الرجل الذي جعل حياة البحرينيين أكثر رفاهية

  • 9/11/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

صورته‭ و ‬صورتين‭ ‬مع‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬في‭ ‬مكتبه،‭ ‬ومع‭ ‬الشيخ‭ ‬سلمان‭ ‬والشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬الصباح‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬في‭ ‬1952 العائلات‭ ‬التي‭ ‬لعبتْ،‭ ‬ولازالت‭ ‬تلعبُ،‭ ‬دورا‭ ‬بارزا‭ ‬ومشهودا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬التجارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لبلادنا‭ ‬العزيزة،‭ ‬البحرين،‭ ‬كثيرة‭ ‬ومتنوعة‭ ‬الاسهامات‭. ‬لكن‭ ‬تبقى‭ ‬اعائلة‭ ‬يتيمب‭ ‬صاحبة‭ ‬بصمة‭ ‬خاصة‭ ‬وجهود‭ ‬لايمكن‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬عليها‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭ ‬دون‭ ‬التوقف‭ ‬مليئا‭ ‬عند‭ ‬رحلتها‭ ‬الناجحة‭ ‬والمثيرة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المال‭ ‬والأعمال‭ ‬والمشاريع‭ ‬الرائدة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ثمانين‭ ‬عاما‭. ‬ودليلنا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬إسم‭ ‬العائلة‭ ‬ارتبط‭ ‬دوما‭ ‬بكلمة‭ ‬اأولب،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬جُبلتْ‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬وقبلتْ‭ ‬أنْ‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬المشاريع‭ ‬الجديدة‭ ‬غير‭ ‬المألوفة‭. ‬ هذه‭ ‬المقدمة‭ ‬تدعونا‭ ‬للتساؤل‭ ‬عن‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬أخذ‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬القيام‭ ‬بهذه‭ ‬المبادرات‭ ‬السابقة‭ ‬لعصرها‭ ‬وزمانها‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬االبزنسب‭. ‬إنه‭ ‬الوجيه‭ ‬حسين‭ ‬يتيم‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬رجالات‭ ‬البحرين‭ ‬الذين‭ ‬تسلحوا‭ ‬بالعلوم‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬عشرينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬بل‭ ‬أنّ‭ ‬عائلته‭ ‬عرفت‭ ‬مبكرا‭ ‬قيمة‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الريادة‭ ‬بدليل‭ ‬أنّ‭ ‬جده‭ ‬أحمد‭ ‬يتيم‭ ‬كان‭ ‬متعلما‭ ‬يجيد‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬وصاحب‭ ‬معرفة‭ ‬بالتاريخ‭ ‬والأحوال‭ ‬العامة‭ ‬ومجريات‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬ثم‭ ‬بدليل‭ ‬أنّ‭ ‬والده‭ ‬علي‭ ‬يتيم‭ ‬درس‭ ‬العلوم‭ ‬الصيدلانية‭ ‬في‭ ‬الهند،‭ ‬فيما‭ ‬درس‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬إنجلترا‭ ‬مبتعثا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬والده‭. ‬ ولعل‭ ‬الجزئية‭ ‬الأخيرة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬الوجيه‭ ‬احسين‭ ‬علي‭ ‬أحمد‭ ‬يتيمب‭ ‬صاحب‭ ‬قيادة‭ ‬متنورة‭ ‬ورؤية‭ ‬طموحة‭ ‬تستشرف‭ ‬المستقبل‭ ‬ومآلاته‭ ‬واحتياجاته‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬تنمو‭ ‬تجارة‭ ‬عائلة‭ ‬يتيم‭ ‬تحت‭ ‬قيادته‭ ‬فتتحول‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬تجارية‭ ‬بسيطة‭ ‬يديرها‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬متعددة‭ ‬الأنشطة‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬العقار‭ ‬والمجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬والتكييف‭ ‬وصناعة‭ ‬الغازات‭ ‬والامدادات‭ ‬النفطية‭ ‬وغيرها،‭ ‬وتديرها‭ ‬جيوش‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬الأكفاء‭.‬ نحن‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الثلاثينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬والبحرين‭ ‬الصغيرة‭ ‬ذات‭ ‬الحياة‭ ‬البسيطة‭ ‬ووسائل‭ ‬النقل‭ ‬البدائية‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬تطورات‭ ‬تنموية‭ ‬هائلة‭ ‬وتغيرات‭ ‬في‭ ‬انماط‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وتوسع‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬بسبب‭ ‬اكتشاف‭ ‬النفط‭ ‬فيها‭ ‬بكميات‭ ‬تجارية‭ ‬قبل‭ ‬سائر‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬الخليجي‭. ‬هنا‭ ‬نرى‭ ‬الوجيه‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب،‭ ‬بما‭ ‬يمتلكه‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬استشرافية‭ ‬سديدة‭ ‬ومعارف‭ ‬حديثة‭ ‬وتجارب‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬ما‭ ‬رآه‭ ‬وعايشه‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬المتقدم،‭ ‬يبادر‭ ‬إلى‭ ‬اقتناص‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬التجارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬أوجدها‭ ‬اكتشاف‭ ‬النفط‭ ‬وتصديره‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1932‭. ‬ فنراه‭ ‬مثلا‭ ‬يفتتح‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1938‭ ‬أول‭ ‬محطة‭ ‬بنزين‭ ‬فوق‭ ‬قطعة‭ ‬أرض‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬اشتراها‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬البحرين،‭ ‬وهي‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬أقام‭ ‬عليها‭ ‬لاحقا‭ ‬جامعا‭ ‬ذا‭ ‬تصميم‭ ‬هندسي‭ ‬مميز‭. ‬ونراه‭ ‬يتبع‭ ‬ذلك‭ ‬بالاستثمار‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الترفيه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انشاء‭ ‬أول‭ ‬صالة‭ ‬للعروض‭ ‬السينمائية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬بمشاركة‭ ‬مستثمريْن‭ ‬آخريْن‭. ‬ونراه‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1944‭ ‬و1945‭ ‬يقوم‭ ‬بافتتاح‭ ‬أول‭ ‬معمل‭ ‬للثلج‭ ‬والمياه‭ ‬المقطرة‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬البحرين‭. ‬ أما‭ ‬العام‭ ‬1939‭ ‬فقد‭ ‬شهد‭ ‬قيامه‭ ‬بمرافقة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬لحضور‭ ‬معرض‭ ‬نيويورك‭ ‬الدولي‭. ‬والحقيقة‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬شكلت‭ ‬منعطفا‭ ‬هاما‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الوجيه‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬التجارية‭ ‬لأنها‭ ‬عرّفته‭ ‬على‭ ‬الدكتوربويليس‭. ‬إتش‭. ‬كاريير‭ ‬اWillis H‭. ‬Carrierب‭ ‬مخترع‭ ‬أجهزة‭ ‬التكييف‭ ‬المعروف،‭ ‬الذي‭ ‬باعه‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬مكيفات‭ ‬كاريير‭ ‬الشهيرة‭ ‬لتركيبها‭ ‬وتشغيلها‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬كان‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬يعلم‭ ‬مسبقا‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬السلعة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬سلع‭ ‬الرفاهية‭ ‬والترف‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬بمكان‭ ‬ترويجها‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬بسبب‭ ‬تكاليفها‭ ‬الباهظة‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وتدني‭ ‬مستوى‭ ‬معيشة‭ ‬مواطنيه‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬روح‭ ‬المغامرة‭ ‬الاستثمارية‭ ‬المتأصلة‭ ‬فيه‭ ‬انتصرت‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬التردد‭ ‬وأقنعته‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬السلعة‭ ‬ستجد‭ ‬لنفسها‭ ‬موقعا‭ ‬قويا‭ ‬في‭ ‬السوق،‭ ‬إنْ‭ ‬عاجلا‭ ‬أو‭ ‬آجلا،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬ذات‭ ‬المناخ‭ ‬الحار‭ ‬الرطب‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬نحو‭ ‬التحسن‭ ‬المعيشي‭ ‬والتطور‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وقد‭ ‬صدقتْ‭ ‬توقعات‭ ‬الرجل‭ ‬سريعا،‭ ‬بدليل‭ ‬أن‭ ‬واردات‭ ‬يتيم‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬التكييف‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬كاريير‭ ‬راحت‭ ‬تتضاعف‭ ‬عاما‭ ‬بعد‭ ‬عام‭. ‬وهكذا‭ ‬لم‭ ‬يحن‭ ‬عام‭ ‬1949‭ ‬إلا‭ ‬ومؤسسة‭ ‬يتيم‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬التوزيع‭ ‬الحصري‭ ‬لمكيفات‭ ‬كاريير‭ ‬ولوازمها‭ ‬وقطع‭ ‬غيارها‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬بل‭ ‬وتصبح‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬بيع‭ ‬أجهزة‭ ‬التكييف‭ ‬ومستلزماتها‭.‬ ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الوجيه‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬دون‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬دوره‭ ‬البناء‭ ‬ومساهمته‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬شركة‭ ‬طيران‭ ‬الخليج‭ ‬كأول‭ ‬ناقلة‭ ‬جوية‭ ‬وطنية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭.‬ وقصة‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬مع‭ ‬الطيران‭ ‬قصة‭ ‬شيقة‭ ‬يجب‭ ‬أنْ‭ ‬تُروى‭ ‬بتفاصيلها‭ ‬المثيرة‭ ‬لأنه‭ ‬لولا‭ ‬حماسه‭ ‬وجرأته‭ ‬ورؤيته‭ ‬الصائبة‭ ‬لما‭ ‬وُجدتْ‭ ‬أصلا‭ ‬خدمات‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬مبكر‭. ‬وتتلخص‭ ‬الحكاية،‭ ‬ونحن‭ ‬ننقلها‭ ‬هنا‭ ‬بتصرف‭ ‬كما‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مطول‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬الوقت‭ ‬البحرينية‭ ‬بتاريخ‭ ‬8/8/2003،‭ ‬إنبفريدي‭ ‬بوسورث‭ ‬اFreddie Bosworthب‭ ‬وهو‭ ‬اسكتلندي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬طيارا‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الملكية‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬قاعدة‭ ‬البصرة‭ ‬رقم‭ ‬203‭ ‬جاء‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬1949‭ ‬هاربا‭ ‬من‭ ‬البيروقراطية‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬وقفت‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬تحقيق‭ ‬طموحاته‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬خدمات‭ ‬جوية‭ ‬مدنية،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬رخصتي‭ ‬طيار‭ ‬تجاري‭ ‬ومهندس‭ ‬صيانة‭ ‬جوي‭.‬ في‭ ‬البحرين‭ ‬عمل‭ ‬فريدي‭ ‬في‭ ‬قاعدة‭ ‬المحرق‭ ‬الجوية‭ ‬البريطانية،‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬طموحاته‭ ‬تشده‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬مشروع‭ ‬صغير‭ ‬للتاكسي‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭. ‬ولأن‭ ‬إمكانياته‭ ‬المادية‭ ‬كانت‭ ‬متواضعة،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تكفي‭ ‬حتى‭ ‬لشراء‭ ‬قطع‭ ‬غيار‭ ‬لطائرة‭ ‬حربية‭ ‬قديمة‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬الحرب‭ ‬كان‭ ‬يمتلكها،‭ ‬فقد‭ ‬حاول‭ ‬الاقتراض‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬آنذاك‭ ‬وهو‭ ‬البنك‭ ‬الشرقي‭ ‬بنك‭ ‬ستاندرد‭ ‬تشارتر‭ ‬حاليا‭ ‬لكن‭ ‬الأخير‭ ‬رفض‭ ‬إقراضه‭ ‬دون‭ ‬ضمانات‭. ‬هنا‭ ‬قرر‭ ‬فريدي‭ ‬طلب‭ ‬المساعدة‭ ‬المادية‭ ‬من‭ ‬الوجيه‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬الذي‭ ‬عُرف‭ ‬عنه‭ ‬حبه‭ ‬للسفر‭ ‬والطيران،‭ ‬ووسّط‭ ‬لذلك‭ ‬شخصا‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬مساعدا‭ ‬ومديرا‭ ‬لأعمال‭ ‬يتيم‭. ‬تقبل‭ ‬احسين‭ ‬اليتيمب‭ ‬الفكرة‭ ‬بمزيج‭ ‬من‭ ‬الرغبة‭ ‬والرهبة‭. ‬فالمجال‭ ‬ليس‭ ‬مجاله،‭ ‬والطيار‭ ‬البريطاني‭ ‬معدم‭ ‬تقريبا‭ ‬ولا‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬حطام‭ ‬الدنيا‭ ‬سوى‭ ‬طائرته‭ ‬المعطوبة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬افيرتشايلد‭ ‬أرغوسب‭. ‬لكن‭ ‬الرغبة‭ ‬وحب‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والمغامرة‭ ‬انتصرت‭ ‬لديه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬دافعا‭ ‬إياه‭ ‬إلى‭ ‬منح‭ ‬فريدي‭ ‬مبلغا‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬200‭ ‬جنيه‭ ‬استرليني‭ ‬لشراء‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬الغيار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬طائرته‭ ‬القديمة،‭ ‬بل‭ ‬أنّ‭ ‬حماس‭ ‬يتيم‭ ‬تجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬اصطحابه‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬مركب‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قطع‭ ‬الغيار‭ ‬المطلوبة‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬أرامكو‭ ‬النفطية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تملك‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭ ‬لنقل‭ ‬عمالها‭ ‬وموظفيها‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مناطق‭ ‬أعمالها‭ ‬المترامية‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬السعودية‭.‬ الخطوة‭ ‬الثانية‭ ‬كانت‭ ‬تأسيس‭ ‬شركة‭ ‬مساهمة‭ ‬بين‭ ‬يتيم‭ ‬وفريدي‭ ‬لإطلاق‭ ‬المشروع‭ ‬الجوي‭ ‬المقترح،‭ ‬كمقدمة‭ ‬للحصول‭ ‬من‭ ‬السلطات‭ ‬الرسمية‭ ‬المختصة‭ ‬على‭ ‬رخصة‭ ‬تتيح‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬التاكسي‭ ‬الجوي‭ ‬لشركة‭ ‬نفط‭ ‬البحرين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬رحلات‭ ‬جوية‭ ‬فوق‭ ‬جزر‭ ‬البحرين‭ ‬لمن‭ ‬يرغب‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬معالمها‭ ‬مقابل‭ ‬عشر‭ ‬روبيات‭ ‬للراكب‭ ‬الواحد‭. ‬وفي‭ ‬سبتمبر‭ ‬1949‭ ‬حمل‭ ‬يتيم‭ ‬وفريدي‭ ‬مشروعهما‭ ‬إلى‭ ‬عظمة‭ ‬حاكم‭ ‬البلاد‭ ‬الاسبق‭ ‬الشيخ‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬موافقته‭. ‬وحينما‭ ‬أخذ‭ ‬الشيخ‭ ‬سلمان‭ ‬رأي‭ ‬مستشاره‭ ‬السير‭ ‬تشالز‭ ‬بلغريف‭ ‬تحمس‭ ‬له‭ ‬الأخير‭ ‬كثيرا،‭ ‬موضحا‭ ‬أنه‭ ‬مشروع‭ ‬سيفتح‭ ‬أبواب‭ ‬الاستثمار‭ ‬لرجال‭ ‬الأعمال‭ ‬الوطنيين،‭ ‬ويتيح‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬فرصة‭ ‬الريادة‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطيران‭ ‬التجاري،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬كانت‭ ‬رحلاتها‭ ‬وقتذاك‭ ‬محصورة‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬السعودي‭.‬ وهكذا‭ ‬تم‭ ‬منح‭ ‬الترخيص‭ ‬للمشروع‭ ‬وسُجلت‭ ‬شركته‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬تحت‭ ‬إسم‭ ‬اشركة‭ ‬الخليج‭ ‬للطيران‭ ‬اThe Gulf Aviation Companyب،‭ ‬لكن‭ ‬فريدي‭ ‬قام‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬1950‭ ‬بإعادة‭ ‬تسجيل‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬لدى‭ ‬هيئة‭ ‬الطيران‭ ‬المدني‭ ‬لمجلس‭ ‬التجارة،‭ ‬وهي‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتولى‭ ‬الاشراف‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬الطيران‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬آنذاك،‭ ‬كشركة‭ ‬مساهمة‭ ‬يملك‭ ‬هو‭ ‬وزوجته‭ ‬مارجوري‭ ‬خمسين‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬أسهمها،‭ ‬ويملك‭ ‬باقي‭ ‬الاسهم‭ ‬شركاء‭ ‬بحرينيون‭ ‬في‭ ‬مقدمتهم‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬الذي‭ ‬إستخدم‭ ‬لاحقا‭ ‬علاقاته‭ ‬وصلاته‭ ‬بنظرائه‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وقطر‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ليحثهم‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭ ‬وتوسعة‭ ‬المشروع‭ ‬المتواضع‭ ‬الذي‭ ‬بدأه‭ ‬فريدي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬إقناع‭ ‬الوجيه‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬القصيبي‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬المشروع‭. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬تسجيل‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬لم‭ ‬تواجه‭ ‬أي‭ ‬صعوبات‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬لأن‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الملكية‭ ‬البريطانية‭ ‬المرابطة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬شجعت‭ ‬المعنيين‭ ‬بالأمر‭ ‬في‭ ‬بلادها‭ ‬على‭ ‬تسهيل‭ ‬مهمة‭ ‬فريدي‭ ‬وذلك‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬الخدمات‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تسهيل‭ ‬تنقل‭ ‬الشخصيات‭ ‬الرسمية‭ ‬والخبراء،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تسهيل‭ ‬توزيع‭ ‬البريد‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬وقطر‭ ‬وعمان‭ ‬ومشيخات‭ ‬الساحل‭ ‬المتصالح،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إعفاء‭ ‬القوات‭ ‬الملكية‭ ‬البريطانية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬الشاقة‭. ‬ ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬خطوة‭ ‬تدشين‭ ‬اشركة‭ ‬الخليج‭ ‬للطيرانب‭ ‬رسميا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1949،‭ ‬وقيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬ببدء‭ ‬خدماتها‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬1951‭ ‬عبر‭ ‬تسيير‭ ‬رحلات‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الدوحة‭ ‬والشارقة‭ ‬أولا‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬الظهران‭ ‬لاحقا،‭ ‬خلقت‭ ‬الثقة‭ ‬لدى‭ ‬عموم‭ ‬البحرينيين‭ ‬حول‭ ‬النقل‭ ‬الجوي،‭ ‬وأزالت‭ ‬عنهم‭ ‬مشاعر‭ ‬الرهبة‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الوسيلة‭ ‬العصرية‭ ‬للسفر،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬مهد‭ ‬السبيل‭ ‬أمام‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬توسعة‭ ‬المشروع‭ ‬وتطويره‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬تحرك‭ ‬السيد‭ ‬احسين‭ ‬علي‭ ‬يتيمب،‭ ‬مستخدما‭ ‬صفته‭ ‬كمؤسس‭ ‬ومساهم‭ ‬وممثل‭ ‬ل‭ ‬اشركة‭ ‬الخليج‭ ‬للطيرانب‭ ‬للتفاوض‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬البريطانية‭ ‬لما‭ ‬وراء‭ ‬البحار‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعرف‭ ‬اختصار‭ ‬باسم‭ ‬ابي‭ ‬أو‭ ‬إيه‭ ‬سي‭ ‬BOACب‭ ‬بهدف‭ ‬عقد‭ ‬اتفاقية‭ ‬مع‭ ‬الأخيرة‭ ‬تتولى‭ ‬بموجبها‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬والفني‭ ‬والتدريبي‭ ‬للشركة‭ ‬الوليدة‭. ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬يتيم‭ ‬في‭ ‬مسعاه،‭ ‬حيث‭ ‬وقع‭ ‬الجانبان‭ ‬إتفاقا‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬1951‭ ‬تضمن‭ ‬تقديم‭ ‬الشركة‭ ‬البريطانية‭ ‬مساعدة‭ ‬مادية،‭ ‬وإرسال‭ ‬أطقم‭ ‬الضيافة‭ ‬المدربة‭ ‬والفنيين‭ ‬إلى‭ ‬البحرين،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬عززت‭ ‬مكانة‭ ‬شركة‭ ‬الخليج‭ ‬للطيران‭ ‬كناقلة‭ ‬إقليمية‭ ‬معتبرة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬نجد‭ ‬تجلياته‭ ‬في‭ ‬حصولها‭ ‬في‭ ‬ابريل‭ ‬1951‭ ‬على‭ ‬أول‭ ‬طائرة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ثلاث‭ ‬طائرات‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬ادي‭. ‬إتش‭. ‬86‭ ‬بيب‭ ‬ذات‭ ‬المحركات‭ ‬الأربع‭ ‬والتي‭ ‬تتسع‭ ‬لعشرة‭ ‬ركاب‭.‬ وبما‭ ‬أنّ‭ ‬طموحات‭ ‬فريدي‭ ‬كانت‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭ ‬كطموحات‭ ‬شريكه،‭ ‬فإننا‭ ‬نراه‭ ‬يشير‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬على‭ ‬السيد‭ ‬احسين‭ ‬علي‭ ‬يتيمب‭ ‬بضرورة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬طائرات‭ ‬أكبر‭ ‬حجما‭ ‬وأحدث‭ ‬صناعة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬ادي‭ ‬هافيلاند‭ ‬دوفب‭. ‬غير‭ ‬أنّ‭ ‬هذا‭ ‬الاقتراح‭ ‬الذي‭ ‬وافق‭ ‬عليه‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬شركة‭ ‬الخليج‭ ‬للطيران،‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬أودى‭ ‬بحياة‭ ‬فريدي‭ ‬قبل‭ ‬أنْ‭ ‬يحقق‭ ‬كل‭ ‬طموحاته‭. ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬إنجلترا‭ ‬بنفسه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجربة‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الطائرات‭ ‬قبل‭ ‬إبرام‭ ‬صفقة‭ ‬حولها،‭ ‬وبينما‭ ‬كان‭ ‬يحلق‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬لندن‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬1951‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬تجريبية،‭ ‬سقطت‭ ‬به‭ ‬ولقي‭ ‬حتفه‭. ‬وبغياب‭ ‬فريدي‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭ ‬تملكت‭ ‬شركة‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬البريطانية‭ ‬لما‭ ‬وراء‭ ‬البحار‭ ‬حصة‭ ‬الأخير‭ ‬فصارت‭ ‬مالكة‭ ‬لنصف‭ ‬أسهم‭ ‬شركة‭ ‬الخليج‭ ‬للطيران‭. ‬وحينما‭ ‬قررت‭ ‬حكومات‭ ‬البحرين‭ ‬وقطر‭ ‬وأبوظبي‭ ‬وسلطنة‭ ‬عمان‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬1974‭ ‬تأسيس‭ ‬ناقلة‭ ‬خليجية‭ ‬موحدة‭ ‬لدولها‭ ‬كان‭ ‬الإنطلاق‭ ‬من‭ ‬اشركة‭ ‬الخليج‭ ‬للطيرانب‭ ‬التي‭ ‬تحول‭ ‬إسمها‭ ‬إلى‭ ‬اطيران‭ ‬الخليج‭ ‬Gulf Airب،‭ ‬وظل‭ ‬السيد‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬إدارتها‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ربع‭ ‬قرن‭.‬ وللوجيه‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬دور‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬وسيلة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬المواصلات‭ ‬هي‭ ‬السيارات‭. ‬ففي‭ ‬زيارته‭ ‬الثانية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1946‭ ‬قام‭ ‬برحلة‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬أصدقائه‭ ‬الامريكيين‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك‭ ‬على‭ ‬الساحل‭ ‬الشرقي‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬على‭ ‬الساحل‭ ‬الغربي‭ ‬مستخدمين‭ ‬سيارة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬استودبيكر‭ ‬Studebakerب‭. ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬جودة‭ ‬المركبة‭ ‬وقوة‭ ‬تحملها‭ ‬أغرته‭ ‬بأن‭ ‬يصبح‭ ‬وكيلا‭ ‬لمصنعيها‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬فكان‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬أراد‭.‬ إلى‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬ذكره‭ ‬عُرف‭ ‬عن‭ ‬الوجيه‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬تعلقه‭ ‬الشديد‭ ‬بالطبيعة‭ ‬والزراعة‭. ‬ونجد‭ ‬تجليات‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬قيامه‭ ‬ببناء‭ ‬أول‭ ‬مجمع‭ ‬سكني‭ ‬غناء‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬زحدائق‭ ‬يتيم‭ ‬The Yateem Gardensس،‭ ‬وهو‭ ‬مجمع‭ ‬سكني‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬المنامة‭ ‬ويحتضن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفلل‭ ‬الجميلة‭ ‬المحاطة‭ ‬بالحدائق‭ ‬وأشجار‭ ‬النخيل‭ ‬والمياه‭ ‬العذبة،‭ ‬ويقيم‭ ‬فيه‭ ‬صاحبه‭ ‬مع‭ ‬أسرته‭ ‬منذ‭ ‬أوائل‭ ‬السبعينات‭ ‬الميلادية‭. ‬ودليلنا‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬عشق‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬للبيئة‭ ‬الخضراء‭ ‬وحرصه‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬المساس‭ ‬بها‭ ‬أنه‭ ‬رفض‭ ‬رفضا‭ ‬قاطعا‭ ‬فكرة‭ ‬إزالة‭ ‬مساحات‭ ‬خضراء‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬أشجار‭ ‬النخيل‭ ‬المثمرة‭ ‬في‭ ‬مجمعه‭ ‬السكني‭ ‬آنف‭ ‬الذكر‭.‬ وفي‭ ‬خطوة‭ ‬جريئة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الوجيه‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬لتقديم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متطور‭ ‬وغير‭ ‬تقليدي‭ ‬لمواطنيه‭ ‬البحرينيين‭ ‬وضيوفهم،‭ ‬قام‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1981‭ ‬ببناء‭ ‬أول‭ ‬مجمع‭ ‬تجاري‭ ‬للتسوق‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬سوق‭ ‬المنامة‭ ‬القديم‭. ‬وقد‭ ‬حرص‭ ‬في‭ ‬مشروعه‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عصريا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التصميم‭ ‬الهندسي،‭ ‬وبانوراميا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المشهد،‭ ‬ومحتويا‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الراحة‭ ‬كالتكييف‭ ‬المركزي،‭ ‬والسلالم،‭ ‬ومواقف‭ ‬السيارات‭ ‬تحت‭ ‬الأرض،‭ ‬والمصاعد‭ ‬الكهربائية‭ ‬الرابطة‭ ‬بين‭ ‬أدواره‭ ‬الثلاث،‭ ‬وجامعا‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬واحد‭ ‬لمتاجر‭ ‬تعرض‭ ‬مختلف‭ ‬السلع‭ ‬والبضائع‭ ‬والخدمات‭ ‬الملبية‭ ‬لكافة‭ ‬الأذواق‭ ‬والاحتياجات‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬مستثمرين‭ ‬آخرين‭ ‬باستنساخ‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬وبطرق‭ ‬ووسائل‭ ‬أكثر‭ ‬فخامة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬امجمع‭ ‬يتيم‭ ‬التجاريب‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬له‭ ‬طابعه‭ ‬الخاص‭ ‬المستمد‭ ‬من‭ ‬عبق‭ ‬الماضي‭ ‬القريب،‭ ‬وعبق‭ ‬الماضي‭ ‬البعيد‭ ‬المتجسد‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬حوله‭ ‬من‭ ‬أزقة‭ ‬ومتاجر‭ ‬ومقاه‭ ‬شعبية‭ ‬عتيقة‭.‬ وخلاصة‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬النجاحات‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬الوجيه‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وخارجها‭ ‬لئن‭ ‬كانت‭ ‬بسبب‭ ‬طموحه‭ ‬وعزيمته‭ ‬وإرادته‭ ‬الصلبة‭ ‬وروح‭ ‬المغامرة‭ ‬والمبادرة‭ ‬اللصيقة‭ ‬بشخصه‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أولى،‭ ‬ثم‭ ‬بسبب‭ ‬تمسكه‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬والتزامه‭ ‬بالعمل‭ ‬المتواصل‭ ‬دون‭ ‬كلل‭ ‬أو‭ ‬ملل‭ ‬أو‭ ‬تفكير‭ ‬في‭ ‬التقاعد‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ ‬فإنها‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثالثة‭ ‬بسبب‭ ‬انفتاحه‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬الغربية‭ ‬والعلوم‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكرة،‭ ‬واتقانه‭ ‬للغة‭ ‬الانجليزية،‭ ‬لغة‭ ‬العصر‭ ‬والاتصالات‭ ‬والتواصل‭ ‬والمال‭ ‬والأعمال‭. ‬ومما‭ ‬يُذكر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬حينما‭ ‬رافق‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1951‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬عظمة‭ ‬الشيخ‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حاكم‭ ‬البلاد‭ ‬الأسبق‭ ‬إلى‭ ‬بريطانيا‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬احتفالات‭ ‬تتويج‭ ‬الملكة‭ ‬إليزابيث‭ ‬الثانية،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬قلدته‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬أحد‭ ‬أرفع‭ ‬أوسمتها،‭ ‬إلتقى‭ ‬برئيس‭ ‬وزراء‭ ‬بريطانيا‭ ‬الأشهر‭ ‬سير‭ ‬ونستون‭ ‬تشرتشل‭ ‬خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬الأخير‭ ‬بالمغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭. ‬ويصف‭ ‬الوجيه‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬فيقول‭ ‬أن‭ ‬تشرتشل‭ ‬تقدم‭ ‬منه‭ ‬قائلا‭: ‬اإذنْ‭ ‬أنت‭ ‬الشاب‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬يتقن‭ ‬التحدث‭ ‬بالانجليزيةب‭.‬ على‭ ‬أنّ‭ ‬تشرتشل‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬مشاهير‭ ‬التاريخ‭ ‬المعاصر‭ ‬الذين‭ ‬التقى‭ ‬بهم‭ ‬يتيم‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬شبابه‭. ‬إذ‭ ‬التقى‭ ‬أيضا‭ ‬بالرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬فرانكلين‭ ‬روزفلت‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭.‬ وخلال‭ ‬مسيرته‭ ‬العملية‭ ‬الحافلة‭ ‬بالانجازات‭ ‬الباهرة‭ ‬وضع‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬خدمة‭ ‬وطنه‭ ‬البحرين‭ ‬دوما‭ ‬نصب‭ ‬عينيه،‭ ‬لذا‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬سيرته‭ ‬الذاتية‭ ‬أدلة‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المشاركين‭ ‬الدائمين‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭. ‬فإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عضويته‭ ‬لنحو‭ ‬ربع‭ ‬قرن‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬البلدي‭ ‬للعاصمة‭ ‬المنامة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬أسلفنا،‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬مؤسسي‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬وأحد‭ ‬رؤسائها‭ ‬سابقا‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬مؤسسي‭ ‬أول‭ ‬بنك‭ ‬وطني‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وهو‭ ‬بنك‭ ‬البحرين‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬فيه‭ ‬منصب‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭. ‬وأحد‭ ‬مؤسسي‭ ‬شركة‭ ‬البحرين‭ ‬للفنادق‭ ‬مالكة‭ ‬فندق‭ ‬الخليج‭ ‬الذي‭ ‬أفتتح‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬كأول‭ ‬فندق‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬الخمس‭ ‬نجوم‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬ واحسين‭ ‬يتيمب‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬مؤسسي‭ ‬جمعية‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬تولى‭ ‬رئاستها‭ ‬لمدة‭ ‬خمسة‭ ‬أعوام‭. ‬هذا‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬ضمن‭ ‬كبار‭ ‬الداعمين‭ ‬لمشروع‭ ‬تأسيس‭ ‬أكبر‭ ‬مكتبة‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬عيسى‭ ‬الثقافي‭ ‬وملحقاته‭ ‬من‭ ‬صالات‭ ‬وقاعات‭ ‬للمؤتمرات،‭ ‬كما‭ ‬انه‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬أنشأ‭ ‬وافتتح‭ ‬مصانع‭ ‬عديدة‭ ‬للغازات‭ ‬مثل‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬المستخدم‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬المشروبات‭ ‬الغازية‭ ‬كالنامليت‭ ‬وسينالكو‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1954‭. ‬ثم‭ ‬قام‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1960‭ ‬بتأسيس‭ ‬مصانع‭ ‬أخرى‭ ‬للغازات‭ ‬الطبية‭ ‬والصناعية‭ ‬مثل‭ ‬الأكسجين‭ ‬والنتروجين‭ ‬والأرغون‭.‬ إلى‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬قام‭ ‬الرجل‭ ‬بإنشاء‭ ‬امركز‭ ‬عائشة‭ ‬يتيم‭ ‬للإرشاد‭ ‬الأسريب‭ ‬على‭ ‬نفقته‭ ‬الخاصة‭. ‬وهذا‭ ‬المركز‭ ‬تتولى‭ ‬إدارته‭ ‬اجمعية‭ ‬نهضة‭ ‬فتاة‭ ‬البحرينب‭ ‬التي‭ ‬أسستها‭ ‬المغفور‭ ‬لها‭ ‬حرم‭ ‬حسين‭ ‬يتيم‭ ‬السيدة‭ ‬عائشة‭ ‬يتيم‭.‬ وإنْ‭ ‬كانت‭ ‬لنا‭ ‬كلمة‭ ‬نلخص‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سردناه‭ ‬عن‭ ‬الوجيه‭ ‬احسين‭ ‬يتيمب‭ ‬فإنها‭ ‬لن‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬وصفه‭ ‬بالرجل‭ ‬الذي‭ ‬خدم‭ ‬البحرين‭ ‬بكل‭ ‬جهد‭ ‬وإخلاص،‭ ‬وجعل‭ ‬حياة‭ ‬البحرينيين‭ ‬أكثر‭ ‬سلاسة‭ ‬ورفاهية‭ ‬وأقل‭ ‬صعوبة‭.‬

مشاركة :