متى أتناول رغيف خبز تَمِيز صنعته يد سعودية؟ بعد أن جالت عيناي فيما حولي وسمعت أذناي من قريب ومن بعيد، تبَدَى السؤال أعلاه واستدعت الذاكرة واقع الحال وهالني واقعنا اللافت. تذهب للتسوق فتبتاع ما تحتاج حتى من البقالات الصغيرة من يد غير سعودية، تريد شراء سَمكا أو لحْما أو دجَاجا أو فاكهة وخُضارا، لا ترى في الباعة سحْنة سعودي. تحتاج وقودا لسيارتك تخدمك يد غير سعودية، تريد الكشف على سيارتك وإصلاحها من عطب ما، لا تجد سعوديا، تذهب مضطرا لمطعم لتشتري وجبة إفطار أو غداء أو عشاء ستجد يدا غير سعودية، لديك ضيف أو مناسبة، تهرع لطباخ مشهور غير سعودي. لغسل ملابسك وكَيِّها تخدمك يد غير سعودية، تنتقي أفضل الأقمشة لك ولأسرتك فلا تبيعها لك ولا تخيطها سوى يد غير سعودية، لتنظيف بيتك تبحث عن يد غير سعودية، وحتى «زبالة» بيتك يجمعها وينظف واجهة بيتك وشارعك يد غير سعودية، ولِتحْلق شعرك وتصففه تخدمك يد غير سعودية. لتصلح شاشة تليفزيونك، جهاز هاتفك، ثلاجتك، لن يفعل ذلك إلا غير سعودي، تنكسر حنفية الماء في بيتك، ويتلف مفتاح مروحة شفط مطبخ الأسرة، تسرع يمينا وشمالا تبحث عن سباك وعن كهربائي حَذِقا المهنة في بلدك فلا تجد سعوديا. يتوقف «مودوم» النت فتقود سيارتك مسرعا وتتصل بتليفونك بحثا عمّن يصلح العطب، فلا تجد سعوديا، تذهب لصيدلية مُمَنيا نفسك أن ترى من يخدمك سعوديا فلا تجده. تريد باقة من الزهور لتهديها صديقا يرقد على السرير الأبيض فلا تجد سعوديا يبيع لك. تبني بيوتنا وتُنَفذ مشروعاتنا أيد غير سعودية، حتى الزراعة والرعي مهنة الآباء والأجداد تَحمّل مسؤوليتها غير سعودي، تكون مضطرا للذهاب لمشوار ضروري وليس لديك سيارة يهرع لخدمتك غير سعودي. بل وصل الحال أننا نبحث عن يد غير سعودية كي نواري الثرى موتانا، فهل تفردنا بكل ذلك؟ أترك الباب مواربا للإجابة. وصل تعدادنا السكاني في آخر إحصاء قرابة 25 مليونا ذكورا وإناثا تقريبا كسعوديين منهم 70 في المئة شباب ولدينا بطالة مقلقة وشحّت الوظائف في القطاعين العام والخاص، ومع ذلك ما زلنا عالة على الوافدين من كل مكان، فماذا سيكون عليه حالنا في قادم الأيام؟ لقد فرطنا عامدين في خدمة أنفسنا ونسينا أن العَرق النبيل كان يتصبب من جباه أمهاتنا وآبائنا يوم كانت اللقمة شحيحة، إلى عهد ليس بالبعيد، ولكن كانت الهمة عظيمة. وفي زمن جائحة «كوفيد 19» دروس وعبر، فهل من عودة جادة لمجتمعنا بأكمله ويتحقق معنى المثل الشعبي تطبيقا لا تنظيرا «ما حك جلدك مثل ظفرك»؟ ومع ذلك الحمد لله على نِعَمِه الظاهرة والباطنة في وطننا وطن القداسة والخير، أعزّه الله وحفظ قادته ولاة أمره، ووفقهم لكل ما فيه رفعة وتقدم هذا الوطن المعطاء. فما زالت وستبقى عيون الوطن الساهرة السعودية، في الداخل، وعلى الحدود، تحرس نعم الله علينا، وعلى حماية بلادنا من كل طامع ومعتدٍ. فأنعم بها من أيدٍ سعودية تستحق التقبيل والإجلال.
مشاركة :