ثمن حقوقيون مصادقة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى على إصدار القانون رقم (4) لسنة 2021 بشأن العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة بعد إقراره من مجلس الشورى ومجلس النواب، حيث يأتي القانون استكمالا لالتزام مملكة البحرين الدولي الناشئ من انضمامها للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والبروتوكولين الاختياريين الملحقين بالاتفاقية. وأكدوا في تصريحات لوكالة أنباء البحرين «بنا» أن القانون جاء لتعزيز العدالة الإصلاحية للأطفال في جميع مراحل الدعوى الجنائية والتحقيق والمحاكمة وأثناء تنفيذ الحكم، كما جاء القانون ليقرر الاتساق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مملكة البحرين وانضمت إليها. وفي هذا السياق قالت ماريا خوري رئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان إن إصدار القانون جاء ليوفر أقصى درجات الحماية للأطفال من الجانحين، الذين قد يقعون ضحايا للاستغلال بكل عناصره، عن طريق توفير الدعم والحماية لهم لإعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع، وهو ما أكدت عليه المعايير الدولية لحقوق الإنسان، من خلال حث الدول على اتخاذ جميع التدابير التشريعية والإدارية لحماية الأطفال ومراعاة مصالحهم الفضلى في جميع الأوقات، تحقيقا للعدالة بمفهومها الشامل. وأضافت خوري أن إصدار قانون العدالة الإصلاحية للأطفال يعد إنجازا متميزًا يضاف إلى المنظومة التشريعية لمملكة البحرين، والتي باتت تشهد تطورا مهمًّا على مستوى معالجة جميع الموضوعات ذات الصدى الحقوقي، مشيدة في الوقت ذاته بالجهود التراكمية المبذولة من جميع الجهات المعنية، والتي تضافرت وأفرزت عن إصدار القانون بصيغته المتطورة وبما يتضمنه من معايير متقدمة في مجال العدالة الإصلاحية للطفل، ليمثل قفزة نوعية مهمة فيما يتعلق بتعزيز وحماية الوضع القانوني للأطفال على المستوى الدولي والإقليمي. وأكدت أن استراتيجية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان سوف تركز على جانب الحماية للطفل، من خلال مراقبة تطبيق القانون رقم (37) لسنة 2012 بإصدار قانون الطفل، والقانون رقم (4) لسنة 2021 بشأن العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، حيث سيتم التنسيق مع الجهات المعنية لتمثيل المؤسسة في حضور جلسات المحاكمات المنعقدة أمام «محاكم العدالة الإصلاحية للطفل»، للتحقق من إجراءات المحاكمة العادلة. وأشارت خوري إلى أن حماية وتعزيز حقوق الأطفال من أولويات عمل المؤسسة، حيث تتطلع إلى وضع خطة توعوية تدريبية بشأن حقوق الطفل بالتعاون مع الجهات المعنية، إلى جانب تبني آلية لرصد التجاوزات التي قد يتعرض لها الأطفال، مع إنشاء خط ساخن لاستلام الشكاوى في هذا الصدد، وصولا إلى تحقيق أعلى مستويات الحماية للأطفال، باعتبارهم من ضمن الفئات الأولى بالرعاية في المجتمع. ومن جانبها أشادت المحامية دينا اللظي رئيس مركز المنامة لحقوق الإنسان بإصدار حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، الذي يشكل تطويرًا مهمًا على مستوى المنظومة الإصلاحية للأطفال، ويهدف إلى تحقيق العدالة الإصلاحية للأطفال ورعايتهم وحمايتهم من سوء المعاملة وإخراج الطفل من إطار القانون العقابي وإجراءاته الجنائية إلى مفاهيم قوامها الوقاية والحماية والإصلاح، وإيجاد البيئة المناسبة لرعاية الطفل وتعديل وتقويم سلوكه وإعادة دمجه مع المحيط المجتمعي، وتعزيز المسؤولية المشتركة مع الأسرة، وتقديم الفرص المناسبة لتكوين شخصيته ومشاركته الإيجابية في المجتمع من خلال استحداث منظومة عدلية وإصلاحية. وبينت اللظي أنه بموجب القانون رقم 19 لسنة 2004 انضمت مملكة البحرين إلى البروتوكولين الاختياريين الملحقين بالاتفاقية الأممية وعملت البحرين خلالها على تطوير تشريعاتها بشكل دوري ومستمر، كما تقوم بتقديم تقارير دورية للأمم المتحدة حول إنجازاتها في مجال حقوق الطفل، مضيفة أن قانون العدالة الإصلاحية للأطفال جاء ليتلاءم مع التطورات التي تشهدها المملكة، ويتناسب مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها البحرين، ويضاف لسجلاتها في جانب حقوق الطفل ومن أبرزها إقرار قانون الطفل رقم 37 لسنة 2012 والمشاريع التابعة له وأهمها مشروع مركز حماية الطفل والخط الساخن لاستلام الشكاوى والمختص في التبليغات في كل ما قد يتعرض له الطفل من انتهاكات. وأشارت إلى أن مملكة البحرين سباقة في التطور التشريعي في جانب حقوق الطفل على المستوى العربي من إنجازات وتشريعات والمشاريع التابعة لها، مشيدة بجهود الجهات المعنية للخروج بهذا القانون المتقدم. وأكدت أن القانون يترجم مدى اهتمام مملكة البحرين بمجال حقوق الطفل، وذلك في إطار دعم ورعاية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى لجميع فئات الطفولة كالأيتام وذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة وتوفير الرعاية اللازمة لهم، من خلال توجيهاته السامية بمساهمة تنفيذية فاعلة من المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية. واختتمت اللظي بأن إصدار جلالة الملك المفدى قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة بعد إقراره من مجلسي الشورى والنواب، يمثل تجسيدًا لنظرة جلالته وامتدادًا للمسيرة التنموية الشاملة والاستمرار بتحقيق الإنجازات في الإصلاح السياسي والديمقراطي واحترام حقوق الإنسان وتكريس دولة القانون والمؤسسات. وعلى صعيد متصل، قال سلمان ناصر، رئيس مجموعة «حقوقيون مستقلون» إن قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة يأتي ترجمة للتطوير المستمر للمنظومات العدلية الحامية للطفل والأسرة، وتأكيدًا على أن مملكة البحرين تولي الأسرة أهمية باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية جميع أفرادها وبخاصة الأطفال، وعليه ينبغي أن توليه الحماية والمساعدة اللازمتين لتتمكن من الاضطلاع الكامل بمسؤولياتها داخل المجتمع، وتعمل على خلق السبل لترعرع شخصية الطفل ترعرعا آمنًا ومتناسقا وينشأ في بيئة عائلية يسودها جو من والمحبة والتفاهم، والحماية القانونية التي تسهم في إعداد الطفل إعدادًا آمنًا ليعيش حياة مستقرة في المجتمع، وتربيته بروح المثل العليا وخصوصًا بروح السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والإخاء. وأضاف: «كوننا كمؤسسات مجتمع مدني نرى أن القانون حقق الأهداف السامية لحماية الطفل والأسرة إذ وضع في الاعتبار (أن الطفل، بسبب عدم نضجه البدني والعقلي، يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة، قبل الولادة وبعدها)، ومن جانب آخر أحكام الإعلان المتعلق بالمبادئ الاجتماعية والقانونية المتصلة بحماية الأطفال ورعايتهم، مع الاهتمام الخاص بالحضانة على الصعيدين الوطني والدولي، وإلى قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث (قواعد بكين)، وإلى الإعلان بشأن حماية النساء والأطفال أثناء الطوارئ والمنازعات». كما أشادت جمعية الحقوقيين البحرينية بقانون العدالة الإصلاحية للأطفال وبدوره المرتقب والمؤثر في المنظومة العدلية لتحقيق العدالة والحماية للأطفال، وصرحت الدكتورة المحامية هنادي عيسى الجودر رئيسة لجنة المرأة والطفل بأن قانون العدالة الإصلاحية للأطفال الذي صادق عليه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين بتاريخ 16 فبراير 2021, يُعدّ بحق إضاءة حقوقية متطورة في سجل تاريخ حقوق الإنسان المعاصر في المملكة ويشكّل إيفاء حقيقيًا بالتزامات المملكة وتعهداتها أمام المجتمع الدولي في هذا الصدد، إذ أنه طرح نظرة معاصرة لقانون الأحداث الذي انقضى عليه حوالي أربعة عقود من الزمن، فجاء ليحفظ الكرامة الإنسانية بدءًا من تسميته إذ استبدل بقانون العدالة الإصلاحية للأطفال اسم قانون الأحداث، وليعيد رسم السياسة الجنائية لسن الطفولة ولا سيما المرحلة العمرية بين سن الخامسة عشر والثامنة عشر وإعادة تنظيم المحاكم التي تقضي في الجرائم التي يرتكبها الطفل في هذا السن وما قبلها، حيث جاء قانون العدالة الإصلاحية للأطفال ليضع ضمانات لحماية المصالح الفضلى للطفل، لحماية الأطفال في هذه السن من سوء المعاملة ويخلق بالتالي الموازنة بين المصالح الفضلى للطفل التي يحميها قانون الطفل، من خلال إنشاء محاكم خاصة (محاكم العدالة الإصلاحية للطفل) و(اللجنة القضائية للطفل) فلا يتم محاكمة الطفل أمام المحاكم الجنائية العادية ويتم حمايته من آلية تنفيذ العقوبات المقررة للبالغين عبر تطبيق العدالة الإصلاحية للطفل من منظور سن الطفولة بحسب المعايير الدولية، وهو توجّه حميد وجدير بالإشادة به باعتباره فكرة متطورة وحديثة تعزز دور وأهمية الجزاء ولكنها في الوقت ذاته تسمو بالعقوبة الموقعة على الأطفال لتجعل منها وسيلة علاج وإصلاح تركّز على حالتهم النفسية المرتبطة بحداثة السن وقلة الخبرة والظروف والعوامل الخارجية الأخرى المحيطة بهم والتي قد تؤثّر في سلوكهم وتحيد به عن الطريق المستقيم، فتأخذ بيد هذه الفئة لتتجاوز كبوتها وتعيد بذلك تأهيلها وإعدادها ليكون جميع أفراد هذه الفئة أعضاء فاعلين في المجتمع مجددًا، وهي فكرة تجعل من العدالة أداة رحيمة تحتوي الطفل وتعيد بناء شخصيته وثقته بنفسه وثقة المجتمع به، في ظل بيئة إصلاحية تقدم له الحماية اللازمة، وكلي ثقة بأن التطبيق سيثبت فاعليتها بنسبة كبيرة، فضلاً عن أن هذا التوجه يُعدّ خطوة متقدمة في سبيل تعزيز حقوق الإنسان في مملكة البحرين وتفعيلا لكون انتهاج الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان جناحين تطير بهما البحرين إلى آفاق المستقبل، وكونهما ركيزتان رئيسيتان في المشروع الإصلاحي الشامل وفقًا لرؤية صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكيمة.
مشاركة :