لا تدير ريما بنت سلطان بن تركي بن ربيعان بالاً لنظرات الاستغراب التي تصادفها خلال عملها في مشروع «مترو الرياض»، كما لا تبالي هذه الفتاة ذات الـ25 ربيعاً بالحرارة والغبار الذي يغطي مكان عملها، فيما تتنقل بزيها «الهندسي» بين تفاصيل المشروع. وأثبتت المهندسة المعمارية ريما مكانها في المشروع الأضخم للمواصلات العامة، الممتد عبر ستة خطوط «مترو» رئيسة تخترق العاصمة الرياض من جميع الاتجاهات، بامتداد 176 كيلومتراً، الذي بدأ العمل فيه منذ 2013، فيما يتوقع إنجازه عام 2018، بكلفة إجمالية تربو على 22.5 بليون ريال. وتمارس المعمارية هوايتها المفضلة عند طفولتها بالرسم على صفحات الكراسة البيضاء التي مهدت لها ممارسة هوايتها على أرض مسقط رأسها الصفراء، ذات الطبيعة الصحراوية في أحد أكبر مشاريع المواصلات عالمياً. وقضت سنوات دراستها في تخصص «هندسة معمارية» جامعة الأمير سلطان بالرياض، وتخرجت ضمن أول دفعة هندسة معمارية، والتحقت بالتدريب في إحدى الشركات التي تعمل على «المترو»، وبعد إجراء المقابلة الشخصية تم قبولها للتدريب، وأثبتت الفتاة جدارتها، فتم اختيارها موظفة لدى الشركة، وتوجهت إلى إدارة مشروع «المترو»، وكان هدفها وحلمها وخيارها الأول في العمل. وأكملت اليوم ثلاثة أشهر في العمل الفعلي بالمشروع، الذي تعمل فيه ثلاث تحالفات، بإدارة الهيئة العليا لتطوير الرياض. وتعمل ريما بشكل خاص مع تحالف «فاست»، الذي يضم نحو خمس شركات في الرياض. وكشفت لـ«الحياة» عن صعوبات واجهتها في العمل، إذ كانت ساعات العمل الميدانية تصل إلى 12 ساعة، من السابعة صباحاً، فضلاً على صعوبة المناخ وطبيعة المنطقة «الحارقة»، إلا أن هذا لم يثن عزمها عن تحقيق حلمها، في وضع بصمتها على أحد المشاريع التي ستمتد أجيالاً عبر التاريخ. وأوضحت طبيعة عملها الدقيق: «يتلخص عملي في الرسم المعماري الدقيق والمخططات، وحضور الاجتماعات، والإشراف على الآلات الكبيرة التي تم تصنيعها للحفر في ألمانيا، مثل ظفرة وسنعة، وكيف يتم صب الأسمنت من الناحية الإنشائية، وذلك من خلال زيارة مواقع البناء أسبوعياً». ومن الأعمال التي أوكلت إليها، بعد حضور أحد الاجتماعات مع الهيئة العليا لتطوير الرياض، وتمت فيه مناقشة ومراجعة أحد التصاميم الخاصة بالمداخل، واتفق على تغييرها كي يتم توحيد الشكل، التصاميم الجديدة في المحطات. وتعمل ريما مع طاقم يضم مهندستان إسبانيتان لهما «خبرة طويلة جداً» في مجال الهندسة، إضافة إلى مهندسة ميكانيكية سعودية من جهة أخرى. وتعتبر ريما هي المهندسة المعمارية السعودية الأولى والوحيدة التي تلتحق بمشروع «المترو» للعمل الميداني والمكتبي بشكل مباشر، وتم انتدابها من أحد المديرين في الشركة، كي تباشر عملها من الإمارات في بعض الأوقات، لوجود المركز الرئيس للشركة في الشرق الأوسط «ديزاين سنتر» في دبي. وأشارت إلى أنها كانت ترى «صعوبة» في وجودها بالمشروع، بحكم أنها «خريجة حديثة ولم يسبق لي العمل، ولكن اقتناع المشرفين على المشروع بقدراتي جعلني أكسر حاجز الخوف الذي انتابني لحظة ما»، بحسب قولها. وختمت ريما سلطان حديثها بالقول لـ«الحياة»: «أرى أن عملي في المترو فرصة ذهبية، لأنني أحتك بذوي خبرات كبيرة ونخبة من مهندسي العالم ممن لهم بصمتهم في مشاريع عالمية ضخمة، إذ يعمل في المشروع أحد الذين كان لهم تغيير واضح في مطار هيثرو، ومشاريع المترو في كل من نيويورك ودبي ولوس أنجليس، ومدريد، وكثير من المشاريع العالمية، والمهندسين العالميين الذين أفخر بالعمل إلى جانبهم وكسب خبرتي منهم».
مشاركة :