علي الصباغ: رأى عبدالله الكبيسي المدير العام لمجموعة الكبيسي أن تحريك سوق المقاولات وبيع مواد البناء الراكدة بحاجة إلى زيادة الإنفاق الحكومي، وخلق فرص للشركات البحرينية خصوصاً في بناء المشروعات الإسكانية، ومكافحة ظاهرة العمالة السائبة بالإضافة إلى وضع ضوابط بالنسبة للرخص الجديدة. وقال الكبيسي في حديث لـ الأيام الاقتصادي: إن سوق مواد البناء متأثر بسبب كثرة العرض الذي يفوق الطلب بكثير، مما سبب تنافساً محموماً أثر على الأسعار، مضيفاً: هنالك الكثير من مصانع الخرسانة والطابوق التي تنشط مما تسبب في خفض هوامش الربح بل إن بعض الشركات باتت تعمل بحد الكلفة أو بالخسارة. وتنشط مجموعة الكبيسي في تصنيع مواد البناء منذ أكثر من ثلاثة عقود، ومن بين أنشطتها: تصنيع الخرسانة، والطابوق، والألمنيوم، وغسيل واستيراد الكنكري والإسمنت، والأسقف الجاهزة. ونبه إلى أن المشروعات في السوق عموماً قليلة، وشركات تصنيع وبيع مواد البناء كثيرة مما أوجد معادلة مختلفة، مشيراً إلى أن غالبية المشروعات التي تمول من جانب منحة التنمية الخليجية تعتمد على مقاولين من البلدان المانحة نفسها. ولفت إلى أن العمل في قطاع المقاولات شديد الحساسية، إذ إن المقاول يوظف عمالة بموجب عقود بحسب المشروعات التي ينجزها فإذا ما انتهت المشروعات وبقيت العمالة فإن ذلك يكلفه كثيراً، ولو أنه أخطأ في تقديراته أو طرأت تغيرات في السوق فقد تلحقه خسارة فادحة أيضاً. وذكر عبدالله الكبيسي أن سوق تصنيع مواد البناء وبيعها تأثر كثيراً منذ العام 2011، وتحسن قليلاً في العام 2014، وذلك بسبب كثرة الشركات العاملة فيه، فعلى سبيل المثال افتتحت خلال السنوات الثمانية الماضية نحو عشرة مصانع للخرسانة، بينما الطلب انخفض. وقال: اليوم الخرسانة تباع بالخسارة، وجميع الموردين يعلمون بذلك إذ يباع المتر المربع بسعر التكلفة وأقل منها، مؤكداً أن ذلك ينطبق على الأسقف الجاهزة، والمواد الأخرى، خصوصاً أن أسعار الكنكري وبعض المواد مرتفعة. وتابع قائلاً: نحن نبيع الخرسانة بخسارة تبلغ 5 دنانير تقريباً في كل متر مكعب، وبخسارة تبلغ 20 فلسا في الطابوقة. وأوضح المدير العام لمجموعة الكبيسي أن بعض المصانع باتت بين خيارين صعبين، إما إغلاق المصنع أو الاستمرار في انتظار تحسن السوق أو خروج شركات منه، مشيراً إلى أن مجموعة الكبيسي عمدت إلى تقليل الكلفة من خلال صرف بعض الموظفين من أصحاب الرواتب العالية، وإيقاف خطوط إنتاج، وإنشاء مرافق خاصة لغسل الرمل والكنكري عوض شرائه من شركات أخرى. وقال: إننا في مجموعة الكبيسي قللنا الإنتاج بنسبة 80% سواء في الخرسانة أو الطابوق أو الأسقف الجاهزة. وكشف أن شركات بحرينية بدأت تحركاً لافتتاح فروع لها في دول الخليج في ظل محدودية السوق البحريني، وشدة المنافسة فيه، مشيراً إلى أن بعض الشركات افتتحت فروع لها في الإمارات والسعودية وقطر. وانتقد الكبيسي سياسات الاقتصاد الحر في بلد صغير مثل البحرين، وقال: فيما مضى كان هناك سقفاً وحداً أعلى لكل نشاط حفاظاً على النوعية وربحية الشركات، وكان ذلك يقوم على دراسات تقوم بها الجهات المعنية مثل وزارة الصناعة والتجارة فإذا ما كانت البحرين بحاجة إلى خمس شركات فإنها ترخص لست وسبع شركات لتشجيع التنافس، ومنع الاحتكار. وتابع قائلاً: بينما اليوم قطاع المقاولات أو قطاع الصالونات أو قطاع الحلويات وغيرها من الأنشطة تعاني من خسائر ومنافسة حادة بسبب سياسة الاقتصاد الحر، مطالباً بضوابط قدر حجم استهلاك السوق، وتسمح للشركات بالعمل في ضوء معطيات السوق نفسه. وشدد على أن السوق صغير، ولا يتحمل الكثير من الشركات في نشاط واحد، محذراً من أن ذلك سينعكس على الخدمات والنوعية، فالشركة الخسرانة لن تقدم نوعية جيدة. وقال: هنالك الكثير من الشركات في قطاعات مختلفة اتجهت لتقليل التكاليف من خلال استخدام مواد أقل تكلفة، وأقل جودة في العمليات الإنتاجية. وقال: ما ينجح في أسواق كبيرة بالضرورة ينجح في سوق صغير، مؤكداً أن ظاهرة تقليل الجودة بسبب حدة التنافس تتنامى باستمرار على الرغم من الفحوصات والاختبارات التي تجريها الجهات المعنية. وشدد الكبيسي على أن العمالة السائبة هي الأخرى تؤثر على سوق المقاولات، فهذه العمالة تستأجر سجلات في السوق، وتحوز على أعمال فرعية، علاوة على المقاولات الصغيرة التي تقدمها بأسعار تنافسية. وعن الخيارات المحتملة لسوق مواد البناء والمقاولات قال: إن السوق إما أن يواجه طفرة في الطلب، وذلك سيكون مؤقتاً فتنتعش السوق، ويعدل المقاولون أوضاعهم، أو تستمر شركات المقاولات وإنتاج مواد البناء في الخروج من السوق، مما يؤدي إلى تحسين معادلة العرض والطلب في السوق. ودعا عبدالله الكبيسي إلى دراسة الأمور وتقييمها بطرق عملية، وليس نظرية، فلا بد من الجلوس إلى الشركات والتداول معها في مشكلات السوق واحتياجاته.
مشاركة :