أثار مشروع قانون جهاز حماية المنافسة الذي وزعته إدارة الفتوى والتشريع اخيرا على الوزارات والجهات الحكومية ذات العلاقة جدلا مع وزارة المالية بخصوص مدى استقلالية الجهاز، وتحديدا في ما يتعلق بأن يكون له ميزانية ملحقة واستقلالية إدارية. وقالت مصادر ذات صلة لـ «الراي» إن ديوان الخدمة المدنية أبدى بعض الملاحظات الشكلية، لكنه أبدى استحسانه لمشروع القانون بشكل عام، الا ان «المالية» تحفظت على طلب المشروع ولم تخف مخاوفها وتحديدا في ما يتعلق بالميزانية الملحقة، على اساس انه قد يترتب على اقرار الصيغة التي جاء بها القانون فتح باب الكوادر على الدولة وتوسع التزاماتها في هذا الخصوص لهيئات وجهات اخرى تطالب برفع رواتب أو اقرار كوادر جديدة لها، فيما قد يزيد من اعباء الدولة المالية في وقت تتجه فيه الدولة إلى ترشيد النفقات. وأوصت «المالية»بان تكون ميزانية«حماية المنافسة»تابعة لوزارة التجارة والصناعة وليست ملحقة، مع الاخذ بالاعتبار ان مجلس الخدمة المدنية اعتمد في وقت سابق الهيكل الإداري للجهاز والمؤلف من حوالي 80 موظفا، من المقرر تعيينهم خلال عامين، حيث تم اعتماد معادلة موظفيه بكادر الهيئة العامة للصناعة، رغم ان مطالب الجهاز كانت بمساواة موظفيه بأعضاء النيابة والقضاء على اساس انهم يحققون في قضايا، وقد تم رفع الكادر إلى مجلس الوزراء لاتخاذ اللازم. لكن التوقعات تشير حتى الآن إلى صعوبة ان يعتمد مجلس الوزراء الكادر الذي اعتمده مجلس الخدمة المدنية لجهاز حماية المنافسة، خصوصا في ظل التحديات المالية التي فرضها تراجع اسعار النفط على الميزانية العامة، للدرجة التي تتحدث فيها الدولة عن إمكانية تعرضها لعجز يصل لـ 8 مليارات دينار، مشيرة إلى ان الحالة المالية للدولة قد تعطل اقرار الكادر المعتمد من المدنية. وحول توجه«حماية المنافسة»لسد شواغره، قالت المصادر ان الجهاز سيتبع الطريقة التقليدية في تعيين موظفيه، وهي مخاطبة ديوان الخدمة المدنية بتقديم قائمة بأسماء المرشحين له بحسب متطلباته، لكن الإشكالية الحقيقية التي تواجه الجهاز في استقطاب كفاءات مؤهلة للقيام بدوره المتخصص في الدراسات الاقتصادية والتحقيقات المتخصصة، وهو ما يحتاج إلى رواتب ومزايا مالية معينة تستقيم مع الكفاءة والجهد المبذول من موظفي الجهاز، لكن على أرض الواقع سيكون على«حماية المنافسة» التعيين وفقا للقانون بناء على المعدل المالي المتبع في وزارة التجارة والصناعة، وهي الرواتب والمزايا التي قد تقف حاجزا في رفع كفاءة الهيكل الإداري للجهاز الذي يتطلب لخبرات معينة برواتب اعلى من المسموح بها في الوزارة. وطالب الجهاز باستقلالية مالية تتناسب مع طبيعة عمله، وبما يتيح له استقطاب خبرات وكفاءات معينة، على اساس ان نموذج عمله متخصصة وتحتاج إلى آلية توظيف خاصة، دافعا في نقاشاته في هذا الخصوص بان إحدى مواد قانونه منحت الجهاز الشخصية الاعتبارية المستقلة وألحقته بالوزير وليس بالوزارة، إضافة إلى منح الجهاز صلاحية وضع النظام العام لموظفيه ولوائح وشروط اختيارهم، من دون التقييد بنظام العاملين العاديين المتبع في الدولة، على ان يخضع نظامه في هذا الخصوص إلى مراجعة مجلس الوزراء. وتقول المصادر إن مجلس إدارته يعول كثيرا على امكانية ان تتبنى إدارة الفتوى والتشريع في مجلس الوزراء رأيه الدافع بالحصول على الاستقلالية واعتماد كادر خاص به، استنادا إلى المادة الموجودة في قانونه والتي تنظم هذه المسألة، خصوصا في ظل المأمول منه في تحقيق استقرار السوق وحماية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع التنافسية القائمة على مبدأ التجارة الحرة.
مشاركة :