تحول وسط بيروت أمس منطقة عسكرية أمنية بامتياز أمس، فعزلت ساحة النجمة والأسواق المحيطة بها بشكل تام وسدت كل المنافذ المؤدية إليها بالعوائق والأسلاك الشائكة التي وقف خلفها جنود من الجيش وعناصر الأمن الداخلي وشرطة مجلس النواب. وفي المقابل، وقفت هيئات الحراك المدني والشَّعبي في مواجهة الزعماء والأحزاب رافعة راية «لا للفساد». وتجمع العشرات من ناشطيها الذين تحدوا الطقس الحار والغبار أمام جدران الأسلاك الشائكة عند مدخل شارع «فوش» قرب مبنى «النهار» وعند مدخل شارع «اللنبي» وفي وادي أبو جميل للتعبير عن سخط الناس على المسؤولين والمحاصصة الطائفية التي تنعكس تردياً حياتياً وخدماتياً، واحتجاجاً على الشلل الذي أصاب المؤسسات الدستورية واستمرار الشغور الرئاسي». ووصل الناشطون اعتصامهم بتظاهرة المساء. وكان مطلب إدراج ملف النفايات على جدول جلسة الحوار أساسياً في اعتصام عشرات الشباب من حملتي «طلعت ريحتكم» و «بدنا نحاسب» وأعضاء «هيئة التنسيق النقابية». وخفض بعضهم سقف مطالبه من ضرورة استقالة وزير البيئة وإقرار قانون للانتخابات على قاعدة النسبية قبل الانتخابات الرئاسية، إلى حل ملف النفايات أولاً، وإذا تقرر انتخاب رئيس «فليكن». ووصف الناشطون الطبقة الحاكمة بـ «العاجزة». وأطلقوا على الجلسة اسم «طاولة الحيتان». وتنظيم الاعتصام كان واضحاً، فمع بقاء منظمي الحراك، ومنهم أسعد ذبيان، مروان معلوف، عماد بزي، مارك ضو، نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض وأعضاء هيئة التنسيق، أمام «النهار» مع مجموعة من الشباب عند مدخل ساحة النجمة، اعترضت مجموعة مؤلفة من نحو 30 ناشطاً مقابل القاعدة البحرية عند مدخل شارع «فوش» مواكب قادة الكتل النيابية خلال دخولها ورشقوها بالبيض والبندورة، هاتفين: «حرامية». وسجّل إشكال بين الناشط بلال علاو من حملة «طلعت ريحتكم» وعناصر قوى الأمن الداخلي بعد محاولته دخول ساحة النجمة وهزّ عوائق الحديد. واعتصمت مجموعتان عند مدخلين آخرين مؤديين إلى البرلمان في شارعي «اللنبي» و «وادي أبو جميل» لرصد تحركات النواب، وحاولتا هز العوائق أيضاً بانتظار مواكب الزعماء ومنعهم من الخروج. وكرروا هتافات: «يسقط يسقط حكم الأزعر. ما بدنا حل، نواب تفل. كلن كلن حرامية». وخرج قائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي الى مكان الاعتصام، وتحدث من خلف الشريط الشائك الى المعتصمين، محاولاً إعطاءهم المياه لكن المعتصمين رفضوا. وقبيل انتهاء جلسة الحوار شددت القوى الأمنية تدابيرها ولم يتمكن المعتصمون من مواجهة المغادرين بالبيض. وكان ناشطون حاولوا إزالة الأسلاك الشائكة، بعدما حاولوا مراراً مناقشة عناصر قوى الأمن خلف الأسلاك الشائكة في «أسباب حمايتهم وزراء ونواب فاسدين لا يدفعون معاشاتكم ولم يحلوا ملف عسكريين زملائكم خطفوا بجرود عرسال». وشارك ثلاثة من المضربين عن الطعام في الاعتصام على رغم إصابة أحدهم بحال إغماء أول من أمس، وتناول الناشط حسن قطيش اسم العسكري علي البزال الذي أعدمته «جبهة النصرة». وقال لعناصر قوى الأمن: «أكبر سلاح هو الفقر، نحن انتفاضة ناجحة، لا تدافعوا عن 128 نصاباً لأنهم سيُحاسبون». وقال قطيش لـ«الحياة»: «نحن متشبّثون بحقوقنا طالما وزير البيئة متشبث بكرسيه». ولاحقاً أصيب أحمد أمهز بوعكة صحية وتم إسعافه. وعمل الناشطون على تمزيق لافتات تحمل صور النواب ولفوا بها أرجلهم تعبيراً عن احتقارهم للطبقة السياسية. ومن اللافتات القليلة التي حملها المعتصمون: «بدنا حقنا بدنا نعيش، مش ح نوافق عالطتنيش». وقال كلود جبر (طلعت ريحتكم) إن وجود العدد الكبير للقوى الأمنية يعبر عن خوف السلطة السياسية من شعبها الناقم عليها، زنخة البيض أنظف منهم». واتّفق منظمو الحراك على موقف واحد تجاه طاولة الحوار، وهو: «يتواطأون علينا بعدما عرفوا أن عددنا يرتفع». وأكد أسعد ذبيان أن «لا قيمة للحوار لأنه خارج تفعيل المؤسسات». وقال محفوض: «إذا لم تستمعوا لهذا الحراك المدني فإنه سيكبر ويطيح بكم».
مشاركة :