في كثير من المجتمعات العربية؛ كانت خرافة «حوتة القمر» شائعة ومصدقة ومؤثرة في مخاوف الناس. والساحل الشرقيّ السعودي جزءٌ من المجتمعات العربية التي أخذت فكرة أن حوتاً ضخماً يبتلع القمر على محمل الجد. وليلة خسوف القمر؛ يأخذهم الرُّعب، ويهرعون إلى مساعدة القمر على الخروج من بطن الحوت، عبر طرق أداة «الهاونْ» وترديد نشيدٍ غريب، حتى ينتهي الخسوف. وعندها يظنُّون أنهم انتصروا على الحوت انتصاراً ظافراً. هذه الخرافة ذات منشأ قديم جداً، وفي الجزيرة العربية كانت موجودة قبل الإسلام، ويذكر الباحثون أن «عرب الجاهلية الأولى يعتقدون أن القمر في ضائقة أو أسر فكانوا يضربون بالمعادن محدثين ضجيجـًا وجلبة». تتأسس القصة على أن الحوتة تخرج من عالم البحار وتبتلع القمر، ثم تعود من حيث أتت. وثمة تأصيل للخرافة/ الأسطورة يربطها بالكنعانيين. واستمرّت الأسطورة في التراث الشعبي العربيّ على الرغم من أن لا أساس لها في العلم أو الدين، قبل أن تنحسر في السنوات الأخيرة. وقبل انحسارها؛ كانت طرق التعامل معها مصدراً لمخاوف الأطفال العميقة، فما يراه الطفل من فزع لدى الكبار وما يسمعه من طرقٍ متواصل على «الهاون» لم يكن من المشاهد التي يُمكن فهمها واستيعابها. تبقى أمراً غامضاً وملفوفاً في المجهول والغيب اللذين لا منطق فيهما. ولذلك؛ فإن الدعاء على الطفل بأن تأكله حوتة القمر يعني ـ بالنسبة له ـ معايشة الرعب الذي كان الكبار يفاجئونه به في الليالي القمراء.
مشاركة :