قزي لـ«الحياة»:بري ينسف الحوار بالتفافه على أولوية الرئاسة

  • 9/8/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في ظل الأجواء السياسية التي ما زالت تراوح مكانها من الشغور الرئاسي، إلى الشلل الحكومي، فالتعطيل البرلماني مروراً بأزمة النفايات العالقة حتى الآن، ينتظر اللبنانيون طاولة الحوار التي ستنعقد غداً في المجلس النيابي ويفتتحها رئيس المجلس نبيه بري. وعشية انطلاق طاولة الحوار، اكتملت في ساحة النجمة التحضيرات والاستعدادات اللوجستية والتقنية والإدارية لانعقاد الجلسة، في الطبقة الثالثة في مبنى المجلس القديم، حيث وضعت طاولة مستديرة جاهزة لاستقبال المدعوين من مختلف القوى السياسية الذين سيلبون الدعوة، باستثناء حزب «القوات اللبنانية» الذي أعلن رئيسه سمير جعجع عدم المشاركة، ووضع في وسطها علم لبناني صغير، إضافة إلى علم كبير خلف الرئيسين بري وتمام سلام. كذلك اكتملت التحضيرات للتغطية الصحافية الحاشدة لهذه الجلسة بحيث تم إعداد بطاقات خاصة بأسماء من استحصلوا على أذونات من قيادة شرطة المجلس، علماً أن مهمة الصحافيين لن تكون سهلة إذ خصصت لهم مكتبة المجلس، من دون التأكد بعد إذا ما كان النقل المباشر متوافراً. وعلم أن تدابير أمنية مشددة سترافق الحوار بحيث ستقفل الطرق المحيطة بالمجلس النيابي في شكل تام ليل الثلثاء- الأربعاء. كما سيتزامن الموعد مع الدعوات إلى المشاركة في التحرك الاحتجاجي الذي سينفذه الحراك المدني في التاسع من الجاري لإيصال صوته إلى المجتمعين، فاختار ساحة الشهداء المكان الأقرب إلى طاولة الحوار. لكن هذا الحراك لن يتمكن من الاقتراب من ساحة النجمة بفعل الإجراءات التي ستحول محيط المجلس إلى منطقة أمنية. وكان الرئيس بري استبق الحوار بلقاء مع السفير الأميركي لدى لبنان ديفيد هيل وعرضا الأوضاع الراهنة في حضور المستشار الإعلامي علي حمدان. وتوقفت غير جهة سياسية من الفرقاء المشاركين في الحوار أمس أمام تصريح للرئيس بري في صحف أمس وقال فيه إنه «إذا لم ننجز بند الاستحقاق الرئاسي (الأول في جدول الأعمال) سننتقل الى بند آخر... وقد نتفق على قانون الانتخاب ونحقق اختراقاً مما يساعد في أشياء كثيرة ونتجه للانتخابات النيابية وننتخب بعدها الرئيس المقبل فلا يكون عندها للخارج تأثير». وقالت مصادر متعددة في قوى 14 آذار إن هذا يناقض الأساس الذي قبلت بالحوار استناداً إليه، وهو إعطاء الرئاسة الأولوية، وينسجم مع مطلب زعيم «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون الذي طرح الخيار بين انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، أو إعطاء الأولوية لوضع قانون انتخاب تجري على أساسه انتخابات نيابية لينتخب البرلمان الجديد الرئيس، وهو ما ترفضه قوى 14 آذار داعية لانتخاب الرئيس كمدخل الى معالجة كل القضايا الأخرى. وقالت مصادر مقربة من بري إن ما قصده هو أنه إذا لم يحصل اتفاق على بند الرئاسة فإن البند الذي يلي هو تفعيل عمل الحكومة والبرلمان، لأنه إذا لم تكن انتخابات رئاسية فعلى الفرقاء أن يبحثوا في كيفية إدارة المرحلة بغياب الرئيس. وإذا جرى التوافق يتم البحث في قانون الانتخاب لعله عندها يقود الى انتخابات نيابية يليها انتخابات الرئيس، لكن بطريقة أخرى. وأضافت المصادر: «دعونا لا نستبق الأمور التي هي رهن الجلسة الأولى للحوار وعندها لكل حادث حديث». وينتظر أن يصدر اليوم موقف عن حزب «الكتائب» في صدد مشاركته المبدئية في الحوار والآلية التي سيشارك على أساسها، خصوصاً أن قيادته متشددة في إعطاء الأولوية لانتخاب الرئيس. وقال نائب رئيس الحزب وزير العمل سجعان قزي لـ «الحياة» في هذا الصدد، إن موقف الرئيس بري يبدو «كأنه ينسف الحوار بالمضمون، حتى يتم إلباس إفشال الحوار لطرف آخر». وأضاف: «الرئيس بري يعرف سلفاً أن هذا الكلام لا يستقيم، وقبل النقاش على موافقة غالبية الأطراف في الحوار، وعلى الأقل قوى 14 آذار بشقيها المسلم والمسيحي، كأنه ينتظر أن ترفض هذه الأطراف الحوار ليلبسها مسؤولية عدم انعقاد الحوار». واعتبر قزي أن «موقف الرئيس بري هذا يختلف عن كل مواقفه السابقة بالدعوة الى انتخاب رئيس الجمهورية وفق الأصول الدستورية... وإلا ما معنى الالتفاف على هذه الأولوية؟ عندها من الأفضل أن نذهب جميعاً الى الرابية (منزل العماد عون) وننتخب الجنرال رئيساً للجمهورية». وعلمت «الحياة» أن من أسباب رفض إعطاء الأولوية لقانون الانتخاب بدل الرئاسة هو أنه في المشاورات التمهيدية التي كان أجراها الرئيس بري قبل الدعوة الى الحوار، عبر معاونه وزير المال علي حسن خليل، اتفق على أن الرئاسة تكون بنداً أول وأي بند آخر لا يتم السير فيه إذا لم يوافق عليه الجميع. وفي المواقف رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر «أن المخاطر المحدقة بالوطن، سواء من الداخل أم من الخارج، يفترض أن تحمل أهل السياسة على استدراك الأمر لإنقاذ الوضع من خلال الحوار المرتقب». وشدد على «أن الحل يكون في الاحتكام إلى الدستور والقوانين والأنظمة التي تكون ملزمة للجميع». للاتفاق على الرئاسة وإلا الحائط وأعلن عضو الكتلة ذاتها النائب أحمد فتفت أن «الموضوع الأساسي على طاولة الحوار هو رئاسة الجمهورية ويجب الاتفاق على الرئاسة ليتم التقدم في جدول الأعمال تدريجياً وإلا سنصل إلى الحائط في هذا الحوار». وقال: «أنا على قناعة أنه لن ينتج من هذا الحوار أي شيء لأن حزب الله أعلن بالوعيد والتهديد أنه يريد فلاناً رئيساً للجمهورية ولا يقبل غير ذلك وسيفرضه بالقوة وهذا يعني أن ما يجري عملية استيعابية سياسية لتحركات الشارع ومحاولة انتظار لتكون الأوضاع الإقليمية أوضح ليتقدم البلد». واعتبر أن «من الضرورة أخذ بعض الإيجابيات من الحوار لتخفيف الاحتقان الداخلي بعدما أصبح الاستقرار هشاً وبات البلد متجهاً نحو المجهول من دون الأمل بنتائج كبيرة لأن النتيجة ليست بيدنا والقرار اللبناني ليس وحده المرجح في قضية الرئاسة». وشدد عضو الكتلة النائب عمار حوري على «أن حل أزمة الرئاسة سيشكل المدخل الفعلي لنجاح الحوار»، كاشفاً «أن تيار المستقبل سينسحب منه في حال عدم إيجاد خرق ما في ملف الرئاسة». وعن قول بري إذا تعذر بند الرئاسة أولاً ننتقل إلى بند آخر قد يكون قانون الانتخاب، ذكر حوري بـ»أن المجلس النيابي اتفق وقت التمديد له على أن يناقش قانون الانتخاب ولكنه لا يقره إلا بوجود رئيس للجمهورية، وذلك لحفظ حق الرئيس بإبداء رأيه بالقانون ورده إلى المجلس النيابي»، مشدداً على «أن الانتخابات الرئاسية هي الحل لكل الملفات الأخرى كالانتخابات النيابية». ولفت إلى إشكاليات قانونية في حال تقديم الانتخابات النيابية على الرئاسية كإقرار قانون انتخاب من قبل المجلس يطعن بقانونيته النائب عون، وعدم وجود رئيس للجمهورية يجري استشارات لتسمية رئيس حكومة. وقال وزير المال علي حسن خليل: «حتى أولئك المعترضون على انعقاد طاولة الحوار، إنما يراهنون في شكل أو في آخر على قرارات جدية لوضع الأمور على السكة الصحيحة، بدءاً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية وصولاً إلى آخر تفصيل في جدول الأعمال». وأضاف: «المشهد العام في المنطقة انقسامات وحروب وأزمات سياسية وأمنية، ونرى المختلفين والمنقسمين مجتمعين حول طاولة واحدة، هذا المشهد لوحده يشكل رداً قوياً على قدرة النموذج اللبناني على التجدد وعلى الحياة». ونبه «من موقع العارف من أن هناك أخطاراً حقيقية على الصعيد الاقتصادي والمالي، إذا لم نبادر إلى إقرار سلسلة من المشاريع»، داعياً إلى أن «نعيد الأمل باستعادة الدولة عمل مؤسساتها، بدءاً من التفاهم على انتخاب رئيس جديد». لكن المكتب السياسي لحركة «أمل» اعتبر أن «رئاسة الجمهورية تمثل أولوية أولى، إلا أن هذا ليس معناه أنه لا توجد أولويات أخرى أشارت إليها البنود التي تضمنتها حصراً مبادرة الرئيس بري الحوارية، وفي الطليعة إنجاز قانون الانتخابات على أساس النسبية». فنيش: الحوار فرصة جدية لانتخاب رئيس وفي المقابل أمل وزير الدولة لشؤون المجلس النيابي محمد فنيش بأن «يكون الحوار فرصة جدية وبأن يشارك الموافقون على الحوار بإرادة صادقة من أجل إيجاد الحلول والمخارج لانتخاب رئيس وإعادة إحياء المجلس النيابي وتفعيل عمل الحكومة لتؤدي دورها». ورأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، أن «الآليات والطرق والوسائل التي نواجه بها عدونا الخارجي، نستطيع أن نحولها في الداخل إلى طرق أخرى، ومن بينها الحوار الذي هو المدخل الطبيعي لمعالجة الأزمات». وقال: «سنذهب إلى هذا الحوار بكل جدية وحرص ومسؤولية وسعي لإيجاد حلول ومعالجات، وإعادة العمل بمؤسسات الدولة بدءاً من انتخاب رئيس».

مشاركة :