المَلِكُ كالبحر تستمد منه الأنهار، فإن كان غدقاً عذبت الأنهُر وتزينت جنباتها، وازدانت أعماقها بالخيرات، وإن كان قحلاً، ملحت ماؤها وجفت أغاديرها، واضمحلت بواطنها. هكذا نختصر الكثير من المقدمات عند الحديث عن كيفية حكم وإدارة البلاد، ونختصر الحالة التي تعيشها دبي، في ظل حكم سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فأينما ذهبتَ في دبي، ستجد أنهاراً عذبة مستقاة من بحره، فسموه البحر العذب. والذي منه تستمد كل مؤسسات دبي هذا العطاء، لترتقي للأفضل، وبفضل فلسفته في كيفية إدارة دبي، وتصريف شؤونها، ونظام الحكم فيها، جعل منها مدينة عالمية، وأوصل اسمها لتعتلي كبريات المدن في التطوّر والقوة الاقتصادية. لا يمكن الوصول لمدينة ناجحة، دون وجود نظام حكم مستقر، مبني على مقوّمات ثابتة وراسخة، تمكّنه من النهوض بجميع القطاعات، إن كان أفلاطون قد وصف الملك بالبحر، ونحن من جانبنا، يحق لنا أن نضيف فوق هذا الوصف الذي يستحقه محمد بن راشد، ونصف سموه بالشمس. والتي تصل بأشعتها كل مكان، بل تتوق الأنفس للاستبشار بضيائها، فالنهر يغذي الأراضي من حوله، بقدر ما تفرعت غدرانه، أما الشمس، فهي قادرة أن تصل لكل نقطة مظلمة، فتحيلها إلى نور، وهذه سياسة سيدي الشيخ محمد بن راشد، والذي أراد لدبي النور، وأراد لمؤسساتها أن تكون شفافة واضحة، وكأنها في عز النهار، ففلسفة سموه الشفافية بين الحاكم والمحكوم. ولهذا أينما ذهبت في دبي، ستجد هذه الفلسفة مطبقة بكامل حذافيرها، وكم من دولة زرتها، ووجدت فيها المحسوبية والرشوة من تحت الطاولة، هي اللغة السائدة داخل دوائرها ومؤسساتها، وحتى مطاراتها، ولكن في دبي، كل شيء واضح، هذه الخدمة مقابل هذه الرسوم، لا أحد يزاحمك في راحتك، ولا أحد يمد يده إلى جيبك، فلسفة الشفافية حكم بها مواطنيه ورعاياه، وهذا ما أوصل دبي إلى العالمية. يقول سيدي الشيخ محمد: «الحكم ليس سلطة ولا وظيفة ولا استحقاقاً تلقائياً، إنما هو رسالة إيمانية ومسؤولية ثقيلة، موضوعها تأمين مصالح الوطن، وتحقيق سعادة المواطنين»، وهذه الحكمة، قلما تجدها لدى الكثير من الحكام أو أصحاب السلطة والمناصب، أولئك الذي يعتبرون المنصب فرصة لتحقيق مصالحهم، ولكن نظرة سموه مغايرة، فهو يرى أنها مسؤولية ثقيلة، تتطلب مجهوداً كبيراً لإدارته. فهو يشعر دائماً بأنه جزء من هذا الشعب، يريحه ما يريحهم، ويسعده ما يسعدهم، يلامس همومهم، فيحاول أن يخفّفها، يصل لصعوباتهم، فيحاول أن يذلّلها. هذه الفلسفة نادرة، وهي من تقودنا للتميز، وتمكنت أن تميزنا عن غيرنا. محمد بن راشد، يرى أن الكفاءة هي من يجب أن تقود البلاد، فنجده يختار من يدير المؤسسات المحلية والاتحادية، من هو كفء لهذه المهمة، يختار من هو مبدع في عمل معيّن، فيضعه في مكانه الصحيح، وهذا الأمر جعل المنظومة متكاملة، وتستطيع من خلال هذه الفلسفة، أن تتعرف إلى حكم سموه، وشخصيته المحبة والمقدرة للمبدعين أصحاب القدرات الخاصة. فسموه ذو رؤية ثاقبة في اختيار الأشخاص، وصبور في قراراته، وأكاد أجزم أنه يمتحن ويختبر كل شخص، قبل أن يسلمه دفة القيادة، ليكتشف قدراته وكيفية تصرفه، وهذا ما يجعل طريقة حكمه طريقة نادرة، لأنها مبنيّة على التجربة والخبرة في اختيار معاونيه ومساعديه ووزرائه ورؤساء دوائره وإداراته. أول طرق تقدير رؤية الحاكم، أن تنظر لمن يحيطون به، هكذا يراها «نيكولو مكيافيلي» الفيلسوف والسياسي الإيطالي، ومن ينظر لمن يحيط بسموه، يجد أنهم أصحاب مواهب وقدرات في كيفية مساعدته على إدارة شؤون الحكم، ما يؤكد أن محمد بن راشد، يمتلك قدرات خاصة، ورؤية ثاقبة واستشرافية تمكنه من اختيار من هم حوله، فهو يدير حكم دبي بتواضع وكبرياء في الوقت ذاته، يتواضع مع الناس. ليكون قريباً منهم، ويتصف بالكبرياء عندما يمثلهم أمام العالم، ودائماً ما نجده معتزاً بمسيرة دبي والإمارات، وواثقاً بأبناء الوطن وقدراتهم، وتجده لا يتحدث إلا عن الإنجازات التي يمكنه تحقيقها بجهود شعبه، وهذه الفلسفة، تجعل كل مواطن ممتناً لقائده الذي يثق به، ويحاول تمكينه وإتاحة الفرصة أمامه، فتجد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، مبنيّة على أساس الثقة، كل طرف يرى في الآخر ثقته وأمله في بناء الأمجاد. وهذه الحكمة تحديداً، هي ما جعلت أبناء الوطن يبدعون، لأنهم وجدوا من يقدر إبداعهم، على عكس قادة آخرين، يحاولون أن يصنعوا لأنفسهم المكانة الخارقة، ويقيمون فجوة بينهم وبين شعوبهم. ولذلك، يفقد الطرفان الثقة بالآخر، وتجد الخراب يقترب يوماً بعد يوم، وهذا ما يعيه سموه في طريقة وفلسفة حكمه لشعبه، لذلك، نجده يفعل المستحيل لبناء هذه الثقة.فلسفة سيدي الشيخ محمد بن راشد في الحكم، مبنية على الشفافية والمصداقية والتواضع والثقة المتبادلة والمسؤولية المشتركة، بالإضافة لحسن اختيار القادة وممثليه أمام شعبه، وهذه الفلسفة الناجحة في الحكم، لن تجدها إلا عند محمد بن راشد. * كاتب وإعلامي طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :