلد الحرمين الشريفين. كل من حولك هنا يمارس حياته بشكل طبيعي وأنت تصمد أمام كل الملذات بل تسير للدراسة أو العمل وأنت تسبح الله وتحمده وتسأل الله أن يتقبل منك. هنا تظهر الحميمية بين الأخوان فهم يجتمعون ويحاولون خلق أجواء مشابهة لما في الوطن، من الإفطار الجماعي وبعض دروس التفسير ومراجعة القرآن وصلاة التراويح، شهر رمضان هنا شهر يلم شتات القلوب التي انهكتها الغربة، تسكب العبرات في جلال الله وعظمته كيف أن يسر لهم الصيام وعمل الخيرات، تتسلل نسائم الإيمان للقلوب محملة بالتفاؤل أننا مازلنا ولله الحمد والمنة بخير وروح الأخوة الصادقة بينن، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً. إشراقة: دفء الإيمان تحمله الصدور وتحلق به في كل مكان وزمان، لترسم لوحة رائعة من الانتصارات المشرقة على الأعداء وعلى النفس وشهواتها.
مشاركة :