أثمرت الزيارة الأخيرة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عن فرص استثمارية عديدة تقدر بنحو تريليوني دولار. وتغطي هذه الاستثمارات بحسب الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، 12 قطاعا، بهدف تنوع القاعدة الاقتصادية للمملكة، بعيدا عن تقلبات أسعار النفط، جاء من بينها قطاع البنية التحتية للطرق والمواصلات والمناطق الحرة الجديدة، بقيمة تصل 700 مليار دولار، بينما بلغ حجم الأموال التي سيتم ضخها في قطاع النفط والغاز بـ300 مليار دولار في السنوات الـ5 المقبلة، لاسيما في قطاعات التنقيب والتكرير والتوزيع، الأمر الذي سيوفر فرص استثمارات ضخمة للشركات الأمريكية. وكان لقطاع التعدين نصيب من هذه الاستثمارات بلغ حجمها 200 مليار دولار، وسيشمل مشروعات في مجالات عدة، أبرزها التنقيب عن الفوسفات والألومنيوم، وهو أيضا حجم الاستثمار المقدر في الصناعات العسكرية، بحسب الاقتصاديين، ولم يكن القطاع المصرفي غائبا عن هذه الاتفاقيات إذ بلغت حصة الاستثمارات في القطاع 150 مليار دولار؛ حيث من المتوقع أن يتم السماح للبنوك الأمريكية دخول هذا القطاع في السعودية، وخدمة قطاعات الأفراد والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والأعمال. وفيما يخص سوق التمويل السكني في السعودية والذي يُقدَّر حجمه الإجمالي بـ400 مليار دولار، فأشار الخبراء إلى أنه من المتوقع أن يصل حجم الشراكة مع الجانب الأمريكي بمبلغ يتجاوز 100 مليار دولار، إذ تعد هذه السوق جذابة بالنسبة لشركات التمويل الأمريكية. ومن ضمن خطط المملكة للتوسع في مجال التقنية من خلال برامج التدريب والتعليم، فقد قدر الاقتصاديون أن يتم توظيف استثمارات أمريكية بـ50 مليار دولار في هذا المجال. كما خصصت السعودية استثمارات كبيرة في مجال الترفيه الذي يعاني نقصا، قد يبلغ حجم الاستثمارات الأمريكية فيه 10 مليارات دولار. ولأن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ورعاه، يقود المملكة نحو مستقبل واعد ومشرق، ويسعى -أيده الله- لتحقيق تحوُّلٍ اقتصادي مهم من خلال تركيز الدعم للقطاعات الاقتصادية القادرة على إعطاء قيمة اقتصادية مضافة، حتى تتهيأ لتكون رافدًا اقتصاديًا ومساندًا للدخل الوطني المعتمد أساسًا على النفط، وتنويع مصادر الدخل بما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز الشراكة وفتح باب المشاركة للاستثمار المباشر في المملكة، فقد أعطت زيارته مؤخراً للولايات المتحدة زخمًا قويًا ودفعة كبيرة للفعاليات التي تزامنت مع الزيارة، لتعزز أواصر الصداقة والود بين الشعبين. لقد أعطى تشريف خادم الحرمين الشريفين لمنتدى الاستثمار السعودي الأمريكي الذي أقامه مجلس الأعمال السعودي الأمريكي، ومجلس الغرف السعودية، والهيئة العامة للاستثمار، مجموعة من الرسائل القوية لمجتمع الأعمال الأمريكي، أولى هذه الرسائل عزم المملكة على منح فرص استثمارية كبيرة للشركات الأمريكية وتسهيل أعمالها وتعزيز الشراكة بين البلدين في مجالات الأعمال المختلفة من خلال هذا الحدث الاقتصادي الكبير، كذلك أكدت كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خلال الحفل، عمق العلاقات بين البلدين وتطورها على مدار 70 سنة، إذ قال رعاه الله «تأتي زيارتنا لبحث وتطوير العلاقات بين البلدين في كافة المجالات ومناقشة قضايانا، ولقد سرّنا ما لمسناه من توافق في الآراء نحو العمل على نقل علاقتنا الاستراتيجية إلى مستويات أرحب». وأكد - أيده الله - حرص المملكة على وضع إطار شامل لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتوطيدها في مختلف المجالات للعقود المقبلة بإذن الله، مع الأخذ في الاعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر شريك تجاري للمملكة، والمستثمرين الأمريكيين من أوائل وأكبر المستثمرين فيها. هذه الكلمات الواضحة القوية جَلَت للمستثمرين ورجال الأعمال الأمريكيين الحاضرين للمنتدى فكرًا جديدًا وعصرًا واعدًا في العلاقات بين البلدين دشنه الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهو ما أكدته كلماته التي ختم بها خطابه التاريخي للمنتدى، حيث قال أيده الله «أصدرنا توجيهاتنا إلى وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار لدراسة كافة الأنظمة التجارية والاستثمارية بغرض تسهيل عمل الشركات العالمية وتقديم الحوافز بما فيها العمل المباشر في الأسواق السعودية، لمن يرغب منها الاستثمار في المملكة، وتتضمن عروضها خطط تصنيع أو استثمار ببرامج زمنية محددة ونقل للتقنية والتدريب، والتوظيف للمواطنين وبما يحقق المصالح المشتركة للجانبين». وكان رئيس الجانب السعودي في مجلس الأعمال السعودي الأمريكي الأستاذ عبدالله بن صالح جمعة، ورئيس مجلس إدارة جنرال إلكتريك نيابة عن قطاع الأعمال الأمريكي جف امليت، قد عبّرا في كلمتين لهما عن اعتزاز مجلس الأعمال السعودي الأمريكي لما يجده الجانب الاستثماري من دعم من قيادتي البلدين، مما أسهم في نمو وتنوع فرص الاستثمار وتطورها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين، ونوّها بعراقة التعاون بين المملكة والولايات المتحدة في مختلف المجالات، مستعرضين الجوانب التجارية والصناعية والاستثمارية وسعي الجانبين إلى ازدهارها. وبمناسبة المنتدى، تفضل خادم الحرمين الشريفين بقبول هدية تذكارية مقدمة من مجلس الأعمال السعودي الأمريكي. وكان منتدى الأعمال السعودي الأمريكي حديث مجتمع الأعمال بعد نهاية فعالياته ولا تزال أصداؤه تتناقلها وسائل الإعلام الأمريكية وينشغل بها المحللون الاقتصاديون وخبراء المال. ولتزامن المنتدى مع زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حظى باهتمام كبير وحضور مكثف ومشاركة فعالة من جانب رجال الأعمال الأمريكيين، حيث أسهمت الزيارة بشكل مباشر في الحضور الكبير، الذي شهده المنتدى على الصعيد الرسمي من خلال مشاركة نخبة من الوزراء والمسؤولين الحكوميين ورجال أعمال سعوديين وممثلي شركات استثمارية كبرى، مما أسهم في أن يحقق المنتدى أهدافه التي أُقيم من أجلها. وتجاوز تميُّز المنتدى الحضور الحكومي ليشمل تفاعل ممثلي شركات القطاع الخاص السعودي والأمريكي مع أنشطة المنتدى وفعالياته لتكون السمات البارزة للمنتدى في حجم الشراكات التي أُبرمت بين رجال الأعمال السعوديين ونظرائهم الأمريكيين، التي شملت مجالات عدة وفي قطاعات مهمة وحيوية مثل الصناعة والسياحة وخدمات الرعاية الصحية والصيدلة والتدريب والتوظيف والإسكان. وفي بداية المنتدى ألقى عضو مجلس الأعمال السعودي الأمريكي الأستاذ عبدالله بن صالح جمعة كلمة موجزة شرح خلالها أهمية وفعاليات المنتدى في تطور العلاقات بين البلدين الصديقين وخاصة في المجال الاقتصادي. ثم ألقى محافظ الهيئة العامة للاستثمار الأستاذ عبداللطيف العثمان، كلمة أكد من خلالها أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الولايات المتحدة ألأمريكية والتي تأتي استكمالًا لمسيرة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. كما نوّه بحجم النمو الكبير في الفرص الاستثمارية المتاحة ودعم المملكة للمستثمرين، وكشف عما تعرضه المملكة من فرص استثمارية مميزة لأصحاب الأعمال، موضحًا حجم ونوع التسهيلات التي توفرها المملكة للمستثمرين، كما ركز على ضرورة الاستفادة من المرحلة الحالية والتحول من تجارة العقود إلى الاستثمار الاستراتيجي المستدام.
مشاركة :