الأرض لا تزال أفضل مكان للحياة

  • 9/9/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الكواكب الخارجية الواقعة بعيداً عن نظامنا الشمسي، تعد بالمليارات ومن بينها ما يمكنه أن يؤوي حياة، لكن هل هناك أمل في أن نكتشف ذات يوم درة أكثر جمالاً من الأرض، هذا الكوكب الأزرق الذي شهد ظهورنا كبشر؟ التساؤل مباح، لكن العثور على كوكب أفضل من الأرض ربما يكون أمراً بعيد المنال إذ كيف يمكننا العثور على كوكب أكثر تقبلاً للحياة من كوكبنا الأزرق بغلافه الجوي الواقي ومحيطاته المغذية ودرجة حرارته الرحيمة (15 درجة مئوية في المتوسط على السطح)؟ ولنحاول بالفعل العثور على ما يعادل الأرض بهذه الصفات، فبمجرد المقارنة مع جيرانها في النظام الشمسي، نجد أن الأرض تبرز فريدة خارجة عن القاعدة، فهذا كوكب الزهرة (فينوس ) الذي يشهد حرارة ملتهبة تبلغ 400 درجة مئوية، وهذا المريخ الذي يشهد جواً زمهريرياً تصل فيه الحرارة إلى 60 درجة مئوية تحت الصفر. وهناك المشتري وزحل، الكوكبان الغازيان الضخمان اللذان لا يعرف عليهما أي نوع للحياة، علماً بأن بعض من أقمارهما، مثل أوروبا أو إنسيلادوس، ربما يأويان شكلاً بدائياً من أشكال الحياة في محيطات تقع تحت أرضهما. وربما لا شيء يدعو إلى اللعب على لقب البطل الذي تحمله الأرض لأنها تأوي الحياة الحقيقية الذكية منذ 3.8 مليار سنة، لكن ماذا لو كانت الأرض تحمل فقط لقب البطل المحلي؟ فالكواكب الخارجية، أي خارج نظامنا الشمسي، التي يصل عددها إلى مئة مليار في المجرة كحد أدنى، تنتمي إلى جميع الأحجام والألوان. وبعضها أضخم بالفعل بثلاث أو أربع مرات من كوكب المشتري العملاق. وبعضها الآخر ربما يشكل محيطاً شاسعاً لا يابسة عليه، بل يظن العلماء أن ثمة أجراماً مكونة كلياً من الماس. ومؤخراً، رصد علماء الفيزياء الفلكية كوكباً خارجياً وردياً. أمام هذا الكم الهائل من العوالم الغريبة، يقال إن العثور على أرض أخرى ممكن، لكننا ربما نفتقر إلى الطموح، فالبحث عن كوكب أفضل حيث الحياة أكثر تنوعاً ووفرة بات فكرة تكتسب يوماً بعد يوم المزيد من القبول في المجتمع العلمي الفلكي. على سبيل المثال، رينيه هيلر، من جامعة ماكماستر الكندية، وجون ارمسترونغ، من جامعة ويبر الأمريكية، لخصا مؤخراً الحالة المعرفية بشأن هذه المسألة من خلال وضع تصور لكوكب فائق قابل للحياة. وإذا أردنا وضع تصور لهذا الكوكب الفائق، علينا أن ننتقل بعيداً عن النظام الشمسي للنظر إليه من الفضاء، فهذه البقعة التي يرسم ملامحها هذان الباحثان، تشبه في نهاية المطاف الأرض التي نعيش عليها الآن، فنحن نرى فيها القارات والمحيطات وحزماً من السحب البيضاء، لكن ثمة تفصيلاً آخر ربما يلفت الانتباه وهو: الشمس. مما لا شك فيه، أن شمس هذا الكوكب ليست هي شمسنا التي نراها كل يوم تشرق وتغرب في السماء، بل تبدو أكبر من ذلك وهي في السماء ولونها يميل نحو البرتقالي. إنها شمس من النوع K أو M مثلها مثل 90% من النجوم في المجرة حسب تصنيف الباحثين. والحقيقة أن الشمس التي تضيء هذا الكوكب هي أصغر قليلاً من شمسنا، لكنها تبدو أكبر، لأننا أقرب إليها من الشمس بالنسبة للأرض. وربما يكون ذلك أفضل لأنها أكثر برودة، إذ تصل درجة حرارتها إلى حوالي 4000 درجة مئوية على السطح، مقابل 5500 درجة مئوية بالنسبة للشمس. ومن هنا نرى أنه للتمتع بطقس جيد، متوافق مع وجود الماء السائل، يجب أن يكون هذا الكوكب الفائق أقرب إلى نجمه. ويرى الباحثون أن هذه الأقزام البرتقالية هي وقود (ديزل ) حقيقي في الفضاء، لأنها تستهلك وقودها من الهيدروجين بشكل أبطأ بكثير من معظم النجوم الضخمة. وبالتالي، فإنها تشتعل مئة مليار عام مقابل عشرة مليارات عام بالنسبة للشمس. فضلاً عن ذلك، تتألق هذه النجوم بشكل منتظم، لتضمن بذلك لكواكبها المحيطة إمداداً ثابتاً من الطاقة تقريباً. هذه الشمس الديزل تتميز بشيء قيم للغاية لتطور الحياة، وهو الزمن، فعلى الأرض مثلاً نجد أن الحياة نشأت بسرعة، وربما أقل من مليار سنة بعد تشكلها. ثم وعلى مدى 3 مليارات سنة، تطورت الكائنات الحية الدقيقة وعملت على تحفيز ظاهرة التمثيل الضوئي، لكنها ظلت كائنات بدائية مكونة من خلية واحدة. ومنذ ما يقرب من 500 مليون سنة فقط، ظهرت كائنات أكثر تعقيداً وتنوعاً وأخذت بالتطور. والخلاصة أنه كلما امتد الزمن أمام الكوكب، ازدهرت الحياة عليه وتحسنت. ونحن نقترب الآن من كوكبنا الجديد الذي نزوره، فنحن نرى فيه البراكين النشطة كما نرى فيه أعمدة الدخان والرماد الضخمة تنطلق من فوهات براكينه. ربما يكون المشهد جميلاً، لكنه لا يبعث بصراحة على المشي فوق المنحدرات، فهذا النشاط البركاني المرتبط بوجود الجبال يكشف عن كوكب نشط جيولوجياً. وهنا، كما على الأرض، نجد أن صفائح القشرة التي تحمل القارات والمحيطات (القشرة الأرضية) تنزلق على صخور ساخنة أقل صلابة وأكثر قابلية للتشكل، وهو ما يعرف بالغلاف المَوْرِي أو المتكور الموري، وهو المنطقة من الأرض ما بين 100 إلى 200 كم تحت سطح الأرض، ولكنها من الممكن أن تمتد إلى عمق يزيد على 400 كم، وهي تعتبر الطبقة الأضعف في غطاء الأرض. وعندما تجتمع هذه الصفائح فإنها تصطدم، وتتسبب بوقوع الزلازل وخلق سلاسل الجبال. وفي الظاهر، تبدو حركة الصفائح هذه المسماة التكتونية عبارة عن مصنع للكوارث، فهي تنظم درجة حرارة كوكب الأرض أفضل بكثير من مكيف الهواء. وتضمن أيضاً درجة حرارة متوافقة دائماً مع وجود الماء السائل، مهما كانت المخاطر الفضائية (تعديل طفيف في المدار، يبعد الكوكب عن نجمه، أو تباين في النشاط الشمسي). وحتى تزدهر الحياة، فمن الأفضل منع هذا الكوكب من التذبذب بين البرودة الزمهريرية والحرارة الملتهبة. هذا التكييف الكواكبي يعمل من خلال غاز ثاني أكسيد الكربون. ولنتخيل مثلاً حدوث انخفاض في شدة الإشعاع الشمسي، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض في درجات الحرارة على سطح الأرض. وبالتالي، فإن البحيرات والمحيطات ستتغطى بالثلج. أما ثاني أكسيد الكربون المنبعث من البراكين الذي لا يمكنه أن يذوب في الماء، فسيتراكم في الغلاف الجوي، وسترتفع درجة الحرارة بسبب الاحتباس الحراري. وبالتالي، فإن الجليد سيذوب، ومرة أخرى سيعاد امتصاص ثاني أكسيد الكربون بشدة بواسطة المحيطات. وهكذا نرى أن ظاهرة الاحتباس الحراري تتناقص ومعها درجة الحرارة. ومن دون الصفائح التكتونية، فإن الكوكب لن يكون لديه مثل هذا التنظيم، لأنه سيفقد بسرعة غاز ثاني أكسيد الكربون وسيبقى إلى الأبد في الصخور وسيصبح الغلاف الجوي رقيقاً جداً وستنخفض درجة الحرارة بشكل خطر، ولن يكون هناك ماء على شكل سائل. وربما يكون هذا هو الحال التي عرفها المريخ. ومن هنا نرى أن كوكبنا الفائق يجب أن يمتلك صفائح تكتونية على المدى الطويل، وأن يكون جديراً بشمسه الأبدية. ومن أجل ذلك، يجب أن يكون أكثر ضخامة من الأرض، لأن حركة الصفائح التكتونية توفر له بالفعل دعماً من خلال الحرارة الداخلية التي نشأت أصلاً من الحرارة الأولية الصادرة عن الاصطدامات بين الكتل الصخرية التي شكلت النجم ومن الطاقة المنطلقة أيضاً من الذرات المشعة التي تكونه مثل اليورانيوم والثوريوم. الهبوط لحظات الهبوط على الكوكب الجديد المتصور ننتظرها منذ مدة طويلة، وعلينا أن نعبر أجواء أكثر كثافة من تلك الموجودة على وجه الأرض. وهذا أمر طبيعي، فهذا الكوكب الكبير احتفظ بالمزيد من الغاز حوله وهي نقطة أخرى جيدة لأن الغلاف الجوي الكثيف يحميه من الأشعة فوق البنفسجية وأشعة غاما أفضل المنبعثة من النجم القريب، والتي تضر بالخلايا. ولكن مما يتألف هذا الجو ؟ لا شك في أنه من الصعب الإجابة الآن، لأن علماء الفلك لا يملكون نماذج لكواكب خارجية تمتلك أغلفة جوية. وما يمكنهم أن يشاهدوه في النظام الشمسي يوضح لنا كيف يمكن لأي توقعات أن تكون صعبة. ومثال على ذلك، كوكب الزهرة، فجوه مختلف جذرياً، ويتألف بالكامل تقريباً من ثاني أكسيد الكربون مع قليل من النيتروجين (4%). وكذلك تيتان، أحد أقمار زحل الذي يحوي كمية وافرة من النيتروجين والميثان مع هطول الأمطار مكونة من الهيدروكربونات (كربون وهيدروجين وميثان). وباختصار يمكن القول إنه يكاد يكون في حكم المستحيل التنبؤ بشكل وتكوين الغلاف الجوي لكوكب مأهول يقع خارج المجموعة الشمسية. واليقين الوحيد هو أن الحياة ستؤثر حتماً في تكوين هذا الغلاف. وبالتالي، فإنه يمكننا أن نتوقع، كما على الأرض، العثور على الأكسجين الذي تنتجه النباتات أو الطحالب، وبخار الماء نظراً لوجود الماء سائلاً، وثاني أكسيد الكربون، لأن الكوكب نشط جيولوجياً. حتى الآن يمكن القول إننا قضينا الوقت تحت الغيوم فقط ونحن الآن لسنا سوى على ارتفاع عشرة كيلومترات بعيداً عن السطح وبالتالي، فإننا ندرك فجأة كيف أن هذا الكوكب أكبر من الأرض بالفعل، فكوكب يقع خارج المجموعة الشمسية له كتلة تزيد بمرتين على كتلة الأرض لديه نصف قطره أكبر ب 1.25 من الأرض. ولذا، فإن مساحة سطحه ستكون بالضرورة أكبر، و56% على وجه الدقة. وهي نقطة جيدة أخرى لازدهار الحياة، لكن بطبيعة الحال شريطة ألاّ تشغل المحيطات المكان كله، ولا القارات أيضاً. ونموذج الأرض يبين لنا بوضوح أن الحياة لا تكون أكثر تنوعاً ووفرة كما في البحار الضحلة الواقعة على طول السواحل المتفرقة التي توفر العديد من الموائل للحيوانات والنباتات. ويرى الفلكيان هيلر وارمسترونغ أن الصحارى والمحيطات العميقة جداً التي توجد على الأرض هي ما ينبغي تجنبه على هذا الكوكب المتصور، لأنها لا تساعد على تطور الحياة. ولذا فهما يتخيلان عالماً يتكون أساساً من الجزر، والأرخبيلات، والقارات الصغيرة الخارجة من بحر ضحل. وهذه النقطة أمر مشكوك فيها، لأن مجموعة كبيرة ومتنوعة من المناظر الطبيعية يمكنها أن تسهم في إبراز تنوع الأنواع، ما دامت الحياة تظهر قدرة فائقة على التكيف. طبيعة الحياة في الوقت الذي توشك فيه سفينتنا على الهبوط يمكن القول إنه قد حان الوقت للتفكير في الحياة التي يمكن العثور عليها. وهنا لا بد من الاعتراف بأن الباحثين يأملون العثور على أشكال مثيرة للحياة، كالحجارة التي تتحدث أو كالحصى المتجمع على شكل مخلوقات مخيفة، ولكن من الصعب أن نتخيل مثل هذا الشكلمن أشكال الحياة الغريبة، لأن العناصر الأساسية المتاحة على هذا الكوكب هي بالبديهة العناصر نفسها الموجودة على الأرض كالماء السائل، والجزيئات العضوية، ومصدر للطاقة وفير يتمثل في ضوء نجمه. وحتى لو كنا لا نعرف كيف ظهرت الحياة هنا، فعلى الأقل نكون متأكدين من ضرورة وجود هذه المكونات الثلاثة. وأياً كانت الكائنات الحية على هذه الأرض الفائقة الجديدة، فإنها لا بد أن تكون تطورت بالقواعد ذاتها المعمول بها على أرضنا. وبما أن هذه المكونات تجتمع، على الأرجح، على العديد من الكواكب، فذلك يساعدنا على أن نكون متفائلين حول وجود الحياة هنا. وسبب آخر يدعونا إلى التفكير بهذا أن دراسة أجراها باحثون في جامعة تكساس الأمريكية في مايو/أيار 2014، أشارت إلى أن 1% من الكواكب خارج المجموعة الشمسية يمكن أن تستضيف شكلاً من أشكال الحياة المعقدة، أي أكثر تقدماً من البكتيريا. وثمة أعمال إحصائية بحتة من هذا النوع ينبغي أن تؤخذ بحذر على الرغم من أنها تحفظ لنا على بعض التفاؤل. والآن ها نحن هبطنا على السطح وها نحن نرى من خلال النوافذ الكثير من النباتات لكنها أشد قتامة من تلك الموجودة على وجه الأرض نظراً إلى أنها تتلقى كمية من الطاقة من نجمها البرتقالي القزم تقل عن تلك التي تتلقاها نباتاتنا من الشمس. ولتوفير عملية التمثيل الضوئي، ينبغي الاستفادة من كل الطاقة القادمة من نجمها، ونظراً إلى أنها لا تعكس شيئا تقريباً، فإنها تظهر قاتمة وذلك على النقيض من النباتات التي تمتص اللونين الأحمر والأزرق وتعكس الأخضر. والآن آن الأوان كي تدوس أقدامنا هذه الأرض الجديدة، لكن بشيء من الحذر، فلكي نتنقل ينبغي أن نستخدم هيكلاً خارجياً على شكل بزة، لأن الجاذبية أكبر بمرتين من تلك الموجودة على وجه الأرض، وبالتالي فإن وزننا سيكون أكبر أيضاً. ومن دون وجود مثل هذه البزة الداعمة ستعاني عضلاتنا بشكل رهيب كما أن ثني رؤوسنا يمكن أن يؤدي إلى كسر رقابنا. علاوة على ذلك، لا داعي للقول إنه من المستحيل التنفس في هذا الغلاف الجوي، إذ لا شيء يضمن أن يكون قابلاً للتنفس، فالأكسجين ليس كل شيء، فتخيل مثلاً وجود قليل من كلوريد الهيدروجين في الهواء، كما على سطح الزهرة، فلا شك في أن الأمر حينها سيكون صعباً جداً. ولنا فقط أن نسأل السكان الأصليين في المكسيك وأمريكا الجنوبية: ماذا يحدث عندما يتعرض الكائن الحي لفيروسات وبكتيريا جديدة لا يمتلك إزاءها مناعة؟ فقد هلك مئات الآلاف من الأزتيك والأنكا بسبب السعال الديكي، والجدري أو الأنفلونزا التي جلبها الغزاة الإسبان في القرن السادس عشر. وأمام هذا الوضع، لا شك في أنك ستسأل: ما نفع هذه البقعة الكوكبية. والآن يجب القول إننا وصلنا إلى نهاية رحلتنا الخيالية ولا بد من العودة إلى الواقع لنسأل: ما فرص العثور على هذا الكوكب الفائق ؟ لقد رأينا بالفعل، أن النجوم من النوع K أو M تمثل 90% من النجوم في المجرة كما أن الدراسات التي أجريت على ال 1900 من الكواكب الخارجية التي اكتشفت رسمياً تشير إلى أن حوالي 30% منها تحوي على الأقل أرضاً فائقة. وبشكل عام، يحسب الباحثون بالنسبة المئوية، لأنهم لا يزالون غير متأكدين من العدد الدقيق للنجوم في المجرة. ولكن إذا بدأنا من 200 مليار سنجد أن من أصل 180 مليار نجم من النوع k أو M، هناك 54 مليار كوكب مثير للاهتمام. وبطبيعة الحال، من الضروري أن توجد هذه الكواكب على المسافة المثلى من نجومها. وأياً كان الحال فيجب أن نعلم أنه من المعقول جداً أن نعتقد أن هناك مليارات الكواكب الفائقة. علاوة على ذلك، هناك العديد من البعثات العلمية التي ستنطلق من عام 2018، للبحث عن أرض فائقة. وعلماء الفلك في هذا الصدد واثقون من أنه سواء تعلق الأمر بالكمية أو التنوع، فالكواكب الخارجية تحتفظ لنا دائماً بالمفاجآت السارة. تكيف الإنسان الكواكب الفائقة ليست أراضي بديلة، فهي مثالية للحياة بشكل عام، ولكن ليس بالنسبة لنا كبشر على وجه الخصوص. فالإنسان تأقلم تماماً على العيش على الأرض، وعلى غلافها الجوي، ودرجة حرارتها، وجاذبيتها. وهذا التكيف هو نتيجة لمئات الملايين من السنين من التطور. فضلاً عن ذلك، كلنا نشأنا وكبرنا مع الأرض ولذا فلا حاجة للبحث عن مكان آخر كي نلجأ إليه عندما نشرف على استنفاد مواردنا. كما أن نسبة احتمال العثور على الكوكب الذي يلبي احتياجاتنا قريبة من الصفر. مثل البطاطس المشوية الواقع أن الكوكب الشاب يكون حاراً جداً، ولكنه يبرد ببطء. وكلما كان ضخماً، كانت مدة برودته أطول كحال البطاطس الخارجة من الفرن، فالحبات الصغيرة تبرد بشكل أسرع من الكبيرة. والشيء نفسه ينطبق على النجوم، فللحفاظ على حرارة داخلية لفترة طويلة، يجب أن تكون كتلة الكوكب الفائقة أكبر من كتلة الأرض ولكن ليس كثيراً أيضاً، لأنه إذا ما تجاوز الأمر حداً معيناً، فإن الضغط سيكون قوياً جداً وستكون الصخور أكثر غلظة كي تتحرك في بطنه، مانعة بذلك الحركة التكتونية. ويتمثل الحل الوسط المثالي في أن تكون كتلة الكوكب ضعف كتلة الأرض تقريباً وهذا ما يسميه الفلكيون الأرض الفائقة. وثمة ميزة أخرى لنجم يمتلك قلباً دافئاً هي أن يكون محاطاً نظرياً بحقل مغناطيسي قوي، فعلى الأرض مثلاً، نجد أن الحقل المغناطيسي يعمل كدرع تكبح الجسيمات المشحونة كهربائياً القادمة من الفضاء الخارجي. ولولا ذلك، فإنها ستقضم الغلاف الجوي بتدمير جزيئات الغاز الذي تشكله، وستضر بخلايا الكائنات الحية على الأرض. من هنا نرى أن وجود الدرع ضروري للحياة خارج الماء، لأنه يوقف أيضاً هذه الجسيمات. والحقيقة أنه لا شيء يضمن تلقائياً أن يكون للأرض الفائقة مجال مغناطيسي كبير، فهذا الأخير يولد من خلال حركة الحديد المنصهر في قلب هذا الكوكب. وربما يحدث مثل هذا الأمر على الأرض لكننا لا نعرف بالفعل الآلية الدقيقة لذلك. ولنأخذ على ذلك مثالاً من النظام الشمسي، فالزهرة كوكب له حجم الأرض، ونشط من الناحية الجيولوجية مع وجود العديد من البراكين، لكنه يفتقر لحقل مغناطيسي. وفي المقابل نجد أن كوكب عطارد الصغير جداً خامل من الناحية الجيولوجية منذ مليارات السنين، لكنه يمتلك حقلاً مغناطيسياً، فلماذا؟ الغموض يحيط بهذا الأمر ما دمنا لم نعرف المزيد عن تشكل الحقل المغناطيسي، بل سيكون من الصعب القول إن الأرض الفائقة يمكنها أن تمتلك واحداً بالضرورة.

مشاركة :