تساءلت مجلة «إيكونوميست» البريطانية عن فرص نجاح الإدارة الليبية الجديدة في توحيد البلاد التي مزقتها الحرب.وبحسب تقرير للمجلة، منذ أن أطاح الليبيون بالديكتاتور معمر القذافي في عام 2011، قاتلت مجموعات مختلفة من أجل السيطرة على البلاد وعلى أهم طريق ساحلي بها. وأشار التقرير إلى أن الطريق الساحلي الذي يربط بين مدينتي بنغازي وطرابلس ظل مغلقا طوال العقد الماضي بسبب سيطرة تلك المجموعات، وقرب منتصفه أمام سرت، تغلق الميليشيات الطريق بالصخور والألغام الأرضية.ومضى يقول: سيكون فتح هذا الطريق هو أحد المهام العديدة التي تواجه الإدارة الليبية الجديدة التي تم الإعلان عنها في جنيف يوم 5 فبراير الجاري.التدخل الأجنبيوتابع: إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر هو وظيفتها الأساسية. وتم اختيار الهيئة، التي يقودها مجلس رئاسي من 3 أشخاص ورئيس للوزراء، من قبل 74 ليبيا في منتدى يمثل مناطق البلاد في محادثات رعتها الأمم المتحدة. وكانت هذه رابع محاولة للأمم المتحدة لتشكيل حكومة موحدة في ليبيا منذ الثورة. لكن الإدارة الجديدة تواجه بعض المشكلات القديمة.وأردف: أكبر تلك المشكلات هي تدخل القوى الأجنبية، حيث كانت تركيا وقطر تدعمان حكومة الوفاق الوطني والميليشيات المتحالفة معها التي تسيطر على الغرب.ومضى يقول: كانت حكومة الوفاق المحاولة الثالثة للأمم المتحدة لتشكيل حكومة موحدة. لكن تم تحديها من قبل الجيش الوطني الليبي الذي يقوده خليفة حفتر، الذي كان يحظى بدعم من مصر وفرنسا وروسيا والإمارات. ومع ذلك، تم كسر الحصار الذي فرضه اللواء على طرابلس العام الماضي من قبل القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، والتي أعادت الجيش الوطني الليبي إلى سرت. وأضاف: ربما لا تريد بعض هذه القوى الأجنبية أن تنجح الإدارة الجديدة. لكن كان هناك ما يدعو إلى الأمل في الأشهر الستة الماضية.إشارات أملأشار التقرير إلى أن أبرز الإشارات التي تدعو إلى الأمل صمود وقف إطلاق النار، الذي تفاوضت عليه الأمم المتحدة في أكتوبر إلى حد كبير، حيث تم تبادل الأسرى.وتابع: في سبتمبر، رفع الجنرال حفتر الحصار المفروض على صادرات النفط، مصدر الدخل الرئيس للبلاد. واتفقت حكومة منفصلة في الشرق متحالفة مع الجنرال مع الحكومة الوطنية على سعر صرف واحد للدينار الليبي، واستئناف الرحلات الجوية بين الشرق والغرب، أعادت الدول فتح سفاراتها في طرابلس. ومضى التقرير يقول: عندما أنشأت الأمم المتحدة حكومة الوفاق الوطني في عام 2015، أجرت اجتماعات خلف الأبواب المغلقة وفرضت فايز السراج، وهو سياسي غير معروف إلى حد كبير، كرئيس للوزراء.الأمم المتحدةوأردف: لكن هذه المرة كانت الأمم المتحدة كان أكثر شمولا وشفافية عند إنشاء الإدارة الجديدة، حيث تم بث وقائع المنتدى المكون من 74 عضوا على الهواء مباشرة على موقع الأمم المتحدة، وكذلك المقابلات مع المرشحين لمجلس الرئاسة ورئيس الوزراء، الذين شاركوا في قوائم من 4 أشخاص، والذين وافقوا على عدم الترشح لأي منصب في ديسمبر المقبل.ونقل تقرير المجلة البريطانية عن أحد مسؤولي الأمم المتحدة، قوله: عندما بدأنا العملية في نوفمبر، كان المندوبون يشتمون بعضهم البعض. بحلول فبراير، ظلوا مستيقظين بعد منتصف الليل يضحكون ويتحدثون معا.ساسيون جددوتابع: فاجأ المندوبون المراقبين برفضهم قائمة من السياسيين الأقوياء من الشرق والغرب لصالح أشخاص لم يتقلدوا مناصب رفيعة.ومضى يقول: سيترأس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وهو دبلوماسي سابق. كما أن رئيس الوزراء الجديد هو أحد أغنى رجال البلاد، عبدالحميد الدبيبة، وفي عهد القذافي كان يدير الشركة الليبية للاستثمار والتنمية المملوكة للدولة، والمسؤولة عن بعض أكبر مشاريع الأشغال العامة في البلاد.وأضاف يقول: تم التحقيق مع صهره، علي دبيبة، بتهمة اختلاس ملايين الدولارات من الأموال العامة، ربما بمساعدة عائلته. وجلس علي في المنتدى واتهم بمحاولة شراء أصوات لعبدالحميد، الذي ينفي كل هذه الادعاءات.وبحسب التقرير، يعتقد منتقدو عائلة الدبيبة أنها ستستخدم نفوذها لكسب العقود وزيادة ثروتها.ونقل عن مسؤول في الأمم المتحدة، قوله عن عبد الحميد: سيحاول الحصول على أكبر قدر ممكن. مع ذلك، يشبهه آخرون برفيق الحريري، رجل الأعمال الذي قاد لبنان وأعاد بناءه بعد حربه الأهلية الطويلة.إدارة ضعيفةومضى التقرير يقول: شجع الجنرال حفتر وقادة الميليشيات في الغرب ممثليهم في المنتدى على اختيار القائمة التي فازت، اعتقادا منهم بأنه ستمثل إدارة ضعيفة.وأشار تقرير «إيكونوميست» إلى أنه من المؤكد أنها ستكافح لإقناع أمراء الحرب بالتخلي عن أسلحتهم، مضيفا: كما قد تواجه صعوبة في كسب الليبيين في الشرق، وكثير منهم لا يثق برئيس الوزراء الجديد لأنه من مدينة مصراتة الغربية.ونقل عن عبد الله الثني، رئيس حكومة الشرق، قوله إنه ينتظر تعليمات من البرلمان القديم، الذي يقع في مدينة طبرق.مواعيد الانسحابوتابع التقرير: الدول الأجنبية تتشدق بالعملية السياسية، لكنها تجاهلت الموعد النهائي للأمم المتحدة في 23 يناير للانسحاب. تريد تركيا الحفاظ على نفوذها في ليبيا. في عام 2019، وقعت صفقة مع حكومة الوفاق الوطني، التي من المفترض أن تمنح تركيا الحق في التنقيب عن النفط والغاز في المياه قبالة الجزر اليونانية. وتنظر إلى الدبيبة، الذي له مصالح تجارية في تركيا، كحليف.ومضى يقول: في غضون ذلك، تريد روسيا الحفاظ على وصولها إلى القواعد الجوية والموانئ التي تواجه خاصرة الناتو. لقد أرسلت المزيد من المرتزقة إلى ليبيا بعد فترة وجيزة من التصويت على الحكومة الجديدة. وتواصل مساعدة الجنرال حفتر في حفر «خط ماجينو»، وهو خندق محصن يمتد من سرت إلى الصحراء. وهذا لن يجعل مهمة الحكومة الجديدة أسهل.
مشاركة :