العقاب .. خطوة مشروطة في تأديب الأطفال

  • 9/11/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الوالدان المعلمان للطفل، يتعلم أولاً بالتقليد؛ لذا يجب أن يكون الوالدان قدوة ومثالاً جيداً يحتذي به الأطفال في كل الأمور، والأبناء فلذة الأكباد، وأمانة في أعناق الأهل، ورعايتهم من الأمانات التي لا تجوز خيانتها، فالأهل يُسألون عن رعايتهم لأبنائهم إن أحسنوا أو أساؤوا التربية. تأديب الأطفال لا يعني مُمارسة ذلك النوع من السُّلطة المُطلَقة أو الفوضويّة المُستبِدّة والمُتسلِّطة من جهة الأهل نحو أبنائهم، ما يعطي للطفل نوعاً من الإحساس بالذلّ والقهر والاستعباد، ويؤدّي إلى زعزعة ثقة الأطفال بأنفسهم ، ويُضعف شخصيّاتهم في أخطر مراحل تكوينها، وهذا هو الذي يحدث كثيراً نتيجة التربية الخاطئة، فيسبّب للطفل مشكلات نفسيّة بالغة تظهر في المستقبل، وربما يكون من الصعب علاجها بعد ذلك. لابد أن يُمارس الأهل سلطتهم على الأطفال بطريقة لائقة وصحيحة وناضجة، وبوعي كامل، حتّى تأتي التربية والتأديب بنتائجهما المَرجوة. كلّ طفل يحتاج إلى التأديب، لكنّ المهم أن يُقدِّم الوالدان للطفل مع التأديب (عند عقابه) الأسباب التي بموجبها يُعتَبر سلوك الطفل أو تصرُّفه (من وجهة نظرهم) مرفوضاً ويلزمه أن يتوقّف عنه، أو يكون مستحقاً للتأديب أو العقاب إن كرّره أو استمر به. عادة ينظر الأطفال للتأديب على أنه عقاب ومعاداة من جانب الآباء لهم، لأن التأديب دائماً يأتي بصورة أوامر يصدرها الأب أو الأم للطفل من دون تفاهم. ويمكن للآباء الحصول على نتائج أفضل في تربية الطفل عندما يغلفون التأديب بالحب والتفاهم، ويعتمد تأديب وتربية الطفل على وضع حدود يلتزم بها الطفل، كي لا يخرج عن سيطرة الوالدين مع وضع عقوبة تناسب ما يرتكبه، وإفهامه أن العقاب الذي يناله نتيجة ما ارتكبه وليس بسبب كراهية الأب أو الأم له. تشجيع الطفل عن طريق المكافأة، له تأثير سحري في تعزيز القيم الإيجابية في نفوس الصغار، ويجب أن تقترن المكافأة بتشجيع السلوك الإيجابي للطفل بدلاً من التركيز على السلوك السلبي وعقابه عليه، وفي حالة عقاب الطفل على سلوك خاطئ، يجب أن يقترن العقاب أيضاً بتوضيح السبب، فلابد أن يقوم الأب أو الأم أولاً بتوضيح السلوك الخاطئ فور قيام الطفل به، ثم التحذير منه، وبعد ذلك يمكن اللجوء إلى عقاب الطفل عند تكرار السلوك ذاته. فما هي الوسائل المتبعة من الوالدين لتأديب الطفل التي لا تترك أثراً سلبياً في المستقبل؟ تقول حنان محمد: إذا أخطأ أحد أبنائي فإني أتحدث إليه على انفراد وأحاوره لأقنعه بما ارتكب من أخطاء، وأعلمه التصرف الصحيح، وإذا ارتكبها مرة أخرى ألجأ إلى أسلوب آخر وهو حرمانه من شيء يحبه. يقول أسامة مصطفى: أستعمل أسلوب النقاش والحوار مع ابني إذا أخطأ، وأفهمه أن ما فعله أو قاله خاطئ، وأوضح له السلوك الصحيح، وإذا ارتكبه مرة أخرى أحرمه من الأشياء التي يحبها كالألعاب التي يفضلها ولا أصطحبه للتنزه واللعب خارج المنزل. تقول آلاء محمود: إذا أخطأ ابني داخل المنزل أو خارجه أمسك يده بلطف وأشرح له طبيعة ما ارتكب من أخطاء، وأعلمه السلوك الصحيح ، وإذا أعاد ارتكابها مرة أخرى أحرمه من أحب الأشياء إليه، أي لا أسمح له بلعب البلاي ستايشن لفترة زمنية محددة. يقول أيمن عقل: قليلاً ما يخطئ أبنائي، ولكن إذا بدر من أحدهم تجاوز ما، أوجّه له النصيحة وأبادر إلى تعليمه التصرف الصحيح، وإذا ارتكب الخطأ مرة أخرى أقوم بالطبطبة الخفيفة على يديه أو بحرمانه من الخروج من المنزل لفترة زمنية معينة. تقول نجاة محمد: إذا ارتكب أحد أبنائي خطأ أسارع إلى الانفراد به لمناقشة الذي وقع، خاصة لو حدث ذلك أمام الناس، وأحاوره بالمنطق للوصول إلى الاعتراف بأن ما ارتكبه خاطئ يستلزم الاعتراف به والتراجع عنه والتعهد بعدم تكراره، وفي بعض الأحيان أبادر إلى النظر إليه بطريقة يفهم منها حدوث تجاوز من جانبه، وأناقشه حين انصرافنا من أمام الناس وعودتنا إلى المنزل، وهناك أشرح له سبب اعتبار تصرفه خاطئ ، كما أقارن بين ذلك التصرف وتصرفاتنا نحن لو كنا في نفس الموقف، ليشعر بمدى فداحة ما ارتكب، لأن الطفل يتأثر ويقتدي بوالديه. يقول علاء عيسى: إذا أخطأ ابني فإني لا أضربه ولا أوبخه بصوت عال، بل آخذ بيده بلطف وأقول له إن ما فعله خاطئ وأعلمه السلوك الصحيح، وإذا ارتكب الخطأ نفسه مرة أخرى أستخدم معه أسلوباً آخر، أحرمه من أي شيء يحبه لكي يشعر بالذنب ويتراجع عن موقفه ولا يكرر الخطأ أو السلوك السيئ الذي ارتكبه مرة أخرى. اقتران العقاب بتوضيح السبب تقول د.هبة شركس، استشارية نفسية وخبيرة أسرية في أكاديمية آسيا للتدريب والاستشارات: تأديب الطفل لا يبدأ بالعقاب إذا أخطأ، ولابد من استخدام النقاش معه وإقناعه بالمنطق أن ما ارتكبه خطأ ونعلمه السلوك الصحيح، وإذا تكرر نحدد أسلوب التأديب، ولا تجوز المبادرة إلى عقابه بمجرد ارتكاب الخطأ أول مرة لاعتبارات عدة منها، قصور الفهم وقلة التجارب لدى الصغار وانخفاض شعورهم بالمسؤوليات. تضيف د. شركس: عدم تعنيف الطفل ولومه ومحاولة اكتشافه من الداخل لاستخدام أسلوب التأديب المناسب معه كالحرمان من شيء يحبه، وفي حال معاقبة الطفل على السلوك الخاطئ، يجب أن يقترن العقاب بتوضيح السبب، وتأديب الطفل لا يعني بناء العقبات لتقويته، ولا تذليلها له لتدليله، بل مساعدته ليتغلب على عقباته الخاصة التي ستواجهه، كي يقوى ويشب متوازناً من الناحية النفسية والاجتماعية.

مشاركة :