السعادة ليست شيئًا يجده المرء ويشتريه ويحصل عليه من مكان بعيد بل هي شيء يبنيه ويتدرب عليه ويؤمن بوجوده في حياته وينبع من صميم قلبه.السعادة المؤسسية وسعادة الموظفين مفهوم جديد في علم الإدارة والتميز، حتى وقت قريب كنا ننشد رضا المتعاملين في المقام الأول والأخير، بينما أثبتت الدراسات والأبحاث والخبرة العملية أن سعادة الموظفين يجب أن تكون أولا، فالموظف السعيد يعني إنتاجية أعلى ونوعية إنتاج أفضل، وسمعة أفضل، وميزة تنافسية واستدامة في النجاح، مما يؤدي إلى تحقيق سعادة المتعاملين.. وبناء عليه باتت المؤسسات الحكومية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني تلعب دورًا أكبر في إيجاد البيئة المحفزة والمناسبة والسعيدة لموظفيها حتى يتمكنوا من تقديم خدمات تفوق توقعات ومتطلبات المتعاملين.السعادة في العمل لها مقومات ومعوقات وفقًا لآراء عدد من الخبراء والمستشارين النفسيين فإن الشعور بالسعادة ليس صعب المنال، كما أن الإنسان على الرغم من ميله إلى الراحة والفراغ فإنه يفضل في أعماق دواخله أن يظل مشغولًا بفعل شيء ما، ببساطة لأن في الانشغال والعمل سعادة.. وقد حدد الخبراء بعض المقومات للسعادة في العمل ومعوقاته.. وتم تلخيص المقومات في المصداقية والثقة والعدالة وساعات العمل المرنة والتقدير الذي أراه شخصيًا من أهم مقومات السعادة الوظيفية بعد سنوات تقضيها في تأدية عملك بكل جد وإخلاص وعطاء متجدد، أما المعوقات فتم تلخيصها في الصراعات والتفكير الإداري التقليدي والتذمر والديكتاتورية وساعات العمل الطويلة أو غير المنتظمة.. وأضيف عليها عندما يتم تجاهل المتميزين في بيئات العمل وتسليط الضوء على الأقل مهارة وخبرة وتوليتهم مناصب قيادية عليا لمصالح شخصية وبعد تام عن المهنية والأمانة والنزاهة مما يفقد المؤسسات عطاء الكفاءات الوطنية التي يشار لها بالبنان خارج منظومة العمل ولم يجدوا من يمكنهم لتحقيق الإنجازات الحقيقية التي تتوافق مع إمكاناتهم وقدراتهم ولا تقدير لكل خبراتهم ويبالغون في خصومتهم لأهواء في النفوس تضر بالمصلحة العامة.ولغياب السعادة الوظيفية آثار وخيمة ستؤدي إلى زيادة نسبة الغياب وارتفاع معدلات الاستقالات وفقد الأمان وتدني مستوى المهارات والبرمجة السلبية للنفس والقلق والإحباط.السعادة هي خبرة يمر بها الإنسان حين يمتلئ عقله وقلبه ووجدانه بمزيج متوازن من المشاعر الإيجابية والمتعة الذهنية المعززة بالمقاصد والمعاني المثالية والأخلاقية.. لخص اينشتين مفهوم السعادة عندما لم يجد مالًا لإكرام عامل الفندق الذي أقام فيه، فكتب له ورقة بتوقيعه: (حياة هادئة ومتواضعة تجلب السعادة أكبر من السعي إلى النجاح والقلق المستمر الذي يصاحبه).. يقول علماء النفس: إن السعادة ترفع الإنتاجية، وتعتبر دافعًا للاجتهاد والمثابرة.. وتحسن المزاج، لذلك اهتمت الحكومات والوزارات بالسعادة، وخاضت المدن العالمية مارثونات فيما بينها لتكون على خارطة المدن السعيدة.. من أجمل الآراء الفلسفية عن السعادة ما قاله أرسطو: انها هبة من الله، وقسمها الى خمسة أبعاد: صحة البدن، والحصول على الثروة، وحسن تدبيرها واستثمارها، وتحقيق الأهداف والنجاحات العملية، وسلامة العقل والعقيدة، والسمعة الحسنة والسيرة الطيبة بين الناس.من وجهة نظر ارسطو السعادة تبنى على القيم التي يحافظ عليها الفرد في حياته، وكذلك الآثار والمنجزات التي يحصدها في مسيرته وعمله في الحياة، وسمعته التي تجلب له الصداقات والناس حوله.من تجربة شخصية عشتها في بيئة العمل وذكرتها لعدد كبير من المتدربين والمتدربات في برنامج تدريبي عقد مؤخرًا عن منهجية السعادة المؤسسية بأنني أعيش السعادة الحقيقية بإنجاز يسطر باسم الإدارة التي أعمل فيها وأنتمي إليها منذ أكثر من عشرين عامًا.ولله الحمد وقد استحضرت مشاركة في مهرجان الجنادرية بجناح باسم إدارة تعليم ينبع عملت بحب وانتماء وولاء لإدارتي مع مساعدة مدير التعليم ومساعدة مدير التخطيط والتطوير -آنذاك- وكنا نواصل العمل حتى منتصف الليل حتى ننجز عملًا مشرفًا باسم إدارتنا وكان لنا ذلك، استحضرت تلك اللحظات وغمرتني مشاعر السعادة وأتذكر جيدًا أنني وفريق العمل لم نكن ننتظر كلمة شكر ولا شهادة توثيقية لما قمنا به كان هدفنا الحقيقي هو الارتقاء باسم إداراتنا المتميزة في كل محفل وطني وكان لنا ذلك.نبض السعادة المؤسسية: اكتمال الثلاثة أنماط وهي: السرور، الشغف، (الارتباط)، ارتباط أهداف الفرد مع أهداف المنظمة.
مشاركة :