أكد مسؤولون أن توفير برنامج انتخابي يلبي احتياجات المواطنين، أصبح ميزة مهمة للفوز بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات المقبلة للمجلس الوطني الاتحادي، إذ تراجع التعويل على القبلية والتربيطات الانتخابية، التي كانت تستحوذ على اهتمام المرشحين في وقت سابق. وقالوا إن مرشحي المجلس مطالبون ببذل مزيد من الجهود في سبيل تنفيذ حملات انتخابية تخاطب عقل الناخب وليس عاطفته، لاسيما في ظل التصويت بنظام (الصوت الواحد) الذي سيقلص من فرص العلاقات الشخصية والقبلية بين المرشح والناخب، داعين أعضاء الهيئات الانتخابية إلى التفاعل مع حملات المرشحين والذهاب إلى المراكز الانتخابية والتصويت إنجاحاً لمبادرة التمكين السياسي التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة. رفع نسبة المشاركة وتفصيلاً، أفاد الوكيل المساعد لوزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، عضو اللجنة الوطنية للانتخابات، الدكتور سعيد محمد الغفلي، بأن الوزارة تستند إلى أربعة محاور من شأنها أن ترفع نسبة مشاركة المواطنين من أعضاء الهيئات الانتخابية في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي المقبلة، بنسبة تصل إلى 60% من إجمالي القواعد الشعبية خلال الانتخابات الحالية، بعدما كانت 28% في الانتخابات الماضية. وقال الغفلي لـالإمارات اليوم، إن الحكومة لا تريد الوقوف على ما أنجز حتى الآن فقط، وإنما تتطلع إلى تطوير وتحسين ما تحقق، وعلى ذلك عوّلنا على زيادة المراكز الانتخابية إلى 36 مركزاً، وإتاحة التصويت من الخارج في 94 سفارة وهيئة دبلوماسية إماراتية، وزيادة الأيام المخصصة للتصويت إلى أربعة أيام، وتوصيل رسائل واضحة بأهمية المشاركة السياسية عبر وسائل الإعلام. وتابع: الانتخابات البرلمانية في الإمارات تعد بمثابة إضافة لعملية الرخاء والرفاهية التي يعيشها مواطنو الدولة، وتأتي استكمالاً لمسار التطور في الخدمات الحكومية والرقابة والتدقيق، والصعود إلى مرتبة أفضل من التطور والحداثة، والمواطن واعٍ ومهتم بقضايا بلاده، وكذا بالمجلس الوطني ودوره المهم، ونأمل أن يشارك أعضاء الهيئات الانتخابية بصورة أكبر في الانتخابات المقبلة. وعن دور لجنة إدارة الانتخابات في تعزيز مفهوم المشاركة السياسية، قال الغفلي إنها تنظم بصورة دورية محاضرات يتم توجيهها إلى جهات مختلفة مثل الموظفين في قطاعات حكومية، والمدارس، وعدد من الوزارات والهيئات وغيرها، بهدف تشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات، إذ يعتمد نجاح الانتخابات على إقبال أعضاء الهيئات الانتخابية. وشرح أهمية الاختيار ومنح الصوت الانتخابي لمرشح بعينه، على أنه ينبغي أن يصل الصوت الانتخابي إلى المرشح الذي يستحق، صاحب البرنامج الواضح والمفيد، ودون ذلك لن يخرج الناخبون إلى مراكز الاقتراع للتصويت، ولذلك يقع على وسائل الإعلام دور مهم في توصيل الرسالة بين الطرفين. رغبة التطوير من جهته، أكد الأمين العام للمجلس الوطني الاتحادي، الدكتور محمد سالم المزروعي، أن التجربة السياسية في الإمارات، على الرغم من توفيرها نموذج الرفاهية لمواطنيها، إلا أنها لم تشهد عزوفاً عن المشاركة في انتخابات البرلمان، بسبب رغبة المرشحين والناخبين في التطوير والتحسين للأفضل. وقال إن إنجاح برنامج التمكين السياسي يتطلب جهوداً كبيرة، بينما تشير نظريات عالمية إلى أن الدول التي تعاني اضطرابات سياسية ترتفع فيها توقعات المواطنين حيال الانتخابات والمشاركة فيها، على عكس المجتمعات المستقرة التي تملك الرفاهية، والتي تواجه إشكالية نسبية في الإقبال على الانتخابات، نتيجة شعور مواطن البلد المستقر بالأمان والرخاء، على غرار الدول الاسكندنافية وقلة المشاركة السياسية فيها. وأشار المزروعي إلى جمهورية مصر العربية، أثناء الفترة الانتقالية وما سبقها من ثورة شعبية، فعندما عقدت انتخابات برلمانية كانت نسبة المشاركة الشعبية فيها مرتفعة، ونظراً لما تشهده مصر من حالة استقرار حالياً، فإن المشاركة السياسية في الانتخابات المقررة قريباً يتوقع أن تتراجع عما قبل. وتابع الأمين العام للمجلس الوطني الاتحادي، الذي كان عضواً سابقاً في المجلس، أن ما تقدمه الإمارات من خدمات عالية المستوى تضمن رفاهية مواطنيها على صعد الصحة والتعليم والاقتصاد، لاشك أنه وفق النظريات العالمية من الممكن أن يكون سبباً في عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات، لكنه في الإمارات لن يسبب ذلك، نظراً لأنه يرتبط بتطلعات المواطنين نحو التطوير المستمر، وهو نهج حكومي أيضاً. ونوه إلى أن البرامج الانتخابية للمرشحين تطرح التطوير والتحسين، والمواطن نفسه تتغير احتياجاته مع مرور الوقت، كما أن الحكومة لا تدخر جهداً لتطوير الخدمات، وهذا الحراك الحضاري بين الحكومة والشعب ينشئ حالة تسهم في زيادة مشاركة المواطن، استناداً إلى تفاعله مع قضايا وطنه. توجّه سلوكي من ناحيتها، لاحظت الأخصائية النفسية في الشارقة، إيمان محمد عبيد، أن التوجه السلوكي لدى الناخبين باختيارهم التصويت لبرنامج وليس لشخص، مبعثه زيادة نسبة الوعي، والتفكير العملي في من يخدم مصالحهم، وليس الصوت الانتخابي المبني على اعتبارات عاطفية. وأوضحت أن زيادة وعي الناخبين وإدراكهم لأهمية المجلس الوطني الاتحادي اختلفا في الوقت الراهن عن السابق، وبما أن التفكير يحكم السلوك، فإنه من الممكن توقع تصويت الناخبين بعقولهم لبرنامج انتخابي يحقق تطلعاتهم وليس لأفراد أو أقارب إلا نادراً. وتابعت: أصبح المرشح القوي هو الذي وضع برنامجاً قوياً، يؤثر في إدراك الشريحة المستهدفة من الناخبين، وعلى وسائل الإعلام دور مهم في إبراز ذلك، ومن سيفز هو من سينفذ حملة دعائية جيدة لبرنامج انتخابي طموح يتلاقى مع تطلعات الناخبين، فأهم وأصعب المراحل هي مرحلة الاقتناع، التي لا تأتي إلا عن طريق تسويق فكرة وبرنامج عملي وليس عاطفياً. وشرحت الأخصائية النفسية أنه لا توجد في معظم الأحوال علاقة شخصية بين المرشح والناخب، وهنا الاعتماد بصورة أكبر سيكون على الجانب العقلي، والجانب العقلي هو الذي يحرك الجانب الوجداني، ويدفع الناخب دفعاً إلى التصويت لمرشح بعينه. وأكدت أن شعور المواطن بأنه يشارك في برنامج التمكين السياسي، وأنه مهم في هذا الأمر، هو ما سيدفع الجميع للتصويت بكثافة، ومن ثم إنجاح التجربة الانتخابية، وهذا الشعور هو المسؤول عن سلوك الناخب، وجعله لا يبخل على وطنه بالمشاركة والتصويت. عزوف الرفاهية قال المستشار الفني في الأمانة العامة للمجلس الوطني الاتحادي، علي موسى، إن بعض المواطنين لديهم شعور سائد بأن الوضع المحلي جيد ومستقر، وإنه يستطيع الوصول بسهولة إلى المسؤولين، كما أنهم لا يعانون مشكلات صحية أو إسكانية أو تعليمية أو خدماتية، وتالياً لن يكون من المهم لديهم الذهاب إلى التصويت في الانتخابات. وأضاف موسى، خلال ندوة مع مرشحي المجلس الوطني الاتحادي، إن المحافظة على الوضع الراهن قد تدفع البعض إلى العزوف عن المشاركة السياسية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، لكنه دعا المرشحين إلى بذل مزيد من الجهد لتغيير السلوك الانتخابي لدى أعضاء الهيئات الانتخابية، وبناء خطوط دفاعية ومحايدة وهجومية من الحلفاء والمؤيدين لدعم المرشح.
مشاركة :