القاهرة 24 فبراير 2021 (شينخوا) أكد خبراء مصريون، أن ثوابت العلاقات المصرية الأمريكية لن تتأثر سلبا في عهد إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، بل قد تشهد تحسنا في ظل إدراكه أن مصر ركيزة الاستقرار في الشرق الأوسط. وفي أول خطوة أمريكية تجاه القاهرة منذ بدء إدارة بايدن عملها قبل نحو شهر، أعلنت واشنطن منذ أيام الموافقة على صفقة لبيع صواريخ لمصر بحوالى 200 مليون دولار. وأوضحت الخارجية الأمريكية، في بيان أن هذه الصفقة ستساعد في "تحسين أمن دولة حليفة رئيسية من خارج الناتو، والتي لا تزال شريكا استراتيجيا مهما في الشرق الأوسط"، وأشارت إلى أن هذه الصواريخ "ستدعم سفن حاملة الصواريخ السريعة التابعة للبحرية المصرية وستوفر قدرات دفاعية محسنة بشكل كبير للمناطق الساحلية المصرية ومداخل قناة السويس". وبعد الإعلان عن الصفقة بعدة أيام، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قائد القيادة المركزية بالجيش الأمريكي كينيث ماكينزي (الاثنين) الماضي، حيث بحثا تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين ومكافحة الإرهاب. وبالأمس، هاتف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن نظيره المصري سامح شكري، في أول اتصال هاتفي بينهما منذ استلام إدارة بايدن السلطة. وأثار الوزير الأمريكي، خلال الاتصال "المخاوف المتعلقة بقضية حقوق الإنسان في مصر، التي ستكون محورية في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر، وتلك المتعلقة بشراء مصر المحتمل لطائرات مقاتلة من طراز Su-35 من روسيا". وفي هذا الصدد، رأى الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن "العلاقات بين مصر وأمريكا لا تتأثر بمن يجلس فى البيت الأبيض من الجانب الاستراتيجي بدرجة كبيرة". وأضاف غباشي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "العلاقات المصرية الأمريكية استراتيجية ومهمة للطرفين، فبالنسبة لواشنطن مصر عنصر ثبات مهم لها، وبالنسبة لمصر العلاقات مع أمريكا تحقق لها التوازن مع أطراف أخرى دولية وإقليمية". واستدرك "لكن اتصور أن علاقة مصر مع أمريكا فى عهد بايدن سوف يكون بها منغصات، لأن بايدن غير ترامب، الذي كان يرفع شعار (أمريكا أولا)، ولم يهتم بملفات مثل حقوق الإنسان والحريات في الدول الأخرى، لكن هذه الملفات من الواضح أنها فى دائرة اهتمام بايدن". وتابع أن "درجة المنغصات سوف تترتب على آليات ومعايير استخدام إدارة بايدن لهذه الملفات، وكيف ستتعامل مصر معها.. وقد نشهد قطع جزء من المساعدات أو تجميد اتفاقيات وهكذا". إلا أن الخبير العسكري اللواء متقاعد سمير فرج توقع أن تشهد العلاقات بين مصر وواشنطن تحسنا في عهد بايدن. وقال فرج، وهو مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بوزارة الدفاع المصرية لـ ((شينخوا))، "اعتقد أن العلاقات المصرية الأمريكية فى عهد بايدن سوف تكون فى تحسن، ولن تكون مثلما كانت فى عهد أوباما لسببين، أولا: بايدن أعلن أنه لن يكون امتدادا لأوباما، ثانيا: بايدن كان أحد المعارضين أثناء أحداث 25 يناير 2011 لإزاحة الرئيس (المصري الأسبق حسني) مبارك، لأنه كان يريد الاستقرار لمصر والمنطقة، لأنه إذا حدث شيء فى مصر سوف يحدث اهتزاز فى المنطقة". وأردف أنه "من أجل ذلك، نشعر أن بايدن سيكون خلال الفترة المقبلة حليفا لمصر، ولن يوقف المعونة الأمريكية العسكرية مثلما فعل أوباما، ولن يوقف التعاون العسكري، بل سيدعم مصر خلال الفترة القادمة". وتابع فرج، أن "بايدن يرى أن مصر ركيزة الأمن فى الشرق الأوسط، كما أن مدير وكالة سي آي ايه الجديد وليام بيرنز كان نائبا لوزير الخارجية الأمريكي وقام بتأليف كتاب عن التعاون المصرى الأمريكي، وهو على معرفة كاملة بالعلاقات المصرية الأمريكية، فضلا عن أن وزير الدفاع لويد أوستن كان قائد القيادة المركزية الأمريكية فى الشرق الأوسط، ويعلم جيدا أهمية مصر لتحقيق الاستقرار فى المنطقة، لذلك لدي أمل في أن فترة بايدن ستكون متميزة فى العلاقات المصرية الأمريكية". ورد على سؤال حول ما إذا كانت مصر ستستطيع تنفيذ سياسة تنويع مصادر السلاح في الفترة المقبلة دون تضييق أمريكي، بالقول "طبعا مصر ستستمر فى هذه السياسة.. التي كنا ننتظرها منذ سنوات واستطاع الرئيس عبد الفتاح السيسي تحقيقها، حتى أصبحت القوات المسلحة المصرية مصنفة عالميا". وعقدت مصر خلال السنوات الأخيرة سلسلة ضخمة من صفقات التسليح مع عدة دول أبرزها ألمانيا وفرنسا وروسيا. وأضاف "لا اعتقد أن العلاقات العسكرية بين أمريكا ومصر سوف تتغير، لأن البنتاجون يهمه أن تستمر العلاقات العسكرية مع مصر، وأمريكا لا تستطيع تنفيذ أية أعمال عسكرية فى المنطقة دون مباركة مصر، وهذا ما حدث فى حرب الخليج". وختم فرج، " اعتقد أن البنتاجون سيساهم فى دعم العلاقات العسكرية مع مصر"، وضرب مثلا على ذلك بأن "مصر أرسلت خلال عهد أوباما طائرات أباتشي للولايات المتحدة للصيانة، ورفض أوباما إرجاعها لمصر، والذى قام بإرجاعها هو البنتاجون". وشاطره الرأي الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله، بقوله إن "العلاقات المصرية الأمريكية علاقات استراتيجية تحكمها اتفاقيات ثابتة، والولايات المتحدة الأمريكية لها استثمارات كبيرة فى مصر من خلال شركات كبرى تعمل فى مجالات متعددة". واستطرد جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي لـ ((شينخوا))، "أتصور أن ثوابت العلاقات التجارية بين أمريكا ومصر لن تتغير، بالعكس ربما قناعات إدارة بايدن بالعودة لتقسيم العمل القائم على آليات العولمة سوف يلغي بعض القيود التجارية، التي وضعها ترامب، لدخول السوق الأمريكية، وربما تستفيد منها مصر، بما ينعكس إيجابا على التعاون الثنائي". وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وأمريكا خلال العام 2019 نحو 8 مليارات و618 مليون دولار، مقابل 7 مليارات و530 مليون دولار خلال عام 2018، بحسب وزارة التجارة والصناعة المصرية. كما تبلغ الاستثمارات الأمريكية في مصر حوالي 21.8 مليار دولار في مختلف القطاعات. وأضاف جاب الله، أن "أية علاقات بين الدول ربما يحدث فيها بعض المناوشات واختلافات فى وجهات النظر، لكن ثوابت العلاقات المصرية الأمريكية لا اتصور أنها ستتأثر كثيرا.. بل نحن أمام مرحلة جديدة من مراحل التعاون المصري - الأمريكي".
مشاركة :