في كلمته الافتتاحية رحب العويس بضيوف ملتقى السرد، وقال: مجدداً نلتقي في الملتقى السنوي للسرد العربي الذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة، والذي انطلق في عام 2002، ليكون مختبراً للسرد، مواكباً لاهتمامات الدائرة بأنواع الآداب والفنون الأخرى، لقد تميز هذا الملتقى باستمراريته، واستدامته، وعدم انقطاعه منذ انطلاقه وحتى دورته الحالية، وفق أفق مشروع الشارقة الثقافي، الذي يتم برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتلبية لدعوة سموه للعناية بالأدباء والكتّاب العرب في المهجر، تمت استضافة كتاب ومبدعين عرب. ربطاً ودعماً للتواصل، وإثراء للتفاعل المستدام مع خبرات مبدعي الوطن، ولتظل خيوط الاهتمام بهم وبإبداعهم مستمرة. وأضاف العويس: إن هذا الملتقى أصبح يمثل محطة مهمة من محطات الفعل الثقافي المؤسسي الذي نحرص عليه في الشارقة، وهذه المرة نتوقف أمام موضوع من أكثر المواضيع حيوية وتشويقاً، فالسرد جنس من أجناس الفنون الأدبية الأكثر تواشجاً مع الأنواع الأدبية المختلفة، فأحوال السرد القصصي والروائي تتعدد بتعدد أساليب التعبير الأدبي، وهو الأمر الذي يمنح السرد قيمة خاصة بوصفه ذروة العطاء الأدبي. وختم العويس بالقول هذه الدورة من الملتقى هي بمثابة منصة تأصيل، واستعادة لجملة الرؤى والأفكار والمقاربات التي تداولناها خلال الدورات السابقة، والتي تشكل بجملتها نقاط انطلاق لتطوير مرئياتنا النقدية، واشتغالاتنا الإبداعية على القصة القصيرة. كلمة المشاركين ألقاها الدكتور محمد أبو الفضل بدران، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة في مصر، واستهلها بتقديم العزاء للشعب الإماراتي في شهداء الواجب الوطني، الذين ضحوا بحياتهم من أجل الوطن الغالي، ولفت أبو الفضل إلى أن الوطن العربي يقع بين ثقافتين، ثقافة تدعو إلى الحياة وثقافة تمجد الموت، ثقافة تدعو إلى التفكير وأخرى إلى التكفير، وثمن أبو الفضل الإنجازات الثقافية لصاحب السمو حاكم الشارقة التي تؤسس لثقافة تدعو للسلام والعطاء ونبذ العنف، وتحتضن أهل الفكر والقلم. بعد الافتتاح بدأت أولى جلسات الملتقى، وترأسها الكاتب الإماراتي إبراهيم مبارك وتحدث فيها الدكتور سعيد بوطاجين من الجزائر عن الخيال في المحكي: حالة القصة القصيرة، واستهلها بالإشارة إلى اضطراب المصطلح (الخيال)، وقلة الضبط في استخداماته في الخطاب النقدي العربي، وأكد أن الخيال القصصي العربي عاش حالة استلاب منذ نشأته إلى اليوم، نظراً لتبعيته للخيال السردي الغربي، لكنه عاد وقدم بعض الأمثلة التي استطاعت أن تخرج حالة الاستلاب تلك، وتقدم قصصاً استلهمت فيها تراث الخيال العربي، مزاوجة بينه وبين تراث القص الغربي. أما الجلسة الثانية فترأسها عبد الفتاح صبري وتناولت القصة الجديدة: إشكالات النص وانفتاح الأجناس، واشترك فيها كل من د. عبد الرحيم جيران من المغرب، ود. محمد صابر عبيد وفاضل ثامر من العراق. ورقة عبد الرحيم جيران جاءت بعنوان النص القصصي: تداخل أجناسي أم انفتاح خلص فيها إلى أن القصة لم تعد مجرد حكي، بل صارت مجالاً أرحب يضطلع بمهمة إمتاع تتجاوز طاقة اللغة. الدكتور محمد صابر عبيد قدم ورقة بعنوان النص القصصي الجديد وتسريد الواقع، وقال فيها إن القصة القصيرة العربية استطاعت أن تمد يديها نحو الفنون الجميلة لتوسيع حجم الفاعلية الجمالية، وتجديد روح السرد فيها، وتنشيط عناصر تشكيلها على نحو غزير بما تنطوي عليه الفنون الجميلة مثل الرسم والسينما وغيرها من إمكانات هائلة على مستوى التعبير والتدليل والتشكيل، وتفنن كثر في سبل التوظيف والاستعارة والتداخل مع الفنون، مما جدد دماء القص العربي. فاضل ثامر، وهو أحد الكتّاب القصصيين العرب المتميزين، كانت ورقته بعنوان بحثاً عن شعرية للقصة القصيرة، وخلص فيها إلى أن القصة القصيرة أثبتت جدارتها في مواجهة التحديات التي واجهتها عالمياً وعربياً، من خلال تأسيس شعريتها، الخاصة وأنها نجحت في تقديم كشوف وإضافات إبداعية متميزة. الشارقة محمد ولد محمد سالم: انطلقت صباح أمس في قصر الثقافة في الشارقة، فعاليات ملتقى الشارقة الثاني عشر للسرد الذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام، وجاء هذا العام تحت عنوان (القصة القصيرة. الواقع والخيال)، وذلك بحضور عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة، وحبيب الصايغ رئيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وكوكبة من الأدباء والقاصين من الإمارات والوطن العربي، أدارت جلسة الافتتاح عائشة العاجل، رئيسة قسم الإعلام في الدائرة، ورحبت بالمشاركين قائلة: أهلاً وسهلاً بكم في شارقة الثقافة والعلم والمعرفة. ملتقانا اليوم يحمل على عاتقه الإجابة عن تساؤل المشهد الثقافي العام، حول القصة القصيرة وسؤال الواقع والخيال، ويشاركُ معنا قرابة 40 باحثاً ومفكراً وأديباً وناقداً وإعلامياً، بأوراق عمل وشهادات نعول عليها في الإجابة عن التساؤل المطروح، وعلى ما سينتج عنها من أفكار تمثل إثراء حقيقياً وتجديداً للفكر الإنساني والأدب الخلاق.
مشاركة :