النقاش القانوني حول تطبيق نص المادة 153 من قانون الجزاء، التي تقرر تخفيف العقوبة على المتهم بقتل زوجته أو والدته أو شقيقته إلى الحبس 3 سنوات أو الغرامة بثلاثة آلاف روبية بدلاً من عقوبة الإعدام أو الحبس المؤبد أثار لديّ جملة من الملاحظات القانونية التي من المهم إثارتها بعد نقاش هذه القضية. وقبل إثارتها يجب تأكيد جملة من القضايا عند تناول نص المادة 153 من قانون الجزاء، وهي أنه يتطلب التمسك بها أو حتى المحكمة عندما تنظر إلى الطلب المقدم من المتهم بشأنها، توافر مجموعة من الشروط لإعمال التخفيف الوارد بها. وأول تلك الشروط هو توافر حالة المفاجأة عند الزوج أو الأخ أو الابن عند مشاهدته الزوجة أو الأخت أو الأم وهي في حالة زنا مع عشيق أو رجل غريب. ومن ثم فإن تلك المفاجأة تخرج الزوج أو الأخ أو الابن الذي كان يتعقبهن أو أنه يعلم أنهن سيئات السلوك فيقوم بقتلهن، وعليه فلا يستفيد من النص الا الشخص الذي تفاجيء بهذا السلوك والذي لم يكن يتوقعه من زوجته أو أخته أو والدته وهن في حالة الزنا أو المواقعة مع آخر. وثاني تلك الضوابط التي اشترطتها المادة أن تكون الزوجة أو الأخت أو الأم في حالة زنا أي باتصال جنسي بحسب ما عرضته المادة 195 من تعريف لجريمة الزنا فإن لم يكن الاثنان بذلك النموذج القانوني لجريمة الزنا فلا يستفيد الجاني من التخفيف. ثالث تلك الضوابط التي اشترطتها المادة لإعمال التخفيف هو أنه جراء تلك المفاجأة وذلك الاستفزاز من مشاهدة الزوج أو الأخ أو الابن لجريمة الزنا فقام بقتلهما على الفور ربطاً بحالة الاستفزاز والغضب الذي تملكت الجاني، وهو ما يعني أن الجاني إذا شاهد تلك الأحداث وغادر إلى المطبخ أو إلى غرفة أخرى للبحث عن سلاح أو أداة بطبيعتها تسمح بالقتل فقتل الزوجة والعشيق فهنا لا يستفيد من التخفيف، لأنه أثناء عملية البحث عن السلاح عاد إليه وعيه الطبيعي بتركيزه على سلاح للجريمة وغادرت عنه حالة الاستفزاز والغضب التي تملكته وإن ضعفت عنه تلك التي تملكته في بداية مشهد المفاجأة فإنه لا يستفاد من العذر والتخفيف الذي نصت عليه المادة 153 من قانون الجزاء. وبعد الانتهاء من عرض تلك الضوابط، أود الإشارة إلى الملاحظات على النحو التالي: أولاً: يتعين على المشرع إعادة النظر في نص المادة 153، وذلك باستبعاد الأم أو الأخت من عناصر التخفيف، وأن يتم الإبقاء على الزوجة كما فعل المشرع المصري، وذلك لأنه قد تكون تلك الأم أو الأخت في الأساس متزوجة من دون أن يعلم شقيقها أو ابنها وهو أمر وارد، فضلاً عن أن عنصر التخفيف هنا ينفرد به زوج الأم أو زوج الأخت ولا يمتد إلى الأخوة. وعليه ورغبة في عدم التوسع في تقرير مسلك التخفيف فإنه يتعين أن يقصر هذا الظرف الخاص بالاستفزاز للزوج وحده ولا يمتد إلى غيره. ثانياً: أن يعاد النظر في أن عنصر الاستفزاز الذي يستفيد منهم المتهم لابد أن يكون ما شاهده الجاني هو وجود زوجته ومن معها وهي في حالة زنا أي في حالة اتصال جنسي بما يؤكد وقوع الوطء الطبيعي، وهو الأمر الذي يتعين التدليل عليه، فمثلاً وجود الزوجة مع رجل غريب في مسكن الزوجية أو حتى في غرفة النوم لا ينهض بذاته مبرراً لإيجاد حالة الاستفزاز التي يستفيد منها الجاني بل يجب أن تكون تلك المفاجأة نتيجة مشاهدة الزوجة مع عشيقها وهما في حالة اتصال جنسي التي ينتج عنها حالة الاستفزاز والغضب التي تتملك المتهم، وتلك العلة تنطلق من أن حالة التخفيف أو العذر القانوني يجب أن تكون في نصابها الشرعي والقانوني السليم وألا تكون كيد أو تلفيقاً، وهو ما فطن إليه قضاء محكمة النقض المصري عندما وقعت مجموعة من الحوادث نتجت عن قيام الجاني بقتل زوجته وصديق له وهما في غرفة النوم وكانت الزوجة ترتدي بيجامة النوم والصديق بملابسه الداخلية دون أن تكون هناك أية مظاهر أخرى للاتصال الجنسي، وهو ما دعا النيابة العامة هناك إلى المطالبة بتطبيق عقوبة الإعدام على أحد المتهمين حتى لا يكون النص مدعاة إلى انتقام بعض الأزواج من زوجاتهم وبعض أصدقائهم للاستفادة من الرخصة التشريعية، خاصة أن العقوبة في مصر هي سنة فقط وليست ثلاث سنوات كما هي في التشريع الكويتي. ثالثا: النص على حالة الشروع في القتل بأن يستفيد مَن هو بحالة الشروع بذات عقوبة التخفيف أو بنصفها وذلك لأنه من غير المعقول أن يمنح النص تخفيفاً عن المتهم الذي أقدم على قتل زوجته وهو في حالة المفاجأة والاستفزاز التي تتبعها إلى الحبس مدة ثلاث سنوات أو الغرامة في حين أنها لم تقرر التخفيف فيما إذا أدى فعله إلى عدم قتل الزوجة أو عشيقها وهو ما قد يقضى عليه بعقوبة الشروع في القتل لأن النص في حكم المادة 153 يشترط لتطبيق عذر التخفيف قتل الزوجة أو عشيقها بينما في حالة الشروع فلا يستفاد من التخفيف رغم وجود حالة المفاجأة والاستفزاز والغضب التي تتملك الجاني.
مشاركة :