تقرير السي، آي، إيه تمخض الجبل فولد فأرًا

  • 3/3/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

شحذوا أقلامهم وأعدوا برامجهم وهيئوا ضيوفهم وفتحوا استوديوهاتهم وجهزوا فضائياتهم بانتظار «التقرير» المرتقب في اليوم الموعود. فإذا بفائض خيبتهم يصدم أحلامهم ويقوض استعداداتهم ويحطم آمالهم في «الضربة القاضية» التي كانوا يمنون النفس بها، وتحول التقرير الموهم إلى كابوسٍ ثقيل، فتوقف الرقص على عقارب ساعته وتحولت الصدمة الذاتية إلى شعارٍ يلهب في فضائياتهم وفوق صفحاتهم ويمج دمًا ملوثًا من كلماتهم وحبرًا مسمومًا من أقلامهم. لا بأس هي الصدمة، ولا بأس هي الخيبة، ولا بأس هو الوجع والرضة النفسية بلغت فيكم مبلغًا فظيعًا. فلا هو بالتقرير الذي يُعتد به، وهو أقرب إلى مقالٍ صحفي دعائي مدفوع الأجر يقوم على كلماتٍ مثل «نرجع ومن المحتمل، ونقدر، ونبني» وهي كلماتٌ فضفاضة وهلامية لا يمكن عمليًا أن يحتويها «تقرير» حسب مفاهيم وأصول التقارير التي عرفها العالم طوال عقودٍ من الزمان. السي، آي، إيه وضعت نفسها في ورطة، لذا أشفق الرئيس الأمريكي السابق ترمب عليها من أن تظهر خيبتها للعالم علنًا فمنع نشر التقرير، ليأتي الرئيس الجديد بايدن فيرفع «المنع» ويسمح بنشره نكايةً في ترمب ولكسب ورقة حرية التعبير أمام خصمه، لكنه لم يعلم ولم يُقدر مدى ضرر السمعة التي تسبب بها بالسماح بنشر ما سمي «تقريرًا». اهتزت صورة المؤسسة الضخمة والكبيرة وذهل العالم من مستوى إعداد «تقريرها» المزعوم، ما دفع الصحافة والمعلقين إلى التفتيش في أوراق خيباتها السابقة، فهي اسم أكبر من حقيقتها ومن قدراتها، وهي كما قال أحد المعلقين «بالون منفوخ». واستذكرنا حادثة اغتيال الرئيس الامريكي جون كنيدي قبل 58 عامًا والتي ظلت غامضةً فتكشف عجز السي، آي، إيه عن الوصول للقاتل أو القتلة لرئيس بلادها وفي جريمةٍ وقعت على أرض أمريكية خرجت لتستقبله ذلك اليوم وبين حراسة ورجال الشرطة والأمن وعناصر من السي، آي، إيه نفسها كانوا متواجدين في تلك اللحظة. وهي ليست الحادثة أو الجريمة الوحيدة التي تخيب وتفشل السي، آي، إيه في كشف ملابساتها والقبض على الجناة فيها، فحوادث اغتيال عديدة لشخصيات وسياسيين وحقوقيين أمريكيين مازالت حتى بلا «تقارير» تكشف عن الجناة في جرائم وقعت بين ظهرانينا السي، آي، إيه وفوق الأراضي الأمريكية، فمن أين نزلت عليها عبقرية المهنية هذه المرة لتزعم الكشف عن تفاصيل جريمةٍ وقعت في بلاد بعيدة عن بلادها ولمواطن ليس امريكيًا وفي ظروف لا تعلم عنها شيئًا بدليل اعتماد «تقريرها» على مقالاتٍ صحفية قديمة نشرت في العام 2018 وأعادت تلخيصها ونشرها تحت عنوان «تقرير». فهل نحن أمام حالة هذيان تعتري مؤسسات كبرى أم أن ثمة حالة خديعة؟؟ فمن خدع من لأن حبكة السيناريو خسر فيها من دفع ومن قبض. كما إن الترقيع بالتصعيد الذي تتبناه أطراف في إدارة جو بايدن لأهداف تخدم أجندتها المعروفة سلفًا لن يعود على إدارة بايدن إذا ما انساقت أو استسلمت لما تريد هذه الأطراف إلا بخساراتٍ على كل صعيد. والتقرير المزعوم أسدل الستار على «قميص خاشقجي» الذي يبدو إن جهاتٍ وأطرافًا وجماعات مفلسة تخرجه كلما زاد الفلس الذي تعانيه وتكابده. وأخيرًا نقول لها ما قالت العرب «ما هكذا تورد الإبل»، فقد تمخض جبلكم فولد فأرًا، ومن المستحيل أن يستطيع الفأرُ أن يكون حصانًا يطارد الريح. فاللعبة أكبر من اللاعبين بها، ومكر التاريخ لم يعلمكم الدرس البليغ، فهل تعلمكم خيبة «التقرير» الدرس؟؟

مشاركة :